عندما أعلن السيد مسعود البرزاني المنتهية ولايته والمتشعبث بكرسي الحكم مثله مثل غيره من رؤساء العرب الديكتاتوريين والأستبداديين الذين لايتركون كرسي الحكم وأن دُمر كامل الوطن حتى المقبرة، ومع الأسف القيادة في كردستان العراق ليست بأحسن الحال منهم، فالسيد مسعود وحاشيته متمسكون بمقاليد الحكم في كل الأقليم والأمراض الاجتماعية من الرشوة والمحسوبية وصلة القرابة هي مستفحلة في مؤسسات وأجهزة الأقليم، وعليه نرى الكثير من حالات البطالة بين صفوف الشعب، والكثير من المناطق الغير مؤيدة لحزب الديمقراطي الكردستاني تفتقر إلى أبسط الخدمات، نعم عندما أعلن السيد مسعود بأنه سوف يجري الأستفتاء هبت معظم دول العالم ورفضت هذا القرار وطلبوا منه أن يعدل عن قرار هذا إلى أجل آخر ولكنه أصر وعاند على موقفه، كما أن الكثير من المحللين السياسيين والمختصين بالقانون الدولي قالوا بأن القيام بهكذا خطوة وخصوصاً في الوقت الراهن غير مناسب وغير واقعي ولكن السيد برزاني لم يأبى لرأي أحد، ومن جهة أخرى يقول الكثيرين بأن 95% من الشعب الكردي صوت على الأستفتاء، وهنا نقول بأن الشعوب في الدول الشرقية هي عاطفية أكثر مما أن تكون عقلانية وتلهث وراء القائد، فالشعب في خدمة الحزب والحزب بدوره يكون في خدمة القائد، فالغاية هو كسب رضى هذا القائد وليس الإيمان بمبادئ الحزب وأفكاره. وهنا نقول ليس هناك كردي واحد أن أختلف مع السيد مسعد البرزاني في نهجه أو أتفق لايرغب بأن تكون له دولة مستقلة مثله مثل غيره من أبناء جلدته، وأن يتمتع بحقوقه وحرياته الطبيعية والمكتسبة.

نعم هناك الكثيرون من مثقفي الكرد لم يؤيدوا هذه الخطوة التي أقدم عليها السيد مسعود ولكن الخوف من النعت بالخيانة والوقوف في الخندق الضد كان سبباً في عدم أعلانهم لموقفهم هذا، فكلنا يعلم بأن الأتهام بالخيانة والوقوف في وجه الحقوق من أبسط التهم التي تتوجه إلى الإنسان في مجتمعاتنا، لعدم قبولنا برأي الأخر، طبعاً أتت هذه الخطوة في الوقت الغير المناسب، حيث أن كل دول العالم منشغلة بمحاربة الإرهاب ويبدو بأن السيد مسعود ظن بأنه سوف يستفيد من هذا الظرف ويصبح بطلاً قومياً، كما أن هذه الخطوة أتت من الشخص الغير المناسب، وهنالا ننكر التاريخ النضالي لعائلة البرزاني والتضحيات التي قدموها من أجل القضية الكردية، لكن السيد مسعود قام بالكثير من الأخطاء بحق الشعب الكردي، فكل منطقة لاتؤيده تفتقر إلى أبسط الخدمات، كما أنه والحزب الأتحاد الديمقراطي بقيادة المرحوم جلال الطالباني قتلوا الكثير من الكرد بسبب أطماعهم الشخصية فاتفقوا مع الحكومة المركزية العراقية والآخر أتفق وتحالف مع إيران من أجل معونته في قتل أخيه الكردي. فكيف لشخص تسبب في قتل الآلاف من شعبه أن يعلن الأستفتاء ويرى في نفسه بأنه بطل قومي، وكيف لشخص متشعبث بكرسي الحكم وينهب ثروات وخيرات الأقليم ويحرم بقية الشعب منه يرى نفسه بأنه بطل قومي.

وبرأي الكثير من المهتمين بالشؤون الدولية أن السيد مسعود قام بهذه الخطوة من أجل أصدار مشاكله الداخلية إلى الخارج، وليشغل الشعب وليوهمه بأن المجتمع الدولي هو ضده وضد حقوقه ولينسى الكردي مشاكله الداخلية وينسى تلك الثروة الهائلة التي جمعها السيد مسعود وأبنائه وأبناء أخيه، حيث المليارات في البنوك التركية في الحين لايدفع رواتب الموظفين في الأقليم، بحجة أن الحكومة المركزية لاتدفع حصته من الميزانية 17%، نعم هذه الحصة وأن دفعتها الحكومة المركزية فلن تذهب لخدمة الشعب الكردي وأنما سوف تذهب إلى حساب القيادة الكردية في الأقليم.

أعلن السيد مسعود نيته في أعلان الدولة الكردية في شمال العراق لا شك بأن هذا الحلم يراود كل كردي شريف لانقاش وجدال فيه، ولكن قبل قيامه بهذه الخطوة كان عليه أن يحصل على دعم الدول الأقليمية والدولية، فكيف لدولة أن تقوم والكل ضدها، فكان الأحرى به أن يحصل على الموافقة الأمريكية في الأول وأن لم تعلن الولايات المتحدة رفضها بشكل واضح، حيث كان موقفها غامض من هذه المسألة، كما أنه كان يجب أن يتحدث مع صديقه العزيز أردغان، هذا الذي طعنه في ظهره فكان من أول الرافضين لهذا الأستفتاء، وفي الوقت الذي كان الخلاف حاد بين إيران وأردوغان في المسألة السورية أتفاقا في رفض الدولة الكردية جملةً وتفصيلا، نعم أنشغل السيد مسعود في مصالحه العائلية وبعائدات النفط ونسى أن يبني جيشاً عقائدياً، جيشاً مستعداً أن يضحي من أجل وطنه وشعبه، نسى السيد المسعود هذا الجيش وأغره تعداد جيشه ولكنه نسى بأن أغلب عناصر جيشه يلهثون وراء مصالحهم الشخصية وهم في هذه المؤسسة من أجل المصلحة المادية وأغلبهم غير مستعد أن يدافع أو يطلق رصاصة واحدة من أجل الكرد وكردستان، وهنا لانقول بأن كل البيشمركة بهذه العقلية فهناك الكثير من الشرفاء مستعدين لبذل الغالي والنفيس في سبيل الشعب الكردي ولايسمحون بأن يدنس أحد الأرض الكردية، ولكن يبدو أن هذا العدد بقليل، وماالدليل على ذلك هو هروب البيشمركة من الشنكال وتسليمهم كل المناطق لداعش، حيث نهبوا وسرقوا وأغتصبوا وسبوا النساء أمام أعين البيشمركة ولم يكن من البيشمركة سوى الهرب من الساحة، وقيادة الأقليم لم تقم بمحاسبة الخونة ولم تقدمهم إلى المحاكماة، وهذا ممادفع البيشمركة من الهروب من الكركوك وعدم دفاعهم عنها عندما هاجم الحشد الشعبي ودخل مدينة الكركوك، طبعاً فليس هناك أية محاسبة قضائية بحق الخونة في كرستان العراق، فالكل منشغل بمصالحه الشخصية، فلو أن القيادة الكردية قامت آنذاك بمحاسبة الخونة من قيادة البيشمركة في الشنكال وأعدمتهم في الساحات لما تجرئ الآن وهربت البيشمركة مرة أخرى من كركوك، مع الأسف أن ثقة الشعب الكردي بقوات البيشمركة والقيادة الكردية قد هزت وهناك من يقول بأنه إذا هاجم قوة قوامها 100 رجل محافظة أربيل فسوف لن يجدوا أية مقاومة وسوف تهرب كل قوات البيشمركة وتسلم نفسها.

أن ماحصل في كردستان العراق كان من أضعف الإيمان أن تقوم الحكومة بالأستقالة وتحل البرلمان وتنتخب قيادة جديدة، فكان أحرى بالسيد نجيرفان أن يستقيل بعد مجزرة الشنكال وعلى عمه مسعود أن يستقيل ويفسح المجال لغيره لقيادة دفة الحكم في الأقليم، وأن يبنى جيش عقائدي ذو إيديولوجية وأستراتيجية تؤمن بالفرد وبالأرض وتناضل من أجل الوطن، ومع الأسف هناك من يقول بأن شيمة البيشمركة أصبحت الهرب من ساحات الوغى، وحتى أن تتغير هذه النظرة يجب النظر في المؤسسة العسكرية الكردية وبنائها من الجديد وإقالة أغلب القيادات الحالية ومحاسبة المقصرين وزجهم بالسجون، ومن غير ذلك فأن الحال من السوء إلى الأسوء.

[email protected]