سجّل مجلس التعاون لدول الخليج العربية حضوراً جديداً، وبرز إلى الواجهة الإعلامية قبل يومين بإعلانه رؤية المجلس للأمن الإقليمي التي اعتمدها حكام الدول الست الأعضاء، وتم إعلان مبادئها وأهدافها في وسائل الإعلام، لتنعش الآمال والتطلعات بأن يكون المجلس في مستوى التحديات التي تواجهها دوله كمنظومة مهمة على المستوى الإقليمي والدولي، لا سيما في هذه المرحلة.

بلا شك أن إنشاء المجلس منذ 43 عاماً كان قراراً استراتيجياً تأريخياً في توقيت حساس، وكان إنشاؤه ضرورة حتمية لتشكيل كتلة ذات ثقل اقتصادي وسياسي، تربطها مشتركات تأريخية واجتماعية وثقافية، وظروف متشابهة، وبإمكانها من خلال العمل الجماعي والتنسيق المشترك أن تكون أقوى من كونها منفردة. وكان النظام الأساسي للمجلس طموحاً ومبشراً وواعداً بتوحيد كثير من الإجراءات والأنظمة بين دوله على كل الأصعدة، بل إن الطموح لدى بعض المسؤولين في دوله وصل في مرحلة ما إلى الحديث عن إمكانية تحقيق الكونفدرالية، وللحق والحقيقة فإن نموذج المجلس بكل ما له وما عليه كان وما زال أفضل تجربة عربية عملية واقعية للتعاون، أثبتت منطقيتها وجدواها وقدرتها على إقناع شعوبها، رغم بعض الاختلافات المرحلية في وجهات النظر حيال بعض القضايا والملفات، وتأخر بعض المبادرات.

الآن تختلف المرحلة التي يعيشها العالم عما قبل، إذ يبرز فيها الأمن كأولوية تتقدم كل ما عداها، وتؤكد ذلك الأحداث التي مرت بها دول كثيرة خلال العقدين الماضيين، والأحداث التي استجدت وتمثل إرهاصات لمستقبل يصعب تحديد ملامحه بوضوح. ولذلك يُحمد للمجلس انتباهه للموضوع الأمني بإعلانه الرؤية الأمنية المشتركة، والتي نأمل أن تلتزم بتطبيقها كل دول المجلس من منطلق تغليب المصلحة العامة المشتركة لدوله وشعوبها، وليس الحسابات الخاصة، لا سيما في قضية الأمن التي لا تحتمل التغريد المنفرد خارج السرب.