ما زال الشعب الكردي بكافة اجزائه المقسمة في الدول الأربعة ( ايران تركيا العراق سوريا بموجب اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 ) لا يعلم كيف خانتهم امريكا ، فقط ترديد عبارة الخيانة دون وجود دلائل او وثائق او حتى وقائع ملموسة على الارض، وعلى العالم عدم لومهم ، فالقيادات الكردية او بالأحرى القيادات الكردستانية هي من اوهمتهم بذلك لحفظ ماء الوجه في اي خسارة يتعرضون لها والتي غالبا ما تكون نتيجة أجنداتهم الشخصية والحزبية وليس بسبب اي خيانة خارجية .

الصفقة الكبرى التي باعت واشنطن من خلالها الاكراد تتوضح في مقولة خانتنا أمريكا في مهابادوكركوك وشنكال وكوباني وعفرين ، تلك شعارات الشعب الكردي في اية نكسة يتعرضون لها ، ربما الأسرار الغير معلنة تتواجد ضمن اروقة غرف القيادات الكردستانية ، ومن دون العودة للتاريخ واعادة ارشيفه كون الوقت غير ملائم ، فما جرى منذ حروب الخليج (1-2) كافية تماما لتظهر الحقائق ، لم تكن هناك اي اتفاقية بين الكرد وواشنطن لحماية الامن القومي الكردي او ترسيم حدود كردستان ،(1994-1997) تدخلت ايران لضرب الحزب الديمقراطي الكردستاني –العراق ، وتدخل نظام البعث العراقي لضرب حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ولم تحلق اي طائرة عسكرية لضرب الدولتين وحماية الكرد ، لم تكن هناك اتفاقية حماية مشتركة بين الاقليم وواشنطن ، والاكثر من ذلك كان القطبين الرئيسين في اقليم كردستان على قائمة الارهاب داخل البيت الابيض رغم اعلان الحكم الذاتي للأكراد شمال العراق في بداية التسعينيات .

عام 2014 احتل تنظيم داعش الارهابي قضاء شنكال وارتكب ابشع الجرائم من قتل ونهب ضد الايزيديين واستمر الحال نحو عامين دون ان تتدخل القوى العظمى ، وباقتراب الارهابيين من حدود اربيل بفاصل 20 كلم اصبحت القواعد العسكرية الامريكية المتواجدة بالإقليم في خطر وتحركت على اثرها لإبعادهم وليس للقضاء عليهم ، وهو نفس الحال بالنسبة لكوباني في كردستان سوريا ، اصبحوا على مشارف المدينة بعد ان استولوا على جميع القرى المحيطة بها وقتل ونهب سكانها ، تدخلت في اللحظات الاخيرة لان ارض كوبانياصبحت مسطحة وجاهزة لأنشاء قواعد عسكرية امام طائراتها دون اي اية عوائق سكنية او بشرية ، تكرر المشهد في كركوك عام 2017 حين اقتحم الحشد الشعبي بأوامر من الحرس الثوري الايراني قلب المدينة وايضا نفس الحال قتل ونهب بحق المدنيين ولم تتدخل واشنطن لا لحماية الكرد ولا لسحب اسلحتها من تلك الميليشيات التي كانت بحوزتهم، وبمقارنة صغيرة ليس لتبرئة الامريكان من جرم الخيانة وانما لإظهار الحقائق فقط ، فان الاتفاقية التي وقعت بين وزارة البيشمركة والبنتاغون في اربيل منتصف 2016 التي وقعها مساعد وزيرالدفاع الأمريكي إليسا سلوتيكن ، انما في الحقيقة هي ليست اتفاقية لحماية الاقليم او دعم كردستان قوميا ، وانما لم تتعدى بروتوكول دبلوماسي كانت بنودها واضحة انه لا يتعدى الدعم المادي وبعض الاسلحة التي تكون بمثابة هدايا على ما تقدمه اربيل من رعاية خاصة ورفاهية للضباط الامريكيين المتواجدين في القواعد العسكرية داخل الاقليم ، ولا يختلف الامر تماما بالنسبة لدورها في كردستان سوريا وتحالفها مع وحدات حماية الشعب الكردية ، حلقت طائرات تركية فوق المناطق الكردية مرورا فوق قواعد الامريكان لضرب مراكز لقيادات وحدات حماية الشعب ، حصل في اكثر من نقطة ( قرية قره جوخ وتربسبي وعامودا وسري كانيه ) قَصفت وقتلت واصابت الكثير من المقاتلين بجروح خطيرة ودمرت الاماكن والاسلحة ولم تتحرك واشنطن لحماية حليفتها وردع ذاك العدوان ، تهيأت تركيا ببداية عام 2018 لدخول عفرينبأسلحة ثقيلة يرافقها فصائل اسلامية متشددة ارهابية وتوغلت وارتكبت كتنظيم داعش ابشع الجرائم بحق المقاتلين الكرد والمدنيين على حدا سواء ، لم تتدخل ايضا القوات الامريكية لحماية حليفها ، وعاد الشعب ليكرر مصطلح الخيانة دون ان يعلم ان الامريكان كحال اقليم كردستان لم يوقعوا اي اتفاقية حماية للكرد في كردستان سوريا مع القوات الكردية ، ولم تتعدى بنود اتفاقيته سوى دعم مادي وسلاح لمحاربة الارهاب وفق وجهة نظرها وليس وفق وجهة نظر القانون والانسانية لتحديد الارهابيين كتركيا ، ان الخيانة تكون حين يكون هناك تهرب من شراكة حقيقية او مخالفة بنود تكون نتيجتها كارثية ، الامريكان لم يوقعوا مع اي قوة كردية اتفاقية لحمايتهم من بطش اعداء الانسانية ، لا في العراق ولا في سوريا ، ولم تتعدى المال والسلاح كحال بعض الدول العربية التي تحمي قادتها للبقاء في سدة الحكم ولا تحمي شعوبهم من القتل والتهجير .

سيظل الاتراك والفرس والانظمة الديكتاتورية تقتل الشعب الكردي وتغتصب ارضهم ، ولن تحميهم امريكا او بريطانيا او اي دولة اخرى، لا توجد وعود او اتفاقيات دولية لحمايتهم لسبب وجيه وهو حتى الان لا يوجد لهم وجود في خارطة العالم او خارطة حقوق الانسان ، لم تُخن امريكا الكرد مطلقاً ولم تُخلف بوعدها في اي اتفاق مع قادة اربيل وقنديل ، انما الحقيقة الاوهام التي لازمت الشعب الكردي طوال عقود هي من خانتهم ، وكانت عاطفتهم هيالسبب في تمجيدهم وتصفيقهم للأخر، وتناسوا ان اشباه القادة من خلفهم رفعوا رؤوسهم امام محوري اربيل وقنديل وقبضوا ثمن اوهام وعاطفة وصرخات الشعب ، وتلك القوى الكردستانية لم تبخل باحتضاناشباه القادة ودعمهم بالمال ابداً ، فنضالهم طوال عقوداً مضت كان لتعويد الشعب على الاوهام والعبودية والتسلق فوق اكتافهم .

ليصبح النقد بناءً ما على الكرد سوى حماية انفسهم من خلال العودة للعقل والرؤية بالعين المجردة للواقع وترك العبودية والتصفيق ، حينها قد ينظر اليهم المجتمع الدولي كبشر ومن الواجب حمايتهم ، فالقوى العظمى تعودت ان لا تهتم بشعوب تنظر لأنفسها نظرة العبيد خلف انتهازيين نصبوا انفسهم قادة وضحوا بالشعب لبقائهم .