قبل انبلاج فجر وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن لنا وسيلة لمعرفة أخبار ومقالات الأشخاص الذين لهم باع طويل في الساحة الثقافية والفكرية الا من خلال الصحف الورقية وخصوصاً الشرق الاوسط. فكنت محظوظاً بأن جدي محمد الوابلي رحمة الله بعدما ينتهي من إمامة الناس في مسجد الوابلي بعد صلاة الظهر يذهب إلى البقالة القريبة من منزلنا ويشتري منها صحيفتي الشرق الاوسط وصحيفة الرياض بشكل يومي فكنت عند عودتي من المدرسة وقبل تناول الغداء اتصفح تلك الصحف والتي اصبحت عادة شبة يومية ومن خلالها استطيع ان التقط شيئا من اخبار ومقالات الكُتاب العرب و السعوديين وكان من ضمنهم المعلم عثمان العمير. 

تلى تلك المرحلة هي انتشار القنوات الفضائية والتي كانت تبث برامج ثقافية ثقيلة ومن تلك البرامج برنامج خليك بالبيت لزاهي وهبي وبرنامج اضاءات لتركي الدخيل؛ ولا يختلف اثنان ان هاذين البرنامجين وخصوصا برنامج اضاءات كان لهما التأثير المباشر في حياة العديد من الشباب السعودي حيث كان يستضيف العديد من الأشخاص ومن ضمنهم عثمان العمير والذي كان مختلفاً تماماً عما يطرحه العديد من ضيوف تلك البرامج. 

عثمان العمير من تلك الأسماء التي أكن لها كل تقدير واحترام؛ عثمان يختلف مع الكثير ويتفق مع الكثير لكن لا أحد يختلف بأن عثمان وهو في ذروة إختلافه يكن الإحترام والتقدير فهو يمتلك لياقة أدبية حيث أنه لا يغضب من خلال مايطرح؛ وسر ذلك في هدوءه العالي.كنت ومازلت أحرص أن لا يفوتني أي برنامج حواري مع عثمان العمير؛ لان في حديثه اراء صادمة للمتلقي تحدث دوياً داخلياً بكل هدوء،هذا مايفتقده الكثير.

أذكر ذات مرة وفي إحدى البرامج الحوارية التي كان المعلم عثمان ضيفها؛ قال له المذيع إن فلاناً من الناس قال فيك كذا وكذا بسبب رأيك في تلك القضية" فلم يرعد ويزبد، عثمان المعلم وكان جوابه هادئاً ( لابأس ولعله يعود الى رشده يوماً من الأيام). الشيء الفتّان في عثمان وكما هي عادة الكبار أنه يدافع عن الذين يعملون ويكتبون عنده أمام سطوة المحاسبة وبمن يحاول المساس بالصحفيين الذين يعملون معه كما أشار إلى ذلك أحد الذين عملوا معه سنين طويلة.

عثمان في حقيقة الأمر كتاب متجدد متعدد لا يمكن الوقوف على فصل واحد من فصوله؛ فكل فصل من فصول حياة عثمان مزدهر وله ابعاده بشكل موسيقي أنيق؛ المتابع لعثمان العمير يدرك أنه رجل مُشْرِق الجبين مستقبلي مع الغد والفرح والاقبال على الحياة.