كل عام وأنتم بخير. ها قد انتهى موسم المسلسلات، فهل سيكون الذين أبلوا البلاء الحسن في قتل السهرات بالإنتاج الفني، أسخياء بالنقد الصريح؟ لعل المنتجين يجدون للانحباسات الإبداعية حلولاً في رمضان المقبل؟

لكي تتغيّر الأمور نحو الأفضل، لا بدّ من البحث عن الحلول الناجعة الجذرية. لا مفرّ من انطلاق شركات الإنتاج من مبدأ أن الإبداع الفني لا يتعارض مطلقاً مع البحث العلمي ومنهجية الدراسة والتحقيق. قبل كل شيء، جمهور المشاهدين، شئنا أم أبينا، هو مجموع الشعوب العربية، والأربعمئة مليون عربي غير مسؤولين عن حجم الشركة، وضيق ذات اليد في الميزانية، وطريقة اختيار الممثلين ومحدودية المكان وأدوات الإنتاج. هذه مشكلات إدارية على المنتجين حلها بالطريقة المناسبة، مع القطاع العام أو الخاص.

ثم تأتي مسألة بالغة الأهمية، وهي بيئة المواضيع المطروحة. منطقيّاً وأخلاقيّاً، الشهر الفضيل ليس مهرجان «كان» أو القاهرة أو قرطاج. هذا شهر فريضة دينية، أيامه نهارها صوم عن الشهوات، واجتناب للرفث، وليلها فيه صلاة التراويح، فلا بد من حدّ أدنى من التجاوب بين الإنتاج الفني، وظرف زمان موسم العرض، الذي حدث أن لعبت فيه فانتازيا التنافس أدواراً تجاوزت كل المقبول المعقول ممّا يدعون إليه من حريات الرأي والتعبير. على المنتجين أن يراعوا الفرق بين الإنتاج الذي يُعرض في الفضائيات، وبين ما تكون غايته الفن للفن. الحلول ليست بهذا المستوى من الصعوبة. إذا أصرّت شركات الإنتاج على أن تكون الحرية القصوى في أقصى ما يمكن تمريره في الفضائيات العربية، بصرف النظر عن إطار الشهر الفضيل، فإن عليها عرض مسلسلاتها في غير رمضان، أو الارتماء في أحضان نتفليكس وأخواتها، فما أكثر الذين يتوقون إلى القفز على أسوار منظومات القيم التي تحرص فضائيات كثيرة على احترامها والتقيّد بها. المهم ألاّ نهدم الأسوار بذريعة الإصلاح الثقافي والاجتماعي.

ثمّة قضية رئيسية أساسية لا تقبل الجدال، وهي: ما الدليل العلمي أو الفلسفي على أن الإبداع الفني غير ممكن من دون انتهاك حرمة منظومات القيم؟

لزوم ما يلزم: النتيجة الأمليّة: إذا كان النظام العالمي كلّه في طريقه إلى التوازن، ولو بعد حين، فإن تغيير حال الإنتاج الفني من حال إلى حال، غير محال.