ينصرف ذهن المواطن العراقي حال سماعه بمصطلح الجيوش الالكترونية، الى الاشخاص الذين يدافعون او يهاجمون، على شكل مجموعات، سياسيا او حزبا، على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة كالفيسبوك وتويتر وغيرها من العوالم الافتراضية التي امست مرتعا خصبا لمثل هكذا صراعات واحترابات حديثة.

الفضاءات الرقمية التي اضحت ساحة للترويج او التسقيط السياسي بين الاحزاب التي تتنافس من اجل الوصول للسلطة، القت بظلالها على مشهد الحملات الانتخابية التي لجأت الى استخدام الإعلام الحديث والمنصات الافتراضية اداةً لتسويق خطابها للجماهير ووسيلة للنقد، او التشهير ، بخصومها السياسيين.

استقراء بسيط حول معالم هذه الظاهرة يكشف لنا عن حقيقة ان هذه الظاهرة&&الحديثة لم تقتصر على العراق كما يحاول بعض الجهلة الترويج لذلك نقدا وكرها بالسلطة، او تشهيرا بالشعب وسلوكياته، او جهلا بالحقيقة وعدم ادراكها.

&

ان التركيز&&حصريا على مايحدث في مواقع التواصل الاجتماعي من صراعات بين مختلف التوجهات السياسية جعلنا نصرف الانتباه عن منصات رقمية ومساحات افتراضية اخرى تنشط فيها سلوكيات تشبه في غاياتها ماتقوم به الجيوش الالكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي من حيث اساليب التسويق او التسقيط وعلى نحو قد يكون اشد واعمق واكثر&&ايلاما، ولهذا نستطيع الجزم بحقيقة ان مجموعات الواتساب او&"&الگروبات"&كما يحلو لبعضهم تسميتها، تعد من وجهة نظري احدى اهم واجهات الجيوش الالكترونية في العراق.

&

وقد اوضحت دراسة جديدة اجرتها مؤسسة&"&ديجيتال نيوز ريبورت&"&ان الواتساب يعد&&من اكثر الوسائل الرقمية الحديثة التي من خلالها يتم الاطلاع على الاخبار ومناقشتها، ولذا يستطيع اي سياسي او جهة ان تستخدم منصة الواتساب في الترويج والتسويق لنفسها او مهاجمة خصومها في مجموعات التطبيق الشهيرة ، شأنها شأن اي صفحة على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك.

&

في هذه المجموعات يستطيع اي عضو ان يسوّق لفكرة معينة من خلال ما يضعه من منشورات او روابط الكترونية تحيل اعضاء المجموعة لخبر معين خصوصا ان مدراء هذه المجاميع لم يحصلوا الى فترة كتابة المقال على ميزة حذف اي منشور من منشورات الاعضاء من خلال تحديثات الواتساب التي يطرحها في كل فترة.

&

ولذا تصبح هذه الروابط او المنشورات بمثابة مادة تُستخدم للتسويق او التسقيط السياسي في حالتين ؛

&

الاولى: اذا كانت المجموعة تضم اعضاءً مؤثرين وقادرين على خلق وتحشيد رأي عام معين مع او ضد سياسي ما.

&

الثانية: اذا تبنت ادارة المجموعة خطاً سياسيا معينا يصب في اطار مصلحة حزب ما، وكان لديها هدف سياسي، وحينها تكون المجموعة&"الواتسابية&"&جيشا الكترونيا بامتياز.

&

&

ومع هذا التشخيص لمجموعات الواتساب، فاننا يجب ان نقر باختلاف التسويق والترويج في مجموعات الواتساب عن غيره من سلوكيات الجيوش الالكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة من فيسبوك وتويتر وانستغرام، ويمكن لنا ان نضع النقاط التالية:

&

اولا ؛ ان مجموعات الواتساب محدودة العدد فلايزيد اعضاؤها طبقا لمعايير الواتساب، عن&256عضوا ، لكن بعض اعضاء هذه المجاميع لديه صفحات او حسابات للترويج السياسي له او لغيره، او لديه علاقة مع اصحاب الصفحات، ومن الممكن ان يرسل اي خبر متداول في المجموعة لهذه الصفحات او يقوم بنقل الخبر المتداول في الصفحات الى المجموعة.

&

ثانيا ؛ ان مايتم طرحه في المجموعات ليس عفوية، والنشر فيها ليس اعتباطيا، بل ان بعض الاحزاب يخصص بعض الافراد من اجل التواجد في مجموعة ما من اجل الترويج لافكارهم او الرد على الاتهامات التي تطالهم او مهاجمة الخصوم على نحو من الانحاء، ولذا تجد ان امثال هذه النماذج قد نشطت قبل الانتخابات بكثرة في مجموعات الواتساب، الا انها اختفت وبشكل مثير وواضح بعد اجراء الانتخابات حينما انتهى دورهم .

&

ثالثا؛ استخدام التسجيل الصوتي في التطبيق لاجراء لقاء&&مع بعض الشخصيات ممن تقوم المجموعة بدعمه ، حيث يتم الاتفاق معه على اجراء حوار يتم فيه طرح اسئلة ثم يجيب عليها صوتيا، وبذلك يؤدي اصحاب المجموعة دورا كبيرا في الترويج لسياسي ما ، مع الاخذ بنظر الاعتبار ان هذا لايعني ان كل مجموعة تقوم بهذا الحوار الصوتي يعني انها تروج له او متفقة معه لكي لانقع ضحية للتعميم الخاطئ .

&

رابعا؛ لجوء&"&بعض"&اصحاب المجموعات لاساليب يمكن ان نصف بعضا منها بانها&"&ابتزازية&"، تستهدف طرفا سياسيا معينا، دون غيره، ولهم في هذا طرق مختلفة، منها اعتماد رقم هاتف مجهول او باسم امرأة غير معروفة في المجموعة ثم يقوم، هذا الرقم، بنشر اخبار او روابط لاخبار معينة في المجموعة&"&تتناغم&"&مع توجهات اصحاب المجموعة وتستهدف سياسيا ما او تسعى للترويج لفكرة معينة، لكنهم لايرغبون بنشرها باسمائهم المعروفة.

واذا كان باحثو&&معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قد اكدوا&&في دراسة حديثة أن الأخبار الكاذبة في تويتر تنتشر أسرع بنسبة70٪؜ من الأخبار الحقيقية، فانني ارى ان الاكاذيب التي يتم تسويقها في منصة الواتساب قد تنتشر بنسبة تزيد عن ال70%؜&&عن اي تطبيق من تطبيقات التراسل الفوري الاخرى، حيث يشكل هنا الواتساب نقطة انطلاق لنشر الخبر المفبرك وتوزيعه بين الناس لثلاثة اسباب هي:

١-&الانتشار الكبير&&

انتشار استخدام التطبيق لدى ملايين الناس بحيث لا يخلو منه جهاز هاتف حديث سواء امتلكه اعلامي او مواطن اعتيادي.

٢-&خاصية المجموعات

استخدام ميزة المجموعات من قبل اغلب المستخدمين، والتي يتم عن طريقها نقل الاخبار.

&

٣-&النقل السريع

سهولة استخدام الواتساب وتناقل المواد فيه ( فيديو ، صورة ، نص ) من الناحية التقنية مقارنة بتطبيقات التراسل الفوري الاخرى .

باحث في مواقع التواصل الاجتماعي