لم يخرج طلبة الولايات المتحدة إلى باحات الجامعات تأييداً لحركة حماس، ولم ترفع صور لقادتها، ولم يرددوا كلمة تدافع عنهم.

قالوا ما نقوله، ودافعوا عن أرض محتلة وشعب سلبت حقوقه، واستنكروا المذبحة المفتوحة في المناطق المدنية، رفعوا أعلام فلسطين، وطلبوا الحرية لها، وخاطبوا حكومتهم بالتوقف عن دعم نتانياهو والمتطرفين الإسرائيليين، وعدم إرسال أسلحة وذخائر قاتلة يستخدمونها في قطاع غزة، وناشدوهم بإنهاء حرب التجويع الممنهجة.

ذلك كان سبب خروج الطلاب، وهو نفس السبب الذي جعلنا كبشر نرفض ما يحدث أمام نظر وسمع العالم، ولا نقبل بالدور الذي لعبته الولايات المتحدة ومازالت تلعبه، فهي ومنذ اليوم الأول لهذه المأساة كانت منحازة، وما فشل مساعيها لعقد الاتفاقيات إلا نتيجة حتمية لهذا الانحياز، والفرق بينها، أقصد بين إدارة بايدن، وإدارة نتانياهو، أن الثاني يريدها ناراً تأكل الأخضر واليابس ليتسنى له الادعاء بالنصر، أما الأول فيريدها أن تستوي على نار هادئة، تصل بهم إلى نفس النتيجة، مع ضجة أقل، ولوم محدود، وأنظار مشتتة، وردات فعل تكاد أن تكون شبه معدومة.

بالأمس أطلق التلفزيون التابع للجيش الإسرائيلي «بالون اختبار» حول ما بعد القضاء على حماس، أي بعد تمشيط رفح وهدمها، ورفع القيمة التسويقية للانتقام الهمجي، وقال بأن قوة بقيادة الولايات المتحدة، ودول أخرى بعضها عربية ستتولى الأمن في غزة، ولمدة عشر سنوات، مع إدارة مدنية من بعض سكان القطاع الموثوق بهم، وسيكون من حق الجيش الإسرائيلي القيام بعمليات، وأكدت بأن هذه التخريجة العجيبة طرحت خلال جولة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في المنطقة، وأيدتها صحيفة أمريكية، وأضافت إليها تفاصيل جديدة، أهمها أن الدول العربية التي رشحت للمشاركة رفضت أن تقوم بمثل هذا الدور!

الولايات المتحدة منغمسة في كل ما حدث وسيحدث في غزة والضفة الغربية، وكل فلسطين المحتلة، لهذا خرج الطلاب من قاعات الدراسة ليلفتوا النظر إلى المأساة الإنسانية التي لطخت سمعتهم.