أعلن مؤخرا عن مؤتمر تحالف القوى الديمقراطية في العراق (تقدم) المتألف من أحزاب وتجمعات ديمقراطية ومنظمات من التيار المدني. ان هذا التحالف يأتي في وقته تماماً، في عراق تتجاذبه الأزمات والهزات والمشاكل الكبرى، كالفساد والمحاصصة والطائفية، وخطر داعش الذي لايزال يحتل مساحات من العراق المستباح، الذي يعيش فوق ذلك في منطقة العواصف والأعاصير... في مقال سابق أبدينا بضع ملاحظات حول مستقبل القوى الديمقراطية، وكيف انها لعبت في عهود ماضية أدوارا بناءة وفعالة في مسيرة العراق الحديث. وقد تمنينا لو ان هذه القوى استطاعت العودة للميدان موحدة وفعالة كبارقة أمل لإخراج العراق من مأزقه الرهيب. ومما ذكرناه ضرورة دراسة التجارب النضالية السابقة بروح التأمل العميق والنقد الذاتي، لاستخلاص الدروس والعبر للاستفادة منها في المسيرة الجديدة. لقد استباح داعش ثلث العراق نتيجة ترك الموصل بلا قتال، وترك السلاح والعتاد والأموال، وقد وعد الدكتور العبادي مؤخراً بالتحقيق النزيه في الكيفية والمسؤولية. وهذا موضوع هام ويجب العمل لتنفيذ هذا الوعد بتشكيل لجنة تحقيق محايدة ونزيهة وبمشاركة دولية.

وسبق ان وعد العبادي بمكافحة الفساد ولكن ذلك لم يجرِ، ربما لأنه عجز نتيجة قوة الفاسدين وتسلطهم. وقد ان الأوان لتحقيق هذا الهدف الهام. ولدينا اليوم مشكلة الأزمة بين المركز وكردستان، وحسناً ما أكد عليه بيان التحالف من وجوب سلوك سبيل الحوار والمرونة وعدم التصعيد، والحذر من ان تجري الحلول على حساب حدود إقليم كردستان، وفقا لما تحدد منذ 1991 وما نص عليه الدستور. وعندما تهدأ الأمور وتصفوا الأجواء، فلا بد من تنفيذ المادة 140 من الدستور الخاصة بالمناطق المتنازع عليها. ان المرجعية يجب ان تكون الدستور من الجانبين وعدم استخدام الانتقائية في قراءة وتنفيذ مواد الدستور الدائم. هذا ونعلم ان في الدستور تناقضات ومفارقات ولكنه الان يبقى مرشد الجميع، وحتى يأتي الوقت المناسب لإعادة النظر والتعديلات. ان قيام التحالف الديمقراطي العراقي نقطة ضوء عسى ان تتوسع وتقوي في نضال القوى الوطنية كلها من اجل عراق ديمقراطي علماني، يضمن المساواة ويقوم على مبدأ المواطنة، ويحفظ حقوق الجميع، من قومية كردية وأقليات وبقية السكان والمكونات..

ومرحى للتحالف.