نشرت الروائية العراقية إنعام كجه جي على صفحتها في منصة فيسبوك صورة أرسلتها لها قارئة قالت إنها لا تعرفها وإنها من جبال زاغروس القريبة من شيراز، والصورة للقارئة وهي مستلقية على الأرض وقد غطت وجهها برواية «النبيذة» في نسختها الفارسية. معروف أن هذه الرواية قد وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية في دورتها الثانية عشرة عام 2019، والتي أثار تسريب نتائجها بواسطة أحد الصحفيين الكثير من اللغط خاصة بعد الإعلان عن فوز اللبنانية هدى بركات بالجائزة.

إنعام علقت على الصورة بالتالي: على هذه الأرض ما يستحق الفرح. معتبرة وصول روايتها إلى قراء مختلفين في أصقاع بعيدة من الأرض نعمة تستحق الفرح، ومكافأة توازي الحصول على كبرى الجوائز، ما يذكرنا بعبارة بليغة تنسب للقاص المصري يوسف إدريس يقول فيها: «أن تؤلف كتاباً، يقتنيه غريب، في مدينة غريبة. وأن يقرأه ليلاً. فيختلج قلبه، لسطرٍ يشبه حياته. ذلك هو مجد الكتابة».

إن القراء المنتشرين في جهات الأرض، هم مكافآت الكتاب وهم الجوائز الحقيقية، إنهم سلطة الاعتراف العليا بموهبته، وهم الغرباء الذين لا نعرفهم وقد لا نلتقيهم أبداً لكنهم يعرفوننا جيداً، يعرفون قلوبنا ونبض أرواحنا وكيف نفكر وماذا نحب وماذا نكره وبماذا نؤمن.. ولأنهم أذكياء فإنهم يلتقطون ملامحنا ويتعرفون علينا جيداً هناك حيث نقيم في نصوصنا، وحيث نظهر بجلاء خلف الكلمات والنقاط والفواصل والأفكار، هؤلاء القراء هم جائزة الكاتب وفرحه الحقيقي.

الروائية ماريز كوندي مواطنة من إحدى جزر الكاريبي التابعة لفرنسا، نالت الدكتوراه من جامعة السوربون وتكتب بالفرنسية، لها الكثير من الروايات إلى جانب أنها ناقدة وأستاذة جامعية وكاتبة قصص أطفال، وصلت إحدى رواياتها للقائمة القصيرة للبوكر العالمية، وعندما ذهبت لحفل التكريم اعتبرت أكبر روائية تنال الجائزة بعد أن تجاوزت الخامسة والثمانين، لقد كانت يومها تتكئ على زوجها وقد فقدت بصرها، ومع ذلك لم تتوقف عن الكتابة حتى وفاتها في 2 أبريل الجاري وقد بلغت التسعين، لقد كانت كوندي تكتب لقرائها لا للجوائز، وهذا ما جعلها تستمر برغم العمى!