قبل اثني عشر عاماً، في فبراير 2012، كان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، يشارك مجموعة من الشباب والشابات في تشجير وغرس الشتلات في عدد من جبال منطقة وادي الحلو، وفي المناسبة قال سموه: «سيتم في شهر إبريل المقبل إطلاق مجموعة كبيرة من الحيوانات في (محمية الحفيّة) في مدينة كلباء تشمل جميع أنواع الحيوانات الجبلية والصحراوية وحتى البحرية، لتشكّل هذه المحمية مزاراً لكثير من الأهالي وزوّار الدولة».

اليوم، في الحفيّة بحيرة على مساحة واسعة، ومدرّجات وسطوح جبلية وممرّات أفقية متوازية ضمن هندسة علمية دقيقة، ووراء كل هذا الإبداع في المكان رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة؛ استناداً إلى معرفة سموه بعلم الجغرافيا والطبيعة الجيولوجية في الإمارات وفي المنطقة.

يعرف سموه مكانه وأهل مكانه، ويعرف علمياً وبحثياً المكان الذي يصلح لتشييد صرح علمي أو سياحي أو ثقافي، ومرة ثانية في ضوء ثقافته الجغرافية وتاريخ المكان المائي والزراعي والبيئي بشكل عام.. عدْ إلى قراءة الجزء الثالث من «أحاديث صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة» لتعرف لماذا البحيرة في الحفيّة، ولماذا المحميّات في واسط وفي مليحة، وفي الرفيسة، ولماذا معلّقات الشجر والماء، ولماذا بنك البذور... كل هذه الإنجازات المحققة تصدر عن ثقافة متخصصة أولاها سموه اهتماماً بحثياً منذ سنوات طويلة، وها هي هذه الثقافة تنتج كل هذه اللغة التي تتحدث بها الإمارات بلسان وطني فصيح.

بحيرة الحفيّة، ليست فقط مؤالفة جغرافية جمالية تشكيلية بين الماء وحجر الجبل، بل هي أيضاً انعكاس لثقافة محلية تتجلّى فيها روح المكان، ولعلّ الشجر هو بعض أسماء هذه الروح.. يقول صاحب السمو حاكم الشارقة: «إن الشجرة الصغيرة تقوم عندما تشعر بأنها غير قادرة على الاستمرار والعيش ومدّ جذورها في الأرض والامتداد فيها بإنتاج بذرة واحدة فقط حتى تحافظ على نفسها»، وحين تجول ببصرك إلى طلائع الأشجار في الجبال المحيطة ببحيرة الحفيّة، تستعيد قول سموه حول مكوّنات هذه الأرض، ومنها الجبل، ولا يمكن هدم الجبل أو تشويه شكله، وإذا نظرنا إلى جبال مناطق إمارة الشارقة، كما يقول سموه، تجدها سليمة؛ لأنه ممنوع أن يمسّها أي شخص «الأحاديث: الجزء الثالث، صفحة 156».

يُحيلنا افتتاح (بحيرة الحفيّة) إلى قراءة ثقافية في رؤية سلطان الجغرافية والمكانية، كما تُحيلُنا البحيرة إلى قراءة تالية في ثقافة الجبال. غداً أواصل..