في الحديثين السابقين كنت قد اشرت الى كارثة حرب الاشقاء بين البارتي واليكيتي في اقليم كردستان كخطوة اولى في توضيح اهمية المساءلة والمصارحة بقصد التصالح مع التاريخ الاسود لبعض الاحزاب الكردية في الاقليم . 

لن اتطرق هنا الى قضية جلب البارتي لجيش صدام لطرد اليكيتي من هولير في 31 آب 1995 لحساسية الموضوع بل يجب تركه الى هيئة المساءلة موضوع البحث اذا رأت النور مستقبلا .

اما بالنسبة لتبعات كارثة الاستفتاء فان الوقت يداهم والجميع يسمع التفاصيل من خارج كردستان ولم نجد احدا من الذين كانوا اصحاب القرار يضع الاصبع على الجرح ويكشف كل مادار خلف الكواليس ولماذا اتخذ قرار الاستفتاء وفي هذا التوقيت ؟ . تساؤلات محقة واذا لم يتم الرد والتوضيح من المصادر المسؤولة عن قرار الاستفتاء فان الحركة السياسية الكردية ستتعرض الى الفشل وزيادة التشرذم وفقدان الثقة بالكامل .

نحن بحاجة ماسة الى الصراحة والشفافية وليس الى الحقد والانتقام .

طبعا اذا لم تجر المساء لة في هذا الموضوع سوف تستمر الاحقاد ونزعات الانتقام وستؤدي الى صراعات اشد ضررا على شعب الاقليم بل ستؤدي الى كوارث اسوأ بكثيرمن نكبة الاستفتاء ذاته .

لا يمكن كم الافواه او منع الكتابة والمناقشة حول تداعياتالاستفتاء ولكن علينا ان لا نصب الزيت على النار وتأجيج الصراعات وذلك من خلال تحمل المسؤولية وفتح التحقيق والمساءلة . بل السبيل الوحيد لسد الابواب امام المغرضين والمتسلقين الذين يريدون الاصطياد في الماء العكر هو المساءلة الرسمية والعلنية وبالتوافق بين جميع طبقات المجتمع ومكوناته المختلفة للوصول الى الحقائق الدامغة والتي قد تكون اشد مرارةمن السم .

اقتراحات حول تشكيل هيئة المسائلة وتحديد مهامها وصلاحياتها .

1 ـ يتم اختيار اعضاء الهيئة من شخصيات محايدة لا تنتمي الى اي حزب او حركة سياسية ومشهود لهم بالنزاهة والاستقامة و نظافة اليد. يتم الاختيار عن طريق الوفاق والاجماع في المجتمع الكردستاني بجميع اطيافه في الاقليم . 

2 ـ عملية اختيار الهيئة يجب ان تكون شفافة تماما مع اشراك اكبر عدد ممكن من منظمات المجتمع المدني .

3 ـ ترجيح اختيار الاعضاء من العاملين في مجال القضاء و النشطاء في منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الجامعيةويمكن الاستفادة من الخبراء والشخصيات الاجنبية ايضا .

4 ـ يتمتع اعضاء الهيئة بالحصانة الكاملة حاضرا ومستقبلا وعدم مساءلتهم بتاتا على المهام التي قاموا بها اثناء تأ دية عملهم .

5 ـ معاقبة كل من يتصدى لاعضاء الهيئة في تنفيذ واجباتهملاسيما التهجم عليهم او على اسرهم وعائلاتهم .

6 ـ منح الهيئة صلاحيات واسعة بما فيها جلب ومساءلة كل من ترى فيهم مصدرا للمعلومات وبالدرجة الاولى القيادات الحزبية والحكومية التي كانت متنفذة اثناء وقوع حرب الاشقاء .

جلب ومساءلة كل فرد ومسؤول للتحقيق دون استثناء وصولا الى اكبر منصب في الاقليم .

عمل هيئة المسائلة ليس محاكمة او توجيه تهم او انزال العقوبات وانما الهدف الرئيسي هو الوصول الى الحقيقة للاستفادة منها لتنقية وتطهير الوجدان والضمائر للوصول الى التصالح والتسامهح وفتح صفحة جديدة امام المجتمع الكردستاني لتفادي الوقوع في صراعات اخطر تؤدي الى كوارث أسوأ . 

قد يتساءل البعض عن جدوى هذه المساءلة في هذه الظروف الحرجة للاقليم ولكن في رأي ليس هناك اي ظرف افضل من الظرف الحالي وذلك بسبب الحاجة الماسة للمصالحة لاسيما بعد فرقعات تهم الخيانة في الاجواء بالرغم من مرور مايقرب من ربع قرن على مأساة حرب الاشقاء دون البحث في ايجاد حلول تزيل نزعات الاحقاد والانتقام الكامنة في الاعماق بين جماهير الحزبين الكرديين .

تقديم الدعم للهيئة من قبل المؤسسات الرسمية و الصحافة والاعلام والكتاب والخبراء وذلك بالقاء الضوء على الجوانب المظلمة في القضية والتركيزعلى النقد والمحاسبة و ليس التصفيق ولحس السبابيط .

لو كانت قد تمت المصالحة والمساءلة في حرب الاشقاء وفي مأساة طلب البارتي العون من جيش صدام لما كنا وصلنا الى ما نحن فيه الآن من اوضاع مزرية و ازمات اقتصادية وهزائم عسكرية ومصدر شماتة وتهكم من اعداء الشعب الكردي بل لما كنا قد اقدمنا على الاستفتاء بهذه الهرولة دون التحضير الجيد وحساب كل التبعات بدقة . 

الهدف النهائي هو تطهير الضمير والوجدان للوصول الى المصالحة ولاثبات ان الاخظاء لن تفلت من الحساب و المكاشفة والعقوبة الاخلاقية في الضمائر مهما طال الزمن .

الخظوة الاولى في التمهيد لتشكيل هيئة المساءلة تبدأ من خلال برامج وحوارات تلفزيونية ونقاشات في الصحافة واقامة الندوات و يمنع فيها توجيه التهم او تلطيخ السمعة اوالتعدي على الامور الشخصية باي شكل من الاشكال .

مشروع المساءلة والمصارحة والتصالح هو في نفس الوقت اختبار لمدى مصداقية الاحزاب والسلطة ومنظمات المجتمع المدني في تحمل مسؤولياتهم اتجاه شعب الاقليم .

كاتب كردي

[email protected]