التوركمان احد القوميات الاصيلة في تركيب الدولة العراقية ويرجع اصولهم الى اواسط اسيا قدموا مع العرب المسلمين منذ اكثر من الف عام ضمن جحافل الجيش العباسي واستوطنوا في مدن العراق وتمركزوا في منطقة كرميان وفي مدن ك مندلي، خانقين، قزباط، طوز، داقوق، كركوك، التون كوبري، اربيل، موصل و تل عفر. اسس التوركمان دول عديدة على ارض العراق منها دولة الخروف الابيض ودولة الخروف الاسود والجلائرين وكذلك اسسوا امارات عدة. شارك التوركمان بصورة مباشرة في الحياة السياسية بعد تاسيس الدولة العراقية في مارس من عام 1921 وعلى اثرها تاسسس في اكتوبر من عام 1922 المجلس التاسيسي حيث شارك التوركمان فيه وكان فيهم الوزراء وموظفين اداريين من المدنين وضباط دولة كبار. رغم انهم في استفتاء ما كان يسمى ولاية موصل وقفوا على الضد من تاسيس الدولة العراقية وبالاحرى من انضمام الولاية الى حكم الدولة العراقية الفتية ذلك الاستفتاء الذي قام به عصبة الامم عام 1926 ضمن اتفاق معاهدة سيفر في تقسيم تركة الدولة العثمانية. وقد خير التوركمان انذاك بالانضمام الى تركيا او البقاء في المملكة العرقية وامهلوا عاما كاملا حيث اختاروا طوعا البقاء ضمن الدولة العراقية الفتية مع الاحتفاظ بحقوقهم القومية. وقفوا كذلك بالضد من استقدام ملك من الحجاز على كرسي العراق وقدموا مرشحهم احد احفاد اخر سلاطنه آل عثمان. 

حاليا لهم ممثلون في الجمعية الوطنية لكنهم يتواجدون ايضا ضمن الاحزاب السياسية الكبيرة. هذا التواجد احد نتائج ارتباطاتهم الدينية – الطائفية او القومية مع اتراك تركيا او ايران. لهذا تراهم منتشرين بين الاحزاب العراقية وممثليهم في البرلمان ياتون من تلك الاحزاب. اما من ناحية عدد السكان فهناك تضارب كبير في الارقام التي تعتمد على احصائيات السكان في العراق والتي اعتمدت ضمنا على اللغة الدارجة في البيت في تعين القومية. تلك الاحصائيات غير معترفة بها من لدن جميع الاطراف كل يقدم وجه نظره المتعارض مع الاخر. لم تجري أي احصائيات جدية في العراق الجديد لحد الان حيث يتهم التوركمان الكرد بتكريد مناطقهم وذلك باستقدام المهاجرين الجدد لتلك المناطق في عملية يسمونها بالمنهجية. لكننا سنرجح عددهم اليوم حيث يكونون اكثر من مليون ونصف مليون نسمة ممثلين بذلك القومية الثانية في الاقليم بما يعادل تقريبا 20 % من سكان الاقليم والثالثة في عموم العراق. هذا المعدل اكثر بكثير من تمثيل الكرد في العراق حيث يتبوء الكرد اليوم مناصب وزارات مهمة ورئيس الدولة ووظائف كمهمة وحساسة داخل وخارج العراق.

كردستان تاريخيا كلمة اطلقها لاول مرة السلاجقة التوركمان على المنطقة التي يتواجد فيها الاكراد. لكن حاليا نرى التوركمان منقسمين حول انضمامهم الى الاقليم او بقائهم ضمن القسم العربي من العراق. هذا الانقسام مرتبط كذلك بانتمائهم الطائفي والسياسي ومكان تواجدهم. الجبهة التركمانية تصرح دوما انها ضد النظام الفيدرلي للعراق وبذلك تقف بالضد عن تقسيم العراق وانشاء دولة كوردستان. الجبهة التي تاسست في ابريل من عام 1995 معروفة بسياستها التي تسير على خطى الدولة التركية وليس لها أي استقلالية في القرار حيث تاسيسها وتمويلها مع جميع مؤسساتها تم عن طريق الاتفاق مع الكرد والدولة التركية ابان اعلان الاقليم. بقى ان نعلم بان التوتر استمر بين الجبهة التي تحاول جاهدا تقديم نفسها كممثل وحيد للشعب التوركماني والقوى السياسية من الاحزاب الكوردية في الاقليم في حين استوعب التركمان اللذين يتواجدون ضمن الاقليم يؤودون الانظمام الى كوردستان. هؤلاء ممن يتواجدون في الاقليم لهم منظماتهم ومؤسساتهم وينعتون من قبل الجبهة ب "احزاب النظام " على شاكلة الاحزاب السياسية الكردية التي اسست ابان حكم حزب البعث المباد في العراق.
الاقليم يسير بخطوات جادة حول اجراء الاستفتاء في تقرير مصير الاقليم والدعوة الى تاسيس دولة قومية للكرد. الخريف القادم سوف يكون فصلا مقررا في حياة الدولة العراقية والمنطقة باسرها. من الطبعي يجب الاشارة ها هنا بان كوردستان بوتقة اثنية وعقائدية يسكنها قوميات ععدة وعقائد دينية متععدة. هنا نرى الاشارة الخاطئة الى التكوين القومي للدولة الموعودة دون الاشارة الى وجود تلك القوميات والعقائد فلا وجود لدولة قومية في اتلعالم اليوم. وقد قبر فكر الدولة القومية التي دعى اليها النازيون في المانيا والفاشيون في ايطاليا وفرانكو في اسبانيا واخرون في دول الشرق والغرب. كما ان فكرة القومية العربية التي انتهت بماساة في العراق وسوريا ومصر دليل واقعي على نهاية الفكر القومي والعنصر الاثني ذو الدماء الزرقاء حاملي الرسالة الخالدة.
التركمان في العراق مكون عرقي مختلط عقائديا وقد نستطيع ان ندعي بان الوعي السياسي الضعيف ادى الى انقسامهم وتايد الاغلبية الشيعية من التوركمان للاحزاب الدينية الشعية في العراق. هذا الانقسام الطائي ادى الى عدم تمكنهم من التجمع في بوتقة سياسية واحدة بل انقسموا وحتى بات البعض منهم ضمن القوة الكردية المتمثلة في البرلمان العراق. هؤلاء الاخيرين الاكثر تقبلا بفكرة استقلال الاقليم وضم المناطق المتنازع عليها وما يترتب من تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي التي تباطى حكومة المركز في تطبيقها في الوقت المناسب وبقى الموضوع نزاع بين الحكومة المركزية وسلطات الاقليم.
التوركمان اليوم منقسمين على نفسهم اكثر مما كانوا عليه سابقا او حتى في أي فترة تاريخية من حياتهم السياسية والاجتماعية بين شيعة يسميهم العامة في كركوك ب "الرافظة" تؤيد المرجعية الدينية وتطبق جميع اوامرها حرفيا في عملية تقليد اعمى دون أي نظرة قومية بل طائفية بكل معنى الكلمة. وطبعا هذا القسم من ابناء الشعب التوركماني ينتشرون من تل عفر الى مندلي وفي معظم مدن وقصبات تواجد التوركمان. من المتوقع كذلك ان هؤلاء سيصوطون ب "لا" في الاستفتاء الخريف.
اما القسم الذي اشرت علية في مقدمة هذه المادة التي تاخذ اوامرها من السلطات التركية فستستجيب الى ما يملى علية الاتراك. أي في نهاية الامر نرى خريطة سلبية في التصويت على استقلال الاقليم. التحليل التاريخي لهذا العداء المبطن بين الشعب التوركماني والكردي يرجع الى نهايات الحرب العالمية الاولى وزوال الامبراطورية العثمانية من ناحية ومن ناحية اخرى يمكن ايعازها الى نمو ما يسمى الشعور القومي بين الشعوب والقوميات التي كانت ترسخ تحت الحكم العثماني. طبعا يجب عدم نسيان تاثير قوى التحالف الغربي في تاجيج تلك المشاعر القومية ام كان بين العرب والترك والكرد والشعوب الاخرى التي ادى الى حروب ونزاعات في منطقة الشرق الاوسط. مع اعلان الجمهورية في الرابع عشر من تموز من عام 1958 استبشر التوركمان بالجمهورية الفتية والعهود التي قطعتها للشعب العراقي في تحقيق الحقوق القومية للقوميات العراقية فكان الاعتراف بالحقوق القومية للكرد وعودة البرزانيين من منفاهم في الاتحاد السوفياتي السابق بقيادة الخالد الملا مصطفى البارزاني. لكن اعتبار الشعب العراقي يتكون من الشعب العربي والكردي فقط وترجمة ذلك في الشعار الجمهوري والدستور ادى الى ياس التوركمان تماما واتجاههم الى القوى القومية العربية. تعاونوا مع قادة انقلاب شباط مع القومين اثناء حكم عبد السلام عارف وحتى في بداية حكم البعثيين ايام الرئيس احمد حسن البكر. 

الرياح لم تجري حسب رغبة الشعب العراقي في بناء دولة العدل والمساواة فكانت الماساة في يوم الاحتفال بمرور عام على الثورة حيث جرت فصول ابشع مجزرة في تاريخ التوركمان الحديث في مدينة كركوك لا تزال قبور الشهداء الذين يرقدون وسط المدينة في المقبرة المكنى بمقبرة الشهداء. تلك المجزرة اشترك فيها قوى اليسار من اعضاء الحزب الشيوعي وكان غالبيتهم من الكرد وقوى الحزب الديمقراطي الكوردستاني من ناحية ومن ناحية اخرى القوى القومية التوركمانية. راح ضحية تلك المجزة العديد من التوركمان كما كانت من نتائجها اعدام خيرة ابناء الشعب الكوردي لاحقا بيد القوميين. يعتقد بان كان هناك دورا مخفيا لشركة نفط الشمال وطبعا الفرقة العسكرية الثانية. فصول تلك الايام الماساوية عرض على زعيم البلاد فاتخذ قرارات مهمة لصالح الشهداء التوركمان انذاك مبتعدا تماما من ما سمي انذاك بالخط الثوري في معاقبة القوميين وحملة الحبال في مدينتي موصل و كركوك. الجدير بالذكر في هذا السياق ان الحزب الشيوعي العراقي استنكر لاحقا تلك العمليات واستخدام العنف في المدينة ونى الحزب الديمقراطي الكوردستاني من الاعتراف تماما من تلك الحوادث المؤسفة. 
هنا يجدر الاشارة الى ان التوركمان لم يقفوا في صف يحاربون الكرد عبر التاريخ وبقوا على صفاء وتسامح في حوار حضاري تصاهروا وتزاوجوا وفرحو وحزنوا معا عبر التاريخ. حنى ان التوركمان لم يكن لهم ميلشيات يقاتلون ضد الحركة الكوردية التي اندلعت في ايلول من عام 1963 واستمرت الى سقوط النظام البعثي. لكن العرب تجمعوا فيما سمي بفرسان خالد بن وليود وتجمع الكرد في مقاتلة ابناء جلدتهم في قوى ميلشيات سميت بقوات صلاح الدين وتغير تسميتهم لاحقا الى الجحافل الخفيفة ابان الحكم البعثي البغيض وسشاركوا فعليا في عملية الانفال السيئة الصيت في قتل ابناء كرميان.
هنا بقى ذلك الحيف التاريخي الذي اصبح مع مرمور الزمن احد اهم اسباب ابتعاد الشعب التوركماني واتساع الهوة مع الشعب الكردي. باعتقادي الشخصي كان بالامكان وبطريقة سياسية وديمقراطية وحكمة سياسية ان يحل تلك المعظلة من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني عن طريق الحوار المباشر والوصول الى صيغة باستنكار تلك الحوادث. تلك الخطوة الدبلوماسية كانت ستؤدي الى بناء مجتمع متسامح يجمع جميع التكوين النسيج السكاني للاقليم في محبة ووئام. لكن بقاء تلك الحوادث كالناقوس يدق في وعي التركمان ادى الى نمو عداء مبطن بين الشعبين خاصة في مدينة كركوك لحد يومنا هذا. تلك الاحساس الشعبي السلبي يعتبر احد الاسباب الاساسية في رفض التوركمان من التجمع تحت الخيمة الكوردستانية. ان المسؤلية التاريخية للمسؤلين اليوم في كوردستان يقع بالدرجة الاولى على رئيس الاقليم السيد مسعود البارزاني في اجراء حوار يؤدي الى صفاء الاجواء بين الشعبين ويقرب وجهات النظر ويمسح الخوف والتوجس والشك الذي يشوب علاقات الشعبين قبل التوجه الى صناديسق الاقتراع في استفتاء الخريف القادم كي يتحول الخريف الى ربيع كوردستاني.
ان أي تصويت ب لا من قبل الشعب التوركماني خلال الاستفتاء سيكون وثيقة تاريخية قد يضر بالعلاقات الحضارية مع الشعب الكوردي التي امتدت الى اكثر من دهر من الزمان. على السياسيين التوركمان تحمل اعباء هذه المسؤولية التاريخية واتخاذ قرار جماعي في موقف تاريخي قد يغير مسير التاريخ في منطقة تسودها النزاعات و التدخل الخارجي من دول الجوار والمجتمع الدولي في شؤون المنطقة واستقلالية قراراها. ان موقفي الشخصي بنعم ل كوردستان واضح منذ سنين ولا اطلب ان يتخذ الاخرين نفس الموقف لكني اريد من كل مواطن ان يحكم العقل ويتخذ قرارا بتحمل المسؤولية التاريخية بعيدا عن الاحزاب السياسية. بهذا نضمن مسيرا سلميا للعملية الديمقراطية الجارية في المنطقة. اذكر الجميع مرة اخرى بقرار التوركمان بعدم الانتماء الى دولة العراق في استفتاء عصبة الامم ومن ثم التراجع وقبول انتمائهم رغم انهم خيروا ترك البلاد والهجرة الى تركيا خلال عام واحد.
اني لواثق من نوايا رئيس الاقليم وجميع الاحزاب السياسية في الاقليم واذكر القارئ الكريم ان هناك فعلا حوار ولقاء مع التوركمان ولكن لم تصل تلك اللقائات الى درجة اتخاذ القرارات التاريخية في توحيد جميع ابناء كوردستان تحت خيمة وطنية واحدا باعتبار الوطن الكوردستاني وطنا للجميع بنظامها الديمقرطي والتعددية السياسية والفكرية.