استضاف منتجع صلاح الدين يوم السبت،المصادف 8 تموز 2017 اجتماع المجلس الأعلى للإستفتاء الذي عقد بحضور رئيس المجلس الاعلى للأستفتاء السيد مسعود بارزاني وممثلي الاحزاب الكردستانية باستثناء ( حركة التغيير والجماعة الإسلامية )، وذلك بهدف تبادل وجهات النظر واستعراض مدى التزام الاحزاب الكردستانية بقرارات والتوجيهات الصادرة عن اجتماع 7 حزيران 2017، حول تحديد يوم 25 أيلول 2017 لإجراء الإستفتاء في إقليم كردستان، والمناطق الكردستانية خارج إدارة الإقليم، ومعالجة (مشاكل) العملية السياسية والسعي لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وتحديد الخطوات العملية والإجراءات التحضيرية في جميع جوانب الاستفتاء وهيكلية عمل المجلس الأعلى للاستفتاء ولجانه الفرعية. 

وجرى الاجتماع المذكور بمشاركة نائب رئيس حكومة إقليم كردستان السيد قوباد الطالباني، فضلاً عن محافظ كركوك، السيد نجم الدين كريم، بالرغم من اصرار الاتحاد الوطني الكردستاني على عدم التزامه بأي قرار يصدر من الاجتماع المذكور، كما اعلن السيد رفعت عبدالله احد قياديي الاتحاد قبل انعقاد الاجتماع بيوم، اكد في حال مشاركة اي عضو قيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني في لجنة الاستفتاء فأنه سيمثل نفسه فقط ولن يمثل الاتحاد، وخاصة بعد ان اكدت قيادة الاتحاد الكردستاني، ان الاتحاد لن يؤد الاستفتاء قبل تفعيل برلمان كردستان وارجاع قضية الإستفتاء الى البرلمان كمؤسسة شرعية لها صلاحية اقرار المسائل المصيرية.
وتزامنا مع اجتماع المجلس الاعلى للإستفتاء، عقدت القيادة المشتركة لحركة التغيير والاتحاد الوطني الكردستاني مساء يوم السبت، 8 تموز في مدينة السليمانية اجتماعا مشتركا لمناقشة عدة مسائل منها مسألة الإستفتاء والتأكيد على ضرورة تفعيل برلمان كردستان وتصحيح أوضاع الإقليم السياسية و خلق ظروف ملائمة لاجراء الإستفتاء بعد حل القضايا الاخرى الداخلية في الإقليم، واختتمت القيادة المشتركة اجتماعها ببيان صحفي جاء فيه: ضرورة توحيد الصف الوطني للمسائل القومية و الوطنية والمصيرية لشعب كردستان، اجراء الاستفتاء بعد تفعيل برلمان كردستان وذلك في سبيل تحقيق الإستقلال في الحدود الادارية لإقليم كردستان و(المناطق المتنازع عليها)، ودمج كتلتي التغيير والاتحاد الوطني في مجلس النواب العراقي وبرلمان كردستان ومجالس المحافظات.

وسط هذه التلاطمات السياسية الداخلية والأمواج الهادرة والمخيفة الخارجية التي تهدد مصير شعب كردستان، نلاحظ في الفترة الأخيرة وتحديدا مع اعلان موعد الإستفتاء أن هناك من يعمل على تغذية الخلافات وتعميقها ومحاولة توسيع الاختلاف بين الاحزاب الكردستانية وافتعال المشاكل بين جميع أبناء الإقليم بحجج وهمية، وعليه وللاسف نرى بكل وضوح ان يوم بعد آخر يزداد الشرخ والتغرات بين ابناء الإقليم كما يزداد الانقسام والمناكفات والخلافات السياسيّة بين الاخوة الاعداء. 
ويرى المراقبون، إن استمرار حكومة الإقليم بإدارة ظهرها للشعب، وعدم المبالاة لمعاناة الناس وأنينهم وأوجاعهم سيزيد من احتقان الشارع الكردستاني و يعيد الإقليم إلى المربع الأول، وخاصة اذا لم يتم تفعيل البرلمان الكردستاني برئاسته الحالية المنتخبة لحل المشاكل القانونية والسياسية في إقليم كردستان ومعالجة الأزمة المالية التي تعصف بالإقليم منذ سنوات وتحسين أوضاع المواطنين والعمل الجدي من اجل الإصلاحات الجذرية في جميع المجالات. 
اخيرا لابد ان نشير الى نقطة مهمة وهي: مع اقتراب العد التنازلي لحسم موقف الاحزاب تجاه الإستفتاء بشأن انفصال اقليم كردستان عن العراق، لاتزال هناك معوقات كبيرة امام عملية الإستفتاء وخاصة على الصعيد الداخلي. 

فلاتزال الأحزاب الكردستانية الرئيسية غير متفقة لحد كتابة هذه الكلمات على آليات إجراء الإستفتاء مما ادت إلى تقسيم مواقف الجماهير بحسب ولائها الحزبي والسياسي في الإقليم، اضافة الى وجود خلاف وتباين ملحوظ في مواقف واراء الأحزاب الكردية حول تفعيل البرلمان الكردستاني ومشكلة رئاسة الإقليم الفاقدة للشرعية منذ أكثر من عامين، اضيف الى ذالك، تعامل الاحزاب الكردستانية مع الإستفتاء وفق مصالحهم الحزبية الضيقة.

الأسئلة التي تشغل وتقلق بال المواطن الكردستاني المغلوب على امره والرأي العام هي: 
هل تستطيع الوفود واللجان الكردستانية في اقناع الدول العالم والدول الإقليمة وبغداد باحقية الإستفتاء والإستقلال، في وقت الذي تتعامل مرجعيات الاحزاب الكردستانية مع الإستفتاء وفق مصالحهم الحزبية الضيقة، فعلى سبيل المثال لاالحصر، إن تصريحات السيد مسعود البارزاني امام البرلمان الاوربي، يوم امس، الثلاثاء المصادف 11 /7 /2017، تصريحاته عن الاوضاع الداخلية السياسية البائسة في الإقليم واتهام حركة التغيير بتخريب امن الإقليم ومهاجمة مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني واحراقها عمقت هوة الخلافات بين الطرفين بدل ان تردمها.

ألم يكن الأجدر بهذه الاحزاب والقوى الكردستانية بأن تنسجم خططها وتوحد خطابها وبيتها وتُفعل البرلمان كمؤسسة شرعية لها صلاحية اقرار المسائل المصيرية وحل الازمة الاقتصادية المتفاقمة وبنا مؤسسات ديمقراطية حقيقية تضمن الكرامة والحرية والمساواة للمواطنين جميعأ، قبل دقّ ابواب المجتمع الدولي والبرلمان الاوربي بهدف بحث ومناقشة قضية الإستفتاء على الإستقلال واقناعهم باحقية الاستفتاء؟ 

بعد هذا الاستعراض المختصر للوضع الداخلي البائس في الاقليم نقول، كل شخص في الإقليم يتمنى أن يعيش في دولة مستقرة، ويرتاح من عناء سنين النضال الشاق والطويل مثله مثل بقية شعوب العالم، ولكن في السياسة دائما التمنى شيء والواقع شيء أخر، وعليه نؤكد ونقول ان بناء الدولة يتطلب اولا تعزيز وتماسك الجبهة الداخلية من اجل بناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية من قبل قوى سياسية مؤمنة بجوهر العمل الوطني الديمقراطي من اجل تحقيق سيادة العدل الإجتماعي، اضافة الى تهيئة المناخ الملائم والمقومات والمصادر والموارد التي لا تكتمل عملية بناء الوطن بدونها، اضافة الى ذالك، ان بناء الدول لم يعد بيد الحكومات والشعوب وحدها وانما هناك قوى عظمى ودول واطراف دولية ذات المصالح المشتركة تعمل تحت شعار (الديمقراطية، تنظيم المجتمعات وإستقرارها طبعأ بالحفاظ على نفوذها ومصالحها في المنطقة، أهمية الحفاظ على وحدة الدول وسلامة أراضيها وتطبيق سياسات ازدواجية ماكرة صممت من أجل اخضاع الشعوب بقوة من جهة وإبقاء مصادر البترول المنطقة في أيديهم وتحت سيطرتهم من جهة ثانية، اضافة الى ذالك ان هذه القوى الدولية لها نفوذها وسلطتها واجندتها في المنطقة، وتتعامل مع السياسات والقوانين الدولية حسب الخداع والمعاير المزدوجة والمكائد السياسية و العهود الزائفة (الموروثة عن الاطماع الاستعمارية الغربية في الشرق الاوسط )، وهذه النقطة هي من أهم معوقات ولادة الدولة الجديدة في الشرق الاوسط الحبلى والمحتقنة بل محترقة أبداً بالصراعات و المصالح والتناقضات والتشرذم السياسي والفوضى الأمنية والمذهبية والإثنية والقومية، وان اعتراضات الخارجية ( الإقليمية والدولية ) الاخيرة على الخطوات الإستقلالية الكردية ( على الاقل في الوقت الحاضر ) والتاكيد على أهمية الحفاظ على وحدة العراق خير دليل على ذالك. 
ـــــــ
*ملاحظة إلى قرائي الاكارم: كل المداخلات والاراء والملاحظات محترمة وهي محل تقديري واحترامي سواء اختلفتم معي او اتفقتم، ومن حقكم أن تعبروا عن رأيكم وتنتقدوا وتختلفوا معي، ( فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية)، ولكن الاختلاف شيء وتوزيع التهم والتشهير شيء اخر. للاسف بعد نشر سلسلة من مقالاتي حول الإستفتاء في الإقليم، وضمن سيل التعليقات خرجت بعض الآراء الغريبة عن اطارها الطبيعية كردّ فعل من قبل بعض الاعزاء، فبدل ان يناقشوا الفكرة والمعلومات والارقام والاحصائيات المطروحة في المقال قاموا بتوزيع التهم والتشهير بي وإتهامي (بالعمالة والخيانة) وهي تهمة كبيرة، وكبيرة جدا، لهذا اقول: إذا كانت لديكم معلومات موثقة تثبت ذالك فقدموها للقراء عبر ايلاف الغراء، أما إذا كانت التهمة مبنية على الباطل والانفعالات والعاطفة والمصالح الحزبية الضيقة، فعليكم الإعتذار وعدم مزاولة هذه المهنة البائسة، (توزيع التهم زورأ وبهتانأ )، أعتقد أنه غير لائق بمقامكم وخاصة أنتم ممن تمثلون الطبقة او النخبة المثقفة والواعية الكردستانية ان توزعوا الاتهامات جزافا، فليس من حقك عزيزي القاريء أن تتهمني بالعمالة والخيانة فهذا الاتهام لا يطلق جزافا وانما يجب ان يخضع للدليل.. انا احترم الجميع واستفيد من ارائكم القيمة، ومن باب تعزيز التواصل معكم خصصت بين الفينة والأخرى مقالة للمناقشة والرد على بعض مداخلاتكم واسئلتكم واستفساراتكم، وأتمنى أن أكون على قدر هذه المسؤولية، مع عظيم شكري تقديري.