في شواطئ أنغيلا المشمسة في جزر الكاريبي، حيث الأمواج التي تقبل كف الرمل، إذ لا ضجيج يأتي من الطرقات السريعة يحجب صوت حبات جوز الهند التي تساقط بين فترة وأخرى، تنسكب ملايين الدولارات سنويا من أكثر الأماكن غرابة، من وادي السيليكون في كاليفورنيا. ففي مقهى صغير في وادي السيليكون الذي يصطخب بالشركات الناشئة، يجتمع عدد من رواد الأعمال المتحمسين حول جهاز الحاسب المحمول بحثا عن نطاق لشركتهم الناشئة.

أصبحت أنغيلا اليوم بين مدن الإنترنت وأوديتها العريضة، النسخة الافتراضية لوادي السيليكون في الإنترنت. أصبح نطاق أنغيلا، الذي يحمل اختصار الذكاء الاصطناعي الشهير (أي آي)، الأكثر طلبا من شركات الذكاء الاصطناعي، كما لو كان بطاقة دخول لنادي خاص. إنه بيان الوصول الرقمي لكل شركة ناشئة تعبر وادي الابتكار المميت.

أصبح النطاق أشبه ما يكون بقطع الإكسسوار التي يعلقها المبادرون على شركاتهم وهم يتجولون في الشارع الرقمي الرئيس متباهين بالعلامة الملفتة للمتجولين، كساعة ثمينة أو سيارة فارهة. تقول العلامة أن صاحبها مبتكر وربما طور تطبيق ذكيا يمكن أن يجتاز اختبار تورينج بسهولة.

لم يكن في ظن أحد أن هذه الجزيرة الصغيرة في منطقة البحر الكاريبي، ستكون محط أنظار العالم حيث يتداول رمزها الشبكي في مزادات العالم. جنة استوائية اشتهرت بشواطئها المذهلة تشتهر اليوم بمساهمتها في مجال الذكاء الاصطناعي، يمر النطاق على ألسنة المستثمرين لا في سياق الإجازة الصيفية المزينة بالملابس الرهيفة والنظارات الشمسية، إنما بالبدلات الداكنة وربطات العنق المعقودة بإحكام في أكثر النقاشات جدية في اقتصاد أحد مصادر دخله نطاقه الشهير.

استخدمت حكومة أنغيلا الدخل الذي أشبه ما يكون بالكنز المدفون أموال النطاق في توفير العلاج مجانا لمواطنيها المسنين، وبناء مدارس جديدة ومراكز للتدريب المهني لمواطنيها. الدخل الذي يقدر بـ35 مليون دولار سنويا مرشح للزيادة، تنوي الحكومة استثماره في تحسين البنية التحتية، بعد أن تأثر دخلها من السياحة بعد جائحة كورونا.

المفارقة الطريفة أن التقنية التي تتجاوز حدود الجغرافيا والتاريخ، محصورة اليوم في نطاق جغرافي صغير. المدن التي تبنى افتراضيا بالشركات الناشئة لا تشبه الجزيرة بشيء، فهي ذات شواطئ مليئة بظلال الأشجار المنحنية مع الرياح، والشركات التي تستضيفها تبني ناطحات سحب رمادية من الشفرات المصدرية الجافة التي تتشابك أغصانها باللغة والرياضيات.

في النهاية، الحكاية الساحرة للذكاء الاصطناعي تتضمن فصولا من الخيال المفرط في جنونه. إنه تذكير بأن القطاع المدفوع بالمنطق والخوارزميات، لا يزال قابلا لتعصف به النزوات، والمصادفات، وربما قليلا من خلق الطاووس. نطاق أنغيلا، الجسر غير المقصود بين الذكاء الاصطناعي والجزيرة الفاتنة، دليل أن الإنترنت يخفي في قبعته الطويلة مزيدا من المفاجآت.