ماذا فعل البارزاني حتى تقوم قيامة بلدان المنطقة مضافة إليها الولايات المتحدة الامريکية و بلدان الاتحاد الاوربي ضده؟ واشنطن التي إتهمها الکثيرون بأنها وراء تقسيم و تجزئة العراق و دعم الکرد، تقوم بإرسال وزير خارجيتها کي يقنع البارزاني بالعدول عن فکرة الاستفتاء، وهو الذي يمثل أکبر بلد يمثل الديمقراطية الحديثة في العالم و تزعم مناصرتها لحق تقرير مصير الشعوب، والمانيا ميرکل و فرنسا ماکرون قد بعثا بأکثر من رسالة لأربيل من أجل ثنيها عن الفکرة، والبلدين غنيان عن التعريف بعلاقتهما الوثيقة بالديمقراطية و بتإييدهما لقضية حق الشعوب في تقرير المصير.
عندما سعت تيمر الشرقية للإنفصال عن أندنوسيا، لم تقم قيامة بلدان العالم و لم نرى هکذا رقصة جماعية ترکية عربية إيرانية أمريکية اوربية مشترکة ضدها، لکن المميز هو موقف الجمهورية الاسلامية الايرانية(الصفويون الجدد)، وموقف ترکيا الاردوغانية(العائدة للقميص العثماني)، إذ أن قادة و مسٶولون سياسيون و عسکريون و رجال دين لاينفکوا من الحديث عن موضوع إستفتاء کردستان وکونه يمهد لإسرائيل ثانية في المنطقة و إختتام ذلك بالتهديد و الوعيد، أما أردوغان الذي يشارك خصومه في توظيف الدين للأغراض السياسية، فإنه لايکف عن التهديد و الوعيد و تقديم النصح المبطنة بالتهديد و الوعيد أيضا، السٶال هو: لماذا تخاف جمهورية "الاسلام المحمدي الاصيل" في إيران من هکذا إستفتاء وهي التي تهدد بمحو إسرائيل و بضرب أمريکا إذا إقتضى الامر؟ هل إن الامر حقا مرتبط بحرصها على وحدة التراب العراقي؟ عن أية وحدة تراب يتحدث هٶلاء الذين مزقوا العراق بفتنة طائفية قذرة أحرقت الاخضر و اليابس؟ من الذي هيأ الارضية لشيعستان و سنستان و کردستان و و و غير جمهورية"الاسلام المحمدي الاصيل"؟ والسٶال الاهم من ذلك: لماذا لم تتقدم هذه الجمهورية العتيدة ولو خطوة واحدة بإتجاه مواجهة إسرائيل"الاولى"، لکن لاأعرف لماذا أجد نفسي أمام مقطع شعري لمظفر النواب بهذا الصدد: من کان تشوه أو کان يموت بطيئا فليتقدم......وهذا هو تقدم الجمهورية الاسلامية الايرانية التي باتت شوارع طهران و إصفهان و شيزار و غيرها تکتض ليلا ببائعات الهوى"المضطرات" من جراء الجنة المزعومة التي جاء بها آية الله الخميني لإيران!!
ماهو السر الذي يدعو ترکيا أردوغان لهکذا سوفان في التصريحات و المواقف المعادية للإستفتاء؟ هل هي حقا بسبب من مخاوفها على وحدة التراب العراقي؟ من الذي ساهم في تجزئة جزيرة قبرص غير ترکيا؟ ألم يکن التقسيم إنتصارا للعرق الترکي في الجزيرة؟ ثم من الذي يحقن ترکمان العراق بأفکار طورانية و أمور أخرى للميت الترکي فيها ألف غاية و غاية، ثم من الذي کان وراء إيصال العراق الى هذا المنعطف الاستثنائي غير السياسة الوصولية الترکية المتصيدة في کل ماء عکر خخوصا دورها ذو البعد التجاري مع داعش، ثم هل نسيت ترکيا دورها في أنجرليك و غيره من الادوار التي مهدت لعراق اليوم أم إنها تضحك على نفسها و تعتبر الاخرين سذجا؟
مايجري اليوم في المنطقة و العالم من جراء إقبال إقليم کردستان العراق على إستفتاء لتقرير المصير(غير ملزم)، أمر غريب من نوعه بل وحتى غير مسبوق، إذ يبدو وکأن البارزاني بإصراره على إجراء الاستفتاء وکأنه أقام القيامة، إذ يکاد المرء يجد الجميع محشورون ضد هذا الاستفتاء ولکن وکما يبدو فقد مضى البارزاني في طريق لارجعة فيه، إذ إن إلغاءه أو إرجائه للإستفتاء يعني ليس نهايته فقط وانما نهاية سطوة عائلة البارزاني بحد ذاتها!
قرار البارزاني الذي يفتقد الى الحکمة من عدة جوانب ولاسيما من حيث إستعجاله و سعيه من خلال الاستفتاء مايمکن وصفه و تشبيهه بالهروب للأمام، ذلك إن هناك أمرا أکثر إلحاحا و ضرورة لدى الشارع الکردي وهو تطهير الحزبين الرئيسيين من بٶر و أوکار الفساد"وخصوصا حزب البارزاني المتخم بعتاة الفاسدين" لأن ذلك يعني بالضرورة تطهير البرلمان و الحکومة أيضا، لکن يبدو إن بارزاني الذي لم يتمکن بل وبصريح العبارة لم يجرٶ على إقامة قيامة ضد الفاسدين من مصاصي دماء الشعب الکردي و سراق ثروته و أمواله، بادر الى إقامة قيامة الاستفتاء على أمل تسجيل موقف تأريخي له على حساب الشعب الکردي و مستقبل أجياله.