.. يتوقف المتابع الثقافي سواءً أكان صحفياً أو كاتباً أو معنياً بشأن صناعة النشر والكتاب عند جديد الدورة 33 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب التي جاءت هذا العام تحت شعار (هنا.. تُسرد قصص العالم)، واللّافت أولاً مشاركة 140 دار نشر تطرح إصداراتها للمرة الأولى في المعرض، وهو مؤشر إيجابي في حركة المعرض وحيويته المتزايدة من عام إلى آخر، وإلى جانب هذه المؤسسات النشرية الجديدة في المعرض نتوقف أيضاً عند مشاركة 12 دولة للمرة الأولى، وقد التقت حضارات وثقافات هذه الدول في الإمارات من أوروبا، وآسيا وأمريكا اللّاتينية، وهي فضاءات قارّية تتجاوز حالة المشاركة في المعرض إلى حالة ثقافية أوسع تتمثل في التقاء آداب ومعارف وفنون هذه القارّات مع مكوّنات الثقافة العربية في الحدث الإماراتي الدولي الذي يعكس النمو الثقافي في الدولة، وأيضاً، عالمية المكان الإماراتي الذي يستقطب كل هذه الأطياف الإقليمية والقارّية من كل جهات العالم.

المعرض، بهذه الصورة الدولية الثقافية هو بالفعل جسر حضارات وثقافات وأفكار وآداب وفنون، كما هو منتدى عالمي موسع لتجارب النشر وصناعة الكتاب والصناعات الإبداعية التي تحظى في الإمارات بدعم مادي ومعنوي موصول، وفي كل الظروف، لتكون هذه الصناعات عموداً فقرياً في القطاع الثقافي الإماراتي بأبعاده العربية والعالمية.

وإذا كان شعار المعرض يتلخص في أربع كلمات دالّة: «هنا.. تُسرد قصص العالم»، فإن واحدة على الأقل من هذه القصص هي قصة الثقافة الإماراتية ووجهها الحضاري الدولي المتمثل هنا في قطاع الترجمة في الدولة التي تنتج أعلى نسبة عناوين منقولة من اللغات الأجنبية إلى العربية، وبالعكس من العربية إلى لغات العالم، وقصة (الترجمة) في الإمارات تستحق ملفاً خاصّاً مفتوحاً على الكثير من الأفكار التي جرى تداولها قبل أيام في مؤتمر الترجمة.

سرد قصص المشاريع والمبادرات الثقافية في الإمارات في ضوء شعار المعرض يحتاج هو الآخر إلى ملف آخر، ولكن يجدر القول إن الإمارات هي بلد ثقافة أو مركز ثقافة عربي وعالمي، بدءاً من تاريخ معارض الكتب في الدولة، مروراً بالمؤسسات المحلية المعنية بالثقافة، وليس انتهاءً بالمتاحف الكبرى والجوائز الأدبية وتكريم مثقفي العرب والعالم.. وكلّها قصص نجاح.. تُسرد وتتحول على أرض الواقع إلى أمثولات عالمية.

يستقطب معرض أبوظبي الدولي للكتاب في هذه الدورة أكثر من 375 عارضاً محلياً من ناشرين وموزّعين وصنّاع كتاب، وهو مؤشر تصاعدي آخر تتلخص ترجمته في جملة تأكيدية على حركية النشر والإبداع والكتابة في الإمارات، وبالطبع، يشكل المعرض على مدى أسبوع فرصة عالمية لالتقاء كفاءات النشر في الإمارات مع كفاءات النشر الدولية، وما ينتج عن هذا التلاقي هو بالتأكيد يذهب إلى مصلحة الثقافة الإماراتية والعربية.

العالم يقرأ في الإمارات بأكثر من لغة وأكثر من لسان في إطار جمالي عظيم يجمع كل هذه اللغات بلسان العرب.. اللغة العربية التي هي دائماً عمق ثقافي وفكري لأي حدث، ومعارض الكتب وقائع جميلة دائماً في ذاكرة الدول والشعوب.