مَنْ مِنْ عاقل "له عقل سليم" يعتقد بضرورة وجود أحزاب سياسية ضعيفة بائسة الفكر في العراق ؟

 

المناخ الارهابي السائد في العراق والمسرح الذي يطل منه سياسيوه وأسلوبهم الأحادي تمخّض عن معاناة لشعب العراق وتشريد أهله ويتطلب وقفات وحلول جذرية جدية وجريئة.

ومنذ الأعوام التي بدأت فيها مساومات تكبير وتضخيم وتحجيم أو تقليص دور الأحزاب والمليشيات أوصلتهم الى حقيقة كونها مناقشات غير مثمرة ،غير جادة ، و تناقش دون أن تثمر بأي فائدة لأهل العراق . وما زالت بعض هذه الأحزاب مستمرة في عملها الاجرامي التأمري الشرس في التجمع والأعتصام وجمع المتقلبين المنافقين من خارج العراق وليعودوا بعدها الى بغداد وأربيل دون معوق أو محاسبة وهم "يحملُون الوباء المذهبي" لنشره بين الناس ويعدون العدة للإنقلاب على دستورية وشرعية الدستور.

ومنذ أعوام ، وبعد انتهاء عمل مجلس الحكم وتشكيل أول وزارة عراقية برئاسة الدكتور أياد علاوي " فاحت" رائحة الفساد وتهريب الأموال "واشتدت " حالة الاحتقان العنصري والطائفي بظهور عشرات الأحزاب والمليشيات الجديدة. 

ومنذ عام 2008 وخبراء السياسة والمجتمع المدني والصحافة واستطلاع الرأي العام في صراع علني مع "دولة الأيتام في عراق السلطة" و"إنتهازية" الأحزاب والمليشيات و"الدين المُزيّف " وممثليه أدعياء الدين الذين نشروا العنصرية والطائفية و"الاستبداد العائلي" وقتلوا روح المواطنة "برصاص حقيقي وإغتالوا الخصوم والأوجه والتي كشفناها للعلن مراراً بوجود" تكتلات و تحالفات وإئتلافات مسلّحة متستر عليها داخل جسد الجهازالحكومي المرئي" ويعقدون المؤتمرات التي تناقش تقسيم العراق. ولم تتوقف المساومات وضلت مستمرة رغم فشلهم المتكرر ورجاء العراقيين بالأشارة المتكررة اليهم لفك الأحزاب السياسية والدينية المذهبية وتعاليمها ، لأنها جميعاً وبلا أستثناء تنتمي الى ثقافة مشتركة غرضها نشر الفساد والذي أكدته من جديد وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي لحقوق الأنسان بعد إنتهاء عام 2016 .

إنّ حلُّ الأحزاب وتحجيم قياداتها دون إنتقائية هو الطريق الأسلم للنجاح وتمكين حقيقي للدولة من قطع طرق تهالك المليشيات وعشائرهم على السلطة وقطع عادة ترتيب الصفقات السياسية والمالية ، مع أنه ليس طريقاً سهلاً لمحبي السلطة والمال وفارضي النفوذ . هذه التكتلات الحزبية من شيعية وسنية وقومية وعشائرية مناطقية فرضت فصولاً من الحصار السياسي على المجتمع العراقي وأجبرته على التمسك بفكرة حمل السلاح علماً بأنها لاتتناسب مع أي تطلع عقلاني لدولة تتطلع وتطمح الى الديمقراطية ، ولا يستطيع أحد أن يضمن نتائج نجاح عملية التسلح هذه و التي تقود البلد بالمعتقدات الروحية وحدها بل أن بعضهم يبشر بدولة اسلامية مشابهة لدول الأمويين والعباسيين والعثمانيين ، يُخطّط لها فيها إسرائيل من وراء الستار حتى يعود العراق الى عهد مرعب و مخيف ن بل وأسوأ من العهود الأجرامية الماضية.

إنّ بعض هذه الأحزاب والمليشيات متلهفة لسرقة ما تستطيع ،عندما تتاح لها الفرصة لتضع في كلِّ شبرٍ من أرضنا بحيرةُ دماء ومقابر وكذلك تعمل على إهانة كرامة الشعب بالإعلام المُضلل ( هذا شيعي وهذا سني وهذا كردي ) . ويصرف العراق اليوم البلايين من ايراداته النفطية فى معارك دموية مهلكة وبدمار لم يشهد له العراق مثيلاً من قبل بينما تُخزن أموال قادة هذه الأحزاب في بنوك ألأردن وسويسرا وفرنسا وأمريكا وتركيا وإيران ودول الخليج . علماً بأن مجموع الديون الداخلية والخارجية التي بذمة العراق هو 119 مليار دولار من ضمنها 80 مليار دولار ديون خارجية.

في عصر هذه الأحزاب ومليشياتها وخيام الأعتصام والعزاء ، تبقى القوات الأمنية مخترقة ، وحقول النفط مهربة، وأموال الدولة منهوبة ، بـفراغ دستوري رهيب يؤججه بعض أعضاء أفراد الصراع ، ويبقى" فراغ "عدم دفع الخطر الماثل ، ويبقى الصراع المرير الخاطئ دون تغطية العيوب في" مناقشات مملة عن أفضل الدول المساندة للعراق ، حيث تدخل في إطار ومحل آراء و وجهات نظر قومية ، ومذهبية ، وعشائرية وتبريرات تتعمد سوء الفهم بأن الرسول الأعظم الذي أكرمنا بالرسالة لاعلم له بتكتلات وأسماء شيعي سني حنبلي شافعي ولم يسمع بها في خطبة الوداع ودعوته الى الأسلام .

بقرار تشريعي و برؤية ايجابية وطنية واعدة متفائلة بالمستقبل ، وأمر يختاره رئيس الوزراء يستطيع العراق النهوض من جديد بعد التعثر الذي أصابَ التحرك المجتمعي بالشلل والأشمئزاز من هفوات قادة هذه الأحزاب التي إعتنقت الفكر الدموي صراحة ً وممن ورحبوا بدولة الخلافة الأجرامية في الموصل ورحبوا بتركيا وإيران ودول الخليج كل على حدة وبطرق إفتراضية إنتقائية كلامية .

والأفضل في هذه الرسالة ، قيام قادة هذه الأحزاب والمليشيات ( بأنفسهم) وببادرة وطنية منهم إلغاء وحلّ عضوية الأعضاء وغلق مقراتهم ومنع أرتباطهم بغير مؤسسات الدولة . وإنّ الوطنية تتمثل في سموها و سيادتها أو رفعتها على (حزبي وقوميتي ومذهبي وعشيرتي فوق الجميع ). والتي لم تعد تنسجم مع دولة تخطو خطواتها الأولى نحو القيم الحضارية الديمقراطية والتعايش السلمي . فالأكراد مثلاً لهم أكثر من 8 أحزاب مسلحة لها نظرياتها وأحلامها ونزاعاتها المسلحة من ديالى وكركوك والسليمانية وأربيل والموصل الى نهاية جبال سنجار . والعرب الشيعة لهم مالا يقل عن 14 فصيل مذهبي مسلح وكذلك الأحزاب الأسلامية السنية التي ضاق صبرها من رؤوسائها وإنحرافهم . فهل هذا هو شكل الدولة المطلوب ؟ 

و إنّ قمة التحدي اليوم هو الخنوع المجتمعي لأحزاب أكل الزمن وشرب على برامجها التثقيفية وشعاراتها المصلحية وتعمل حسب حاجة وميول قادتها من الذئاب العقائدية "وكم كان قد سبق ذئابهم من ذئاب 

ليعلم من لا يعلم أن الحاجة الماسة في العراق هي حظر هذه التنظيمات السياسية . وأقول لمن لا يعلم بأنّــها جميعاً خاضعة لتدخلات وضغوطات وتوجيهات الدول الخارجية وقد حان الوقت لمنعها عن العمل .

كان شعب العراق يتمتع بقانونية تشكيل النوادي المهنية والمختبرات العلمية والجامعات المتقدمة ونشر المؤسسات الرياضية ومخيمات ومنتديات للشباب وعوائلهم وإقامة مهرجانات موسيقية وغنائية تعبيرية ترفيهية لهم ولأهاليهم تحت حماية الدولة. أما الآن فأن الأحزاب والمليشيات جندت وطوعت بأفكارها السادية العدائية إنتقامية العمل وجندت لخدمتها فصائل قتالية بدلاً من فسائل مستقبلية من الشباب للعيش بفخر وعزةوكرامة في وطنهم العراق دون تحزيبهم . 

أهي العادات القبلية أم لعنة الأقدار ساهمت في وضع العراق وأهله صفوفاً وصنوفا من الأحزاب وجرّت البلاد الى خراب ودمار ؟ وهل في أستطاعة الصدر والحكيم والنجيفي والمالكي والبارزاني والجبوري إستيعاب الرسالة جيداً ونشر مفاهيمها وطنياً ؟ 

ضياء الحكيم 

كاتب وباحث سياسي