حظي تولي الامير محمد بن سلمان ولاية عهد المملكة العربية السعودية بتباشير الأمل والتفاؤول الكبير لخدمة بلده والخليج والمنطقة بصورة عامة، والكل بعلم ان للمملكة حضور اقليمي متميز على مستوى العالمين العربي والاسلامي، وبحكم الأزمات التي واجهتها المنطقة وما رافقتها من افرازات أمنية وعسكرية وانسانية واجتماعية، استدعت الحاجة للمملكة الى التروي من باب الحكمة والعقل لتجنب السيناريوهات التي التي اعدت لضرب المملكة والخليج وعموم المنطقة بدولها وشعوبهاوالتي كانت تبغي الى الدمار لا البناء، ووقفة المملكة مع الامارات والبحرين ومصر ضد قطر كشفت المخططات التي اعدت بين دول ومنظمات ارهابية لتدمير المنطقة.

واليوم يمر الخليج والعراق والمنطقة اقليميا ودوليا بأزمات سياسية واقتصادية وأمنية كبيرة جلبت معها اضرارا كثيرة لشعوبها ودولها مسببة مأسي وكوارث انسانية متواصلة لا قدرة لسكانها المنكوبين على الخروج منها بسلام بسبب تعقد وكثرة اللعب السياسية والمخابراتية التي ترمى بها المنطقة.

والعراق من كبرى دول جوار المملكة التي دفعت ثمنا باهضا من خلال حروبها الأهلية والطائفية، وخاصة في مرحلة ما بعد سقوط نظام البعث البائد الذي جلب الويلات والمآسي للمنطقة وللعراق وسوريا في آن واحد، حيث ترافق دمار وخراب واسعين معهما للسكان وللبنية الحياتية، وتدمير المناطق وتحطيمها من قبل القاعدة وتنظيم داعش الارهابي صفحات وحشية في تاريخ البشرية.

والكرد في تركيا وسوريا وايران والعراق شعوب تعرضت على الدوام الى معاناة انسانية كبيرة وكثيرة وخاصة في بلاد أنقرة، حيث يتعرض الكرد الى جريمة ابادة شاملة من قبل الرئيس والحكومة والحزب العنصري الحاكم، وكذلك يعاني شعب اقليم كردستان من خلافات متأزمة وأزمات اقتصادية وحياتية ومعيشية بسبب رئاسة دكتاتورية وسلطة مارقة متسلطة على رقاب المواطن لا تعرف غير النهب.

والحقيقة المرة التي افرزتها الاحداث المريرة للمنطقة ان دول مارقة لعبت دورا خبيثا على الدوام لضرب العرب والكرد معا لنوايا وأهداف عنصرية وشوفينية وسلطوبة حالمة بالتوسع لاعادة تاريخ سلاطينها المارقين في زمان السلطنة العثمانية، والدولة هي تركيا الدكتاتورية في ظل رئيسها اردوغان وحزبها الحاكم وحكومتها المتعجرقة، وهذا الدور الخبيث لأنقرة بان أكثر وانكشف على مصراعيها خلال أزمة الحليج من خلال تماديها في اتخاذ موقف مؤيد ومتحالف مع قطر ضد المملكة ودول الخليج.

ومن باب الرؤية الانسانية والأمل المنشود بالقدرة والقيادة الاقليمية للمملكة، يسرنا وبتواضع ان نطرح بعض الافكار والمهام الانسانية النبيلة على سمو ولي العهد لنوايا وأهداف تخدم المملكة وشعوب ودول المنطقة، وبما لسمو الامير من حضور فعال وأثر بليغ فان المهام المقترحة في حالة تبنيها ستكون لها اثر كبير في ارساء تنمية أساسية للافراد وللمجموعات السكانية لانها تضمن مستلزمات ومقومات الحياة الرئيسية، وهذا ما يساعد على ارساء السلام والأمان بين شعوب المنطقة، ونقترح ان تكون الرعابة لمبادرة المهمات الانسانية لجلالة الملك او لسمو ولي العهد، والمهام هي:

أولا: الاعلان عن تبني صندوق دولي تحت عنوان "صندوق اعادة اعمار العراق" برعاية المملكة السعودية ومشاركة دول الخليج والأمم المتحدة لاعادة اعمار المناطق المدمرة وخاصة في المحافظات الانبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك لاعادة المقومات والبنية الحياتية لسكانها وضمان المستلزمات الأساسية والخدمات العامة.

ثانيا: تبني قتح حوار ونقاش مباشر من منطلق تثبيت المشتركات الاسلامية السمحاء بين المراجع الدينية في المملكة وفي العراق للاتفاق على وثيقة اسلامية عالمية ضد العنف والتطرف والتشدد والتكفير والارهاب، ولهذه الوثيقة ضرورات حتمية من واقعنا المعاصر في ظل اتهام الاسلام بجميع مذاهبه بالارهاب.

ثالثا: العمل الاستراتيجي لتشكيل تحالف سعودي عراقي، او خليجي عراقي وبمشاركة خليجية للوقوف بوجه التحالفات المعادية لشعوب المنطقة والتي تقودها بعض الدول لاهداف ارهابية وتوسعية وتخريبية لم تجلب غير الدمار والخراب والمآسي والويلات.

رابعا: العمل الاستراتيجي لتشكيل تحالف سعودي كردي، او خليجي كردي، وبمشاركة خليجية وذلك لضرورات سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية استراتيجية ولتملك الكرد لقدرة قتالية عالية شجاعة وباسلة معترف بها عالميا، وللوقوف بوجه سياسة دول ارهابية ودول معادية للمملكة والخليج ولشعوب المنطقة من العرب والكرد خاصة، والتي لم تجلب من ورائها غير الدمار والخراب والمآسي والويلات لهما.

خامسا: العمل على انضمام العراق الى منظومة دول التعاون الخليجي لاهداف استراتيجية واقتصاددية وعسكرية وامنية واجتماعية تخدم العراق والمنظومة ودولها وشعوبها ومكوناتها وحاضرها وممستقبلها، وتضيف قوة كبرى الى المنظمة التعاونية.

سادسا: تكرم خادم الحرمين الشريفين او ولي العهد بتبني دعوة من اجل السلام الاقليمي لاطلاق سراح الزعيم الكردي في تركيا عبدالله اوجلان لضرورات سياسية وقيادية للمشاركة والمساهمة الفعالة لحل القضية الكردية وارساء السلام في المنطقة، تيمنا بدعوات دولية مماثلة تسببت باطلاق سراح الزعيم الأفريقي نيسلون مانديلا.

هذا باختصار أهم المهام الانسانية النبيلة التي نعرضها بتواضع شديد الى السيد ولي عهد المملكة العربية السعودية الامير محمد بن سلمان، ولا شك ان هذه المبادرة ستعزز الدور الانساني للمملكة لدى شعوب المنطقة لمساهمتها الانسانية الكبيرة في تحقيق التنمية واحلال السلام، وفي الحتام نأمل ان تحظى هذه المبادرة بالاهتمام الكافي من قبل السادة المعنيين في المملكة، وندعو بالتوفيق والعمر المديد لجلالة الملك وولي العهد، ولكل من يتبنى غصنا للسلام من أجل خدمة الانسانية، والله من وراء القصد.

(*) كاتب صحافي ورئيس تحرير مجلة "بغداد" سابقا