ثلاث قمم عقدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع السعودية ودول الخليج والتجمع العربي الاسلامي (54) دولة والقمة الرابعة مع اسرائيل، العامل المشترك بين هذه القمم الأربع كان عدوا واحدا هو (ايران )، واذ درجت امريكا على منهج تضخيم العدو والمبالغة بشروره ومخاطره على العالم، فأن ايران قد ادركت ان الاحتقانات القائمة في الشرق الاوسط تجعل امريكا تبحث عن مخرج لتنفيسها وبما يبقي التفوق الاسرائيلي، وربما تكون في حرب تدفع فواتيرها دولة الخليج العربي، وتتطوع للاشتراك فيها عشرات الدول العربية والاسلامية.

 السعودية تكرس جهودها بهدف لجم ايران أو ايقافها عن التمدد والتهديد، ولعل نزيف اليمن الذي تعانيه منذ سنتين، قد رفع جديتها في بذل المليارات من أجل تجهيز الجيوش بالاسلحة وجرجرة امريكا ودول اخرى فاعلة للمشاركة في حرب ضد ايران، من خلال اغرائها بعقود مليارية في شؤون الطاقة والاستثمار مايجعل هذه الدول مندفعة لحماية مصالحها، سيما وان الإعلام الأمريكي - العربي - الاسرائيلي لم يتوان عن رسم صورة لايران بكونها الدولة الارهابية الأولى بالعالم والمصدرة للارهاب، قافزين على حقائق الماضي القريب والدول المؤسسة للقاعدة، وماأنتجته دولة الارهاب العنصري (اسرائيل ) من اسباب لاندلاع العنف وتفشي الأرهاب في الشرق الأوسط، ناهيك عن الدور الأمريكي وغزوه واحتلاله للعراق، وهو ماتسبب بخلق بؤر عميقة لإرهاب اسلاموي وطائفي سوف تستمر فاعليته الكارثية لسنوات طويله مقبلة.

 ايران الحالمة بعودة امبراطورية بلاد فارس وتكوين القوة الاعظم بين دول المنطقة، في ظل ضعف عربي وولاءات طائفية اتاحت لها التحكم والتأثير في اربع عواصم عربية، تسعى اليوم لتهدئة اللعب انطلاقا من مبدأ ( أنحني ريثما تهدأ العاصفة )، وصارت تبعث رسائل سلام وطمئنة للجيران من قبل الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته جواد ظريف، لكن يبدو ان هذه الادوار قد خبرتها السعودية جيدا، وتجد في جموح الظاهرة ( الترامبية ) الفرصة التاريخية في الإجهاز على مصدر التهديد والعدو التاريخي والاستراتيجي في المنطقة.

 الحرب ليس نزهة كما يقال، وايران التي تشعر بثقل تورطها في سوريا وحربها المفتوحة على الايام وكلفها التعجيزية، تقابلها السعودية بذات الاشكاليات وثقل الفاتورة لحرب اليمن وسوريا ونزيف لاينتهي حتى لو توقفت حروب المنطقة، وبالأخير فأن خيار الحرب بالتأكيد سيكون ثمنه باهضا ومدمرا على البلدين، خصوصا وان تجمع الدول العربية الاسلامية السنية لن تشارك بدفع اثمانها، بل ستطالب دول الخليج بتعويضها عن مشاركتها بأموال أو نفوط إن وقعت.

 تشير القراءات الجيوسياسية والاقتصادية وتاريخ العلاقات بين البلدين، الى أن امريكا لاتخوض حربا ضد ايران مهما اشتد التصعيد والحرب الإعلامية بينها وبين ايران، كما ان فرسان طاولة الحوار الدولي من حسن روحاني وجواد ظريف، قادران على الاستدارة والإستدراج المقنع للآخر وللداخل الايراني بأهمية المواجهة في الحوار الهادئ، مع بعض تنازلات تفرضها معادلات القوة وحسابات الربح والخسارة في الداخل والخارج، وبما يتناسب مع واقعية مقدرات ايران.

 بمعنى آخر ان هذه القمم الاربع التي اتفقت على عدو واحد هو ( ايران ) مآلها رفع بورصة اسعار الاسلحة، وصفقات مالية ضخمة تهدرها كل من السعودية وايران بهدف تهديد الآخر واستعراض القوة والابتزاز الآخر، وكان الأجدر بكل من السعودية وايران عقد اتفاق مصالحة باشراف أممي يحفظ للدولتين حدودهما، ويتبادلان الدعم والتكامل الاقتصادي والدفاع المشترك، ويكرسان آلاف المليارات المهدورة على الحروب المشتعلة في المحيط العربي الى تنمية للمجتمعات العربية والاسلامية، ومكافحة الفقر والأمية والتخلف والامراض والفاقة التي تعصف بالمسلمين من السنة والشيعة.

 [email protected]