كما كان متوقعا فاز رجب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة بالتحالف مع حزب الحركة القومية الفاشي وزعيمه دولت باخجلي في فوز ليس كأي فوز فتركيا من الآن وصاعدا دخلت مرحلة النظام الرئاسي السلطاني اذ كل شيء تقريبا بات في يد الرئيس الأوحد بما في ذلك تشكيل الحكومة وحل البرلمان وتعيين الوزراء حيث لن يكون هناك رئيس وزراء بل رئيس الجمهورية هو بمثابة رئيس الحكومة ... هو الدولة والدولة هو يختزل جل السلطات في نكوص خطير عن النظام البرلماني والمؤسساتي لصالح صعود النزعة الامبراطورية الشعبوية التي تتجسد في شخص الزعيم الملهم الذي أبتعثته العناية الالهية ولعل الأغاني المتغنية بأردوغان خلال هذه الحملة خير مثال على مدى استفحال حال تضخم الأنا الأردوغانية . 

فالتحالف القوموديني المنتعش على وقع سياسات التوسع والاحتلال والابادة ضد الكرد بالدرجة الأولى ها هو يدشن بدء العصر السلطاني قانونيا ورسميا وبالتفويض الشعبي ومهما قيل وبحق عن حصول عمليات التزوير الواسعة وحملات الترهيب بل والابادة السياسية ضد الكرد خصوصا وضد مختلف التيارات العلمانية والديمقراطية على ضعفها وهوانها وتوظيف وتسخير سلطات الدولة ومقدراتها لخدمة الحملة الانتخابية الأردوغانية لكن ثمة حقيقة مرة مفادها أن غالبية الأتراك أختارت مجددا أردوغان بما يحمله من سياسات ومشاريع قاتلة ومن سجل أسود ومن بصمات دموية في عموم المنطقة سيما في سورية فضلا عن شروعه في تأميم الحياة البرلمانية والصحافية والأكاديمية وحتى الاقتصادية في تركيا عبر اعتقال وحبس وفصل عشرات كي لا نقول مئات آلاف الموظفين والمعلمين والاعلاميين والأكاديميين والبرلمانيين ورؤساء البلديات والفنانيين حتى في سياق تكريس النظام الأحادي الفردي الذي يعمل على بسط سيطرته على مختلف مفاصل الاجتماع والفضاء العام .

ليس سرا أن أهم عوامل ودوافع التعجيل بالانتخابات الأخيرة هو استثمار احتلال عفرين والاتفاق مع واشنطن في منبج والذي أعلن عنه قبل بضع أيام من الاقتراع في دعاية انتخابية فاضحة لحزب العدالة والتنمية من قبل التحالف الدولي ضد الارهاب وفي مقدمه واشنطن فالنصر الأردوغاني هذا أتى والحال هذه على الحراب وظهور الدبابات وعلى جماجم وعذابات مئات آلاف العفرينيين ممن يعيشون الآن في مخيمات العراء ومن بقي منهم يتعرضون لشتى صنوف الاعتداء والامتهان في سياسة مبرمجة وهو قد نجح في ذينك التوظيف والاستثمار وفي تدشين النظام الفردي وتقمص لبوس السلطان العثماني الجديد .
فنحن والحال هذه حيال فاشية عارية تماما ستزداد تغولا وتوغلا في بلدان الجوار سيما من بوابتي باشور وروج آفا ( كردستاني العراق وسورية ) وانفلاتا من كل عقال وكما جاري العادة التاريخية التركية على امتداد الحقب العثمانية والكمالية والأردوغانية فان الكرد ليس فقط في حدود الجمهورية السلطانية بل في مختلف الدول المقتسمة لهم هم ميدان تجاربها وتطبيقاتها الأثير .