نستكمل النقاش حول مقال العلاقات الأسرية الذي طرحناه سابقاً تحت عنوان (آباء وأبناء) وتطرقنا فيه لكتاب بعنوان (لماذا يقودك أبواك للجنون؟) لمؤلفه السيد برنيت، وهو موجه للمراهقين والآباء.

هل وضع قواعد أسرية مخالف لطبيعة الأسرة؟ هل الأسرة بطبيعتها منتظمة وملتزمة بسلوكيات أو مبادئ بدهية صادقة لا تحتاج إلى قرارات واتفاقيات؟ أسئلة نجد إجاباتها داخل حياة الأسر وهي حياة يصعب اختراقها للتعرف على واقعها ليس من حيث الحب والعلاقات الأسرية الإنسانية والتكافل، فهذه في الغالب أساس ثابت في كل الأسر، ولكن من حيث إدارة الأسرة وتفاصيلها وآداب السلوك.

الأسرة تقوم على أسس وقيم لا تتحقق بالنصائح ولكنها طبيعة الأسرة، فهل تحتاج الأسرة إلى قواعد أو نظام؟

العلاقات الأسرية الطبيعية عنوانها الحب والتعاون والتكافل والاحترام والعطاء. هذه هي القيم الثابتة في بيئة الأسرة. ماذا عن التفاصيل والقواعد التنظيمية؟ ماذا لو قرر الوالدان وضع قواعد ملزمة للأسرة، مثل ما يلي:

  • مشاركة أفراد الأسرة في أعمال المنزل.

  • احترام آداب الطعام.

  • الاهتمام بالجوانب الأمنية.

  • احترام آداب الحوار.

  • الشفافية. أخبار عن العمل، الأصدقاء، الأحداث.. إلخ.

  • التواصل المستمر، أين أنت؟ متى ستعود؟

  • الفضفضة لأفراد الأسرة.

  • تعزيز السلوك الإيجابي.

  • ثقة الوالدين بالأبناء والتوقعات الإيجابية.

  • التعامل مع الأخطاء بحكمة.

  • التدريب على التحكم بالغضب.

  • ممارسة أنشطة مشتركة بين أفراد العائلة.

  • تطبيق مبدأ التشاور في اتخاذ القرارات.

  • المحافظة على العلاقات العائلية والمشاركة في المناسبات.

  • الالتزام بالاجتماعات الأسرية.

  • النوم والاستيقاظ في أوقات محددة.

هل من المتوقع التزام الأبناء بمختلف الأعمار بهذه القواعد؟ هل يمكن القول إن هذا الالتزام ممكن إذا بدأ التطبيق في مرحلة الطفولة؟

الكتابات المرتبطة بهذا الموضوع تتجه نحو المقارنة بين مجتمع وآخر، وفي هذا الشأن يطرح علماء الاجتماع والتربويون في المجتمعات الغربية أسئلة حول الأسرة في بعض المجتمعات الغربية وما يحيط بها من مخاطر بسبب الهوس بمبدأ الحرية.

فائدة هذا الكتاب للوالدين من الكتاب المشار إليه تكمن في توعيتهم بأهمية غرس ثقافة الحوار والعمل الجماعي وتنمية مبدأ المسؤولية وتعزيز سلوك المشاركة. هذا يتطلب من الآباء عدم تكرار ما قاموا ويقومون به وما حققوه من خدمات وإنجازات على مسامع الأبناء، فقد يؤدي ذلك إلى شعور بالإحباط يسيطر على الأبناء في سبيل الوصول إلى الصورة المثالية الماثلة أمامهم معتقدين أن الآباء يفهمون كل شيء ويقدرون على كل شيء، وهذا أمر مستحيل لأنهم بشر. وقد يتسبب هذا الشعور في إحداث فجوة بين الآباء والأبناء.

أما بالنسبة للأبناء الذين يرد ذكرهم في الكتاب بمسمى المراهقين فإن القراءة الإيجابية للكتاب تتطلب تعزيز الاتجاهات الإيجابية نحو الوالدين وإدراك أن احترامهم لا يعني إلغاء حقهم في التعبير، وإبداء آراء مختلفة. التحدي الأسري هو قوة العلاقة العائلية والإنسانية وممارسة مبادئ التقدير والاحترام والمساندة بين أفراد الأسرة. هذه العلاقة الأسرية الإيجابية وإن كانت مسؤولية تربوية للوالدين تبدأ من مرحلة الطفولة، إلا أنها أيضاً مسؤولية تشترك فيها المدرسة والمجتمع الكبير بشكل عام.