خطوات محسوبة يخطوها الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" في زيارته الحالية للسعودية تضع في أولوياتها المصالح الأميركية أولاً، وقد حصل ترامب على ما يريد بتوقيع اتفاقات عسكرية واقتصادية بمليارات الدولارات بين واشنطن والرياض، بينها اتفاق فوري ب110 مليار دولار واتفاقات أخرى ب350 مليار دولار على مدار عشر سنوات.
ترامب يسعى خلال الزيارة إلى تحسين صورته لدى الرأي العام العربي والإسلامي التي روجها أثناء حملته الانتخابية، وأظهرت معاداة صريحة للإسلام والمسلمين، بل ومنع مواطني بعض الدول من دخول الولايات المتحدة، ويريد التركيز على مكافحة الإرهاب، ولجم سياسية إيران التوسعية، وتدخلها في شؤون دول المنطقة، وتأمين استقرار دول الخليج، وذلك بتشكيل تحالف سني تشارك فيه دول عربية وإسلامية.
ومع التزام أميركا الثابت بأمن إسرائيل وتفوقها، يحاول ترامب الترويج لصفقة لحل القضية الفلسطينية تستند على مبادرة السلام العربية التي طرحها الراحل الملك "عبد الله بن عبد العزيز" على قمة بيروت العربية 2002، وتربط تطبيع العلاقات بين العرب وإسرئيل بالتوصل لتسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية.
ملامح التسوية الأميركية الجديدة ترتكز على التفاوض المباشر على مسارين، الاول: ثنائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين يؤكد على حق الفلسطينيين في تقرير المصير، مقابل الاعتراف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، والثاني: متعدد الأطراف يضم مصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي لتوفير مظلة عربية، مع تركيز صفقة ترامب على البعد الاقتصادي بتحسين الاوضاع في الأراضي الفلسطينية، وتشجيع فكرة الحل على مراحل يقبل بإقامة دولة فلسطينية على أجزاء من الضفة واستثناء القدس الشرقية للمرحلة التالية فهل سينجح ترامب فيما فشل فيه رؤساء أميركا السابقون؟. 
إيران ستظل الحاضر الغائب في القمة، حيث يمثل ترويضها تحديا كبيرا للسعودية ودول المنطقة فقد زاد نفوذها بعد الاتفاق النووي، الذى وقع فى عهد الرئيس الأميركى السابق باراك أوباما، وما أدى إليه هذا الاتفاق من توتر في الخليج، ومشاكل سياسية فى المنطقة، وباتت السعودية في مرمى نيران المتمردين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران وتعالت نبرة التصريحات المتبادلة بين الرياض وطهران. 
ولعل اختيار ترامب للسعودية كأول محطة خارجية له في الشرق الأوسط تكمن في مكانة السعودية في العالمين العربي والإسلامي، واستناد الجماعات الإرهابية إلى شعارات دينية، لذا اختيار دار الإسلام المعتدل كان اختيارا موفقا من قبل مستشاري ترامب لاستكمال رؤية الإدارة الاميركية بشأن مكافحة الارهاب الذي بات يهدد السيادة الوطنية للدول في الشرق الأوسط خاصة في سوريا والعراق وليبيا واليمن. 
زيارة ترامب للسعودية تؤكد التزام أميركا بأمن الخليج، فقد سبق وطالب ترامب بضرورة أن تشارك دول الخليج بنصيب من ثرواتها وعوائدها البترولية في تغطية تكاليف ونفقات القوات الأميركية المنوط بها الدفاع عنها فى المنطقة خاصة أمام المد الإيراني. وهو ما كان سبباً في عقد القمة الخليجية الأميركية. 
أما القمة العربية الإسلامية-الأميركية بحضور قادة العالمين العربي والإسلامي فعنوانها الرئيسي البحث في آلية التعاون لمكافحة الإرهاب من خلال تحالف عربي إسلامي أثيرت علامات إستفهام كثيرة بشأنه من قبل دول عربية وإسلامية خاصة مع اقتراح تشكيل قوة عربية إسلامية. 
وبعيدا عن المثار بشأن هذا التحالف، فإن ترامب يطرح في خطابه جملة قضايا تمثل تحديا مشتركا للولايات المتحدة والعالمين العربي والإسلامي، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب، خاصة تنظيم داعش الذي صنعته إدارة أوباما ويحظي بدعم دول إقليمية، وهو ما يمثل تحولا كبيرا في السياسة الأميركية، ويهدف خطاب ترامب إلى توحيد العالم الإسلامي ضد التنظيمات الإرهابية، واظهار التزام إدارته مع شركائها، وعلى اي حال فإن السياسة الأميركية تقررها المصالح العليا ومؤسسات صنع القرار، وليس فقط الرئيس ترامب الذي يعاني مشكلات داخلية قد تتسبب في الاطاحة به من السلطة قبل إكمال فترة ولايته الأولى، وتبقى المشكلة فينا نحن العرب، الفرقة بدل الوحدة رغم ما يجمعنا، والتوجس من بعضنا البعض، وتباين وجهات النظر في المحافل الدولية ازاء القضايا الاقليمية، كما لا نزال نعتقد أن حلول مشاكلنا ستأتي على طبق من ذهب من البيت الأبيض، واذا استمر هذا الاعتقاد فسننتظر طويلا وربما ندخل في نفق مظلم.