منذ بداية حرب غزة، وإسرائيل تحاول أن تقلب كل شيء من حولها، وكل حقيقة عمرها آلاف السنين. وهي تحاول الآن التركيز على أهمية إلغاء الأعراف والمواثيق الدولية المنصوص عليها منذ بدايات الحروب والسلم في أنحاء العالم. هناك بندان تعطيهما الأولوية على كل شيء آخر، هما: تعريف الجريمة السياسية والإبادة الاجتماعية.

وفي تطورها التقني المشهود، سارعت إلى استخدام ما تحقق في الذكاء الاصطناعي حتى الآن، في تطوير عمليات الاغتيال والإبادة على السواء. وقد أعطت الجهاز الجديد اسماً يفوق بالعطر والبراءة: «الخزامى». وخلال الأسابيع الأولى من الحرب كان هناك 37.000 فلسطيني على الأقل تحولوا إلى مجرد أهداف سائقة لعقول إسرائيل.

وقد أثار نظام الذكاء الاصطناعي جدلاً بسبب الموقف البارد الذي اتبعه القادة العسكريون المسؤولون عن الإشراف على اقتراحات نظام «لافندر»، حيث أدرجوا مقتل الأشخاص على أنهم مجرد إحصائيات، إذن من المقبول أن يموت مائة مدني في قصف من المفروض أن يستهدف مسؤولاً واحداً من كبار مسؤولي «حماس» أو «الجهاد الإسلامي». صُمم النظام لمهاجمة الأهداف عندما يكونون في منازلهم، وفي الليل، مما يزيد احتمالات أن يكون الهدف موجوداً في المنزل، ولكن أيضاً أن يقتل أفراد أسرهم وجيرانهم معهم.

ومثل جميع أنظمة الذكاء الاصطناعي، من المعروف أن «لافندر» هو نموذج احتمالي. فهو يعمل بالتقديرات، بالتالي يرتكب أخطاء. ووفقاً للمصادر الرسمية المذكورة في التقرير، فإن ما لا يقل عن 10 في المائة من الأفراد الذين تم تحديدهم أهدافاً، لم يكونوا كذلك. هذا الهامش من الخطأ، مضافاً إلى الوفيات الجانبية التي أقرها الجيش (ما يصل إلى 300 مدني في قصف واحد في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي لقتل قيادي في «حماس»)، يؤدي إلى قتل آلاف الفلسطينيين الذين لا علاقة لهم «بالإرهاب»، معظمهم من النساء والأطفال - بناءً على توصيات البرنامج. يستكمل برنامج «لافندر» ببرنامجين آخرين. برنامج «أين أبي»، الذي يستخدم لتعقيب الأشخاص الذين تم تحديدهم كأهداف وقصفهم عندما يكونون في منازلهم، وبرنامج «غوسبل» الذي يهدف إلى تحديد المباني والمنشآت التي يعمل فيها مقاتلو «حماس».

يعالج برنامج «لافندر» المعلومات التي جمعها عن أكثر من 2.3 مليون شخص من سكان غزة. ويتم إنشاء درجة لكل فرد تتراوح من 1 إلى 100، والتي تقدر احتمالية ارتباطه بالجناح المسلح لــ«حماس» أو «الجهاد الإسلامي». ويتم قتل الأفراد الذين يحصلون على درجة عالية مع عائلاتهم وجيرانهم. ووفقاً للتحقيق الذي أدرجته مجلة «+679»، فإن الضباط لم يفعلوا الكثير للتحقق من الأهداف المحتملة التي حددها «لافندر»، متذرعين بأسباب «الكفاءة». وادعى التقرير أن الضباط، تحت ضغط جمع بيانات جديدة والعثور على أهداف جديدة، أمضوا ثواني قليلة فقط في النظر في كل حالة.

فالقتل والاغتيال والإبادة، لم تعد سوى أمر يومي عند إسرائيل... وسياستها.