شئنا أم أبينا، علينا الاعتراف بأن أذواق الأجيال الجديدة، اختلفت عن أذواق آبائهم وأمهاتهم وأصبحت بعيدة جداً عن أذواق الأجداد بطبيعة الحال، وبالتالي تغيرت خياراتهم ونوعية مشاهداتهم التلفزيونية، فمن النادر جداً أن تجد شاباً أو مراهقاً يجلس بجانبك لمشاهدة حلقة كاملة لأي برنامج «توك شو» أو برنامج حواري. قد تغريه باقتطاع أجزاء من حوار مع نجم يحبه فيكتفي بهذا القدر ويكمل متابعته لمقاطع الفيديو على «تيك توك»، في حين حافظت الأفلام والمسلسلات على مكانتها لديهم ولدينا. والحق يقال إننا نحن أيضاً لم نعد نجد حواراً يمتعنا، ولا مذيعاً يملك القدرة على سرد أسئلته القيّمة بشكل سلس وراقٍ وانسيابي على ضيفه ليجبرك على المتابعة وأنت تشعر بمتعة وتسأل هل من مزيد؟

حاول البعض مسايرة التطور والتقرّب من فكر وأسلوب الأجيال الجديدة، من خلال تغيير زي الحوار التلفزيوني وإلباسه زياً «كاجوال» خفيفاً ظريفاً لطيفاً، يسمونه «بودكاست»، متبعين شروطه في أن يمنح المذيع ضيفه المساحة الأكبر، ليتحدث عن ذاته وحياته، وتكون دردشة أكثر مما هي حواراً، لكن ما شاهدناه في «بودكاست بيج تايم» كان عكس ذلك، ربما لأن المذيع عمرو أديب يخوض التجربة لأول مرة، لكن هذا ليس عذراً؛ إذ من المفترض أنه خلال إعداد الحلقات يتم لفت نظر المذيع إلى منح ضيفه مساحة أكبر وتركه يتحدث عن نفسه وسرد بعضاً من ذكرياته وحياته لا أن نسمع من عمرو أديب سيرته وذكرياته ويتحدث أكثر من كل ضيوفه. والمشكلة أن المذيع كان طوال الوقت مبهوراً «بالابتكار» الجديد البودكاست ولم يستطع إبهارنا بأي شيء.

أغرب من دهشة عمرو أديب واستمتاعه باللعبة الجديدة، هو حضور الفنانة أصالة بصفتها شريكة له في تقديم بعض الحلقات، ماذا قدمت؟ ماذا أضافت؟ لماذا جاءت؟ أسئلة لا تفارقك طوال مشاهدتك للحلقة التي تطل فيها أصالة بجانب عمرو. والأنكى أنها تأتي غير مسلحة بمعلومات أساسية عن الضيف، ففي حلقة كريم محمود عبد العزيز فاجأتنا أصالة بأنها فوجئت حين تحدث عن بناته! متزوج؟ ولديك بنات؟ تسأله باستغراب لأنها تحسبه عازباً ومازال صغيراً على الزواج.

ألف باء الحوارات، وألف باء استقبال أي ضيف خصوصاً إذا كان نجماً مشهوراً، أن تجمع معلومات عنه وتعرف أبسط وأسهل ما يجب معرفته، مثل سنه وأسرته ومهنته وأعماله، لا أن تجلس مستغرباً متفاجئاً بمعلومات متوفرة على الإنترنت ويقدمها لك «غوغل» مجاناً،

حتى «البودكاست» له أصوله، وله قواعده، ولا يحسب كل «نجم» وكل مذيع أنه ضامن لنجاحه بمجرد أن يطل على الشاشة أياً كان ما يقدمه.