الضاري يتحفظ على بعض مواد بيان الوفاق العراقي
إنسحاب "الأجنبية" وإدانة الإرهاب والمقاومة حق


أسامة مهدي من لندن : اختتم مؤتمر الوفاق العراقي في القاهرة اعماله بعد ظهر اليوم بالاعتراف بالمقاومة كحق مشروع لجميع الشعوب وادانة الارهاب واطلاق سراح جميع المعتقلين الابرياء وسحب القوات الاجنبية وفق جدول زمني ووضع برنامج لاعادة بناء القوات المسلحة العراقية والتشديد على الالتزام بوحدة العراق وسيادته وحريته واستقلاله وعدم السماح بالتدخل في شؤونيه الداخلية والتأكيد على حرص الجميع على توفير أفضل الظروف لعقد مؤتمر الوفاق العراقى المرتقب في بغداد في شباط (فبراير) المقبل ونجاحه في حين تحفظ الشيخ حارث الضاري الامين العام لهيئة علماء المسلمين على بعض فقرات البيان لكنه قال انه ملتزم بالبيان بشكل عام مادام في خدمة الشعب العراقي.

ولاحظ مراقبون ان البيان جاء توافقيا ملبيا لمواقف مختلف الفرقاء السياسيين خاصة بالنسبة للاعتراف بالمقاومة كحق مشروع لجميع الشعوب وربط انسحاب القوات الاجنبية ببناء القوات العراقية وضبط الحدود من المتسللين .. كما اعتبروا البيان بانه يحمل استعداد جميع القوى السياسية التي لم تنخرط في العملية السياسية وخاصة المجلس التاسيسي العراقي وهيئة علماء المسلمين المعرضتين في الالتحاق بهذه العملية برغم تحفظات ابداها الامين العام للهيئة الشيخ حارث الضاري حول عدم القبول بصيغة الاعتراف بالمقاومة واعتبارها حقا مشروعا لجميع الشعوب اضافة الى الاشارة الى العراق الفيدرالي الاتحادي الذي تعارضه الهيئة وترفض الفيدراليات في العراق وقال الضاري انه مع ذلك ملتزم بالبيان مادام في مصلحة الشعب العراقي وانه سيسهم في تطوير الاوضاع العراقية وتطبيعها.

وتلى الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى البيان الختامي في جلسة ختامية للمؤتمر الذي استمرت اجتماعاته ثلاثة ايام بمشاركة 100 شخصية عراقية تمثل مختلف القوى السياسية العراقية المنخرطة في العملية السياسية والمعارضة لها مشددا على رفض عمليات تكفير العراقيين في اشارة الى بيانات زعيم منظمة الجهاد في بلاد وادي الرافدين ابو مصعب الزرقاوي مؤكدا أن الشعب العراقى يتطلع الى اليوم الذى يتم فيه خروج القوات الأجنبية من العراق وبناء قواته المسلحة والأمنية والتخلص من الارهاب الذى يطال العراقيين والبنية التحتية ويدمر الثروات الوطنية وأجهزة الدولة واعتبر أن المقاومة حق مشروع للشعوب كافة "بيد أن الارهاب لا يمثل مقاومة مشروعة " مدينا الارهاب وأعمال العنف التى تستهدف المدنيين والمؤسسات الانسانية والمدنية ودور العبادة مطالبا بالتصدى له فورا. وطالب البيان بالافراج عن كل المعتقلين" الابرياء" الذين لم يدانوا أمام القضاء والتحقيق فى دعاوى التعذيب ومحاسبة المقصرين ومرتكبى هذه الأعمال والايقاف الفورى للمداهمات العشوائية والاعتقالات بدون أمر قضائى موثق والتصدي لعمليات الاغتيال والاختطاف التي يتعرض لها العراقيون وممثلي المنظمات الدولية .

وطالب المؤتمر بانسحاب القوات الأجنبية " وفق جدول زمني " ووضع برنامج وطني فوري لاعادة بناء القوات المسلحة تدريبا واعدادا وتسليحا على اسس سليمة تمكنها من السيطرة على الوضع الأمنى وانهاء العمليات الارهابية " مع الأخذ فى الاعتبار ما جاء فى هذا الشأن فى قرارى مجلس الأمن 1546 و 1637 ورحب بمبادرة جامعة الدول العربية لعقد مؤتمر الوفاق الوطنى العراقى مشددا على احترام موقف جميع أطياف الشعب العراقى وعدم اعاقة العملية السياسية والمشاركة الواسعة فى الانتخابات المقبلة والاحتكام الى صناديق الاقتراع واحترام رأى الشعب العراقى فى اختيار ممثليه. واوضح أنه تم الاتفاق على عقد مؤتمر الوفاق الوطنى العراقى خلال الاسبوع الأخير من فبراير أو الاسبوع الاول من مارس المقبلين فى بغداد وذلك فى ضوء المناقشات والمداخلات وبعد تشكيل مجموعتى عمل.

وأشار الى أن مشروع جدول أعمال المؤتمر يتضمن توسيع العملية السياسية لتشمل جميع القوى السياسية "على أساس تبنى النهج الديمقراطى ووحدة العراق واستقلاله وسيادته ووضع برنامج لانهاء مهمة القوة متعددة الجنسيات". وقال ان مشروع جدول أعمال المؤتمر يتضمن كذلك الوضع الأمنى والمساواة فى المواطنة بالنسبة للحقوق والواجبات ومجالات الدعم المطلوبة لانجاح عملية الوفاق الوطنى والديون واعادة اعمار العراق موضحا أنه تم تحديد معايير المشاركة فى المؤتمر المرتقب بما يضمن التمثيل المتوازن والشامل للقوى والأحزاب السياسية العراقية الممثلة لمكونات الشعب العراقى كافة اضافة الى منظمات المجتمع المدنى والمرأة.

وقال البيان الختامي أن من بين هذه المعايير أيضا الالتزام بالحوار والنهج الديمقراطى ونبذ العنف والاستعداد للمشاركة فى العملية السياسية والالتزام بالسعى نحو تحقيق أهداف العملية السياسية بالوسائل السلمية واحترام وجهات النظر المختلفة واشار البيان الى تشكيل لجنة مصغرة لمتابعة الاعداد لمؤتمر الوفاق الوطنى العراقى تسمى " لجنة المتابعة والاعداد " من القوى السياسية فى العراق بمشاركة جامعة الدول العربية وبالتعاون مع الأمم المتحدة موضحا اقرار عدد من اجراءات بناء الثقة خلال المرحلة المقبلة من بينها الابتعاد عن تبادل الاتهامات ودعوة وسائل الاعلام العراقية والعربية للعمل على التقريب بين أطياف الشعب العراقى وعدم استخدام المنابر الدينية والسياسية والاعلامية للتحريض على الكراهية والفرقة. واضاف أن من بين هذه الاجراءات العمل على توفير المناخ المناسب لاجراء عملية الانتخابات المقبلة " بصورة حرة وشفافة " وايجاد صيغة عملية لاعداد لقاءات منتظمة بين القوى السياسية والاطياف العراقية لتهيئة المناخ لتحقيق الوفاق الوطنى العراقى.

واعلن البيان الختامى اتفاق القوى العراقية على عقد المؤتمر الموسع للوفاق الوطنى العراقى فى بغداد فى الاسبوع الاخير من شباط (فبراير) او بداية اذار (مارس) عام 2006 من خلال توسيع اعملية السياسية لتشمل جميع القوى العراقية والعلاقة بين العملية السياسية وما يعانى منه العراق امنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

واشار البيان الى أن من بين اجراءات بناء الثقة التى تم اقرارها ضرورة مراجعة وضع المعتقلين " بأسرع وقت ممكن " واطلاق سراح من لم تثبت تهمته ووقف المداهمات الا بأمر قضائى موثق واشاعة جو من الأمن والطمأنينة . ودع المؤتمر الدول العربية "الشقيقة" الى دعم العراق فى مختلف المجالات وعلى رأسها التعجيل بالغاء الديون المستحقة على العراق أو تخفيضها تمشيا مع قرار نادى باريس والمساهمة فى تدريب وتأهيل الكوادر العراقية فى مختلف قطاعات الدولة. كما طالب بتعزيز التواجد الدبلوماسى العربى فى العراق مع توفير الحماية الامنية اللازمة للبعثات الدبلوماسية العربية وتقديم المساعدات الانسانية والقيام بدور فعال فى عملية اعادة الاعمار فى العراق والمساعدة فى ضبط الحدود ومنع المتسللين.

واشار عمرو موسى الى أنه جرى خلال جلسات عمل الاجتماع" التوافق فى الرأى" على ما جاء فى البيان الختامى معربا عن الشكر والتقدير لمصر واللجنة الوزارية الخاصة بالعراق والجهود التي بذلها الامين العام لجامعة الدول العربية لعقد الاجتماع والنتائج التى أسفر عنها.

واقر موسى بوجود خلافات وتباين في وجهات النظر بين الاعضاء المشاركين في المؤتمر حول ثلاث فقرات في البيان الختامي للمؤتمر لم يوضحها لكنه اشار الى انها تتعلق بقضايا داخلية بحتة نافيا انه تلقى رسالة جاء بها ممثل عن حزب البعث العراقي المنحل .

واضاف في مؤتمر صحافي بعد تلاوته البيان الختامي لمؤتمر الوفاق العراقي ان موضوع حل المليشيات المسلحة يمكن ان يناقش خلال المؤتمر الموسع للوفاق الذي سيعقد في بغداد موضحا ان المؤتمر الذي انتهى كان تحضيريا وليس من الضروري ان يناقش جميع الامور . ووصف المؤتمر بانه خطوة اولى نحو عمل اوسع يحقق انسحابا تدريجيا للقوات الاجنبية مشددا على التفريق بين المقاومة المشروعة ضد الاحتلال ورفض الارهاب الموجه ضد المدنيين .
واكد موسى ان المؤتمر حقق نجاحا كبيرا وقال " ان الامر حساس ولا ازعم اننا استطعنا من حل جميع المشاكل في الوضع العراقي خلال ثلاثة ايام " . وقال ان وفودا من الجامعة ستزور العراق خلال اسابيع لمتابعة انعقاد المؤتمر الموسع للوفاق في بغداد . وشدد على عدم حصول أي تدخل اجنبي لتعديل بعض بنود او فقرات البيان الختامي .

وكان الشيخ حارث الضاري قد تحدث في بداية المؤتمر الصحافي موضحا انه غير متحفظ على البيان الختامي للمؤتمر برمته وانما على بعض بنوده التي لم يوضحها وثمن دور الجامعة والرئيس المصري وشعبه لاحتضان المؤتمر وقال " ان تحفظنا على بعض مواد البيان لاتمنعنا من الالتزام والوفاء به مادام في خدمة شعبنا ويسهم في تطوير وتطبيع الاوضاع العراقية" .

ومن جهته وجه رجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر رسالة الى المؤتمر اعرب فيها عن امله في ان تكون نتائجه في صالح مستقبل العراق وبنائه .. كما وجه رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني رسالة مماثلة اكد فيها الالتزام بالمصالحة الوطنية مستثنيا اولئك الذين ارتكبوا جرائم ضد الشعب العراقي .


ردود افعال القوى العراقية
وقد تباينت مواقف القوى العراقية من نتائج المؤتمر بين الترحيب وعدم الاكتراث .. وذلك في تصريحات اوردتها وكالة الانباء الوطنية العراقية :

الوفاق العراقي
اكد عدنان الجنابي القيادي في حركة الوفاق الوطني "ان ما توصل اليه ممثلو القوى السياسية في الاجتماع التحضيري لمؤتمر الوفاق الوطني في القاهرة يؤكد معدن العراقيين".

وقال لقد اعجبت بما طرحه المؤتمرون وخاصة الشيخ حارث الضاري الذي وضع منهجا عمليا لمعنى المقاومة وفصلها عن الإرهاب". وأضاف انه "بالرغم من عدم استطاعتنا التكهن بما سينتج عنه مؤتمر الوفاق الوطني الذي سيعقد في بغداد العام المقبل الا ان ماحدث في الاجتماع التحضيري يعطي الأمل في النتائج المستقبلية لمبادرة الجامعة العربية".

المجلس الاعلى
وأكد الشيخ حميد المعلة مسؤول مكتب الثقافة والاعلام في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية ان "ما تحقق في المؤتمر التحضيري لمؤتمر الوفاق الوطني يشكل دفعة قوية يطمح اليها الشعب العراقي من التوجهات السياسية التي تشهدها الساحة العراقية".
وقال"إن تقييم المجلس الاعلى لنتائج المؤتمر ايجابي وأصبح هذا المؤتمر دعوة لتوحيد الصف العراقي وقد سار في الاتجاه الصحيح". وأضاف "ستكون هناك،بالتأكيد، لجان لوضع الية لبلورة ما تم التوصل إليه من اتفاق لعرضه على المؤتمر المقبل الذي سيعقد في بغداد أواخر شباط المقبل.

الحزب الاسلامي
قال الناطق الرسمي للحزب الاسلامي العراقي علاء مكي ان الاتفاق الذي صدر عن مؤتمرالوفاق الوطني التحضيري سيسهم بشكل فعال وجاد لانقاذ العراق وتحقيق الامن والاستقرار، لاسيما وانه تبنى موقفاً ايجابياً من المقاومة المشروعة وميز بينها وبين الارهاب الذي يطال الابرياء ".

واضاف "ان اعتراف المشاركين بالمقاومة كحق مشروع للشعوب وواجب شرعي وطني يعد بادرة خير وخطوة متقدمة على طريق الوحدة الوطنية ". واكد مكي" ان نقاط الاتفاق الثلاث ستدفع بعملية المصالحة والوفاق الوطني الى افاق رحبة واسعة باتجاه ازالة الخلافات وتقريب وجهات النظر بين الكتل والاطراف السياسية ". واعرب مكي عن اعتقاده ان التوافق بين الاطراف والكتل السياسية سوف يقلل من نسبة العنف في العراق لانهم جميعا يعملون على احلال الامن والاستقرار،سيما بعد اتفاق المؤتمرين على جدولة انسحاب قوات الاحتلال .

حزب المجتمع الحر
اعلن حزب المجتمع العراقي الحر عن عدم اعترافه بنتائج مؤتمر القاهرة للوفاق الوطني العراقي ، لان الذين حضروه لا يمثلون الاطراف الحقيقية في المشكلة العراقية ، وان معظمهم من الذين شاركوا في مؤتمر لندن او ركبوا موجته .
وقال في بيان وقعه امينه العام "عبد المحسن شلش السراي" ان المشكلة الرئيسية تتمثل في طرفين اساسيين هما الاحتلال والشعب العراقي الممثل بقواه الوطنية . و" ان الحل الوحيد هو ان يجلس الشرفاء و الوطنيين من العراقيين مع الجانب الامريكي الذي هو المسؤول وفق القوانين الدولية عن كل ما جرى في العراق ، في خيمة صفوان الشهيرة ، وختم بيانه بالقول" ان الحل الوحيد الذي لا نقبل غيره ، هو أن يجلس المحتل في (خيمة صفوان) مع ممثلي الطبقة الصامتة أذا ما اريد حل ناجع لكل شيء من القضية العراقية ".

الحزب الليبرالي الحر
اعتبر الشيخ محمد باقر السهيل الامين العام للحزب الليبرالي العراقي:"إن مقررات مؤتمر القاهرة للتوافق الوطني ستكون هواء في شبك".

وقال "إن هذه المقررات ستكون مجرد كلمات نجمت عن مؤتمر ولن يصدقها الشعب إلا إذا توقفت المفخخات والاحزمة الناسفة عن الانفجار". وأضاف السهيل:"إذا صدقت النيات فان هذه المقررات ستخدم الشعب العراقي لكن يجب ان يكون هناك تمييز بين الارهاب والمقاومة ولا تظل عرضة للتفسيرات والاجتهادات والتأويلات المختلفة". وأفاد "إذا استمر قتل ابناء الشعب على اساس الهوية والعرق والطائفة فالمؤتمر سيكون مجرد خطابات ووعود يلقيها أناس لا يمثلون الشعب" مشيرا إلى أن:"الكثير من الشخصيات التي حضرت المؤتمر لا تمثل طوائفها أو الشعب". وتساءل السهيل:"هل كان هناك من يمثل المقاومة في المؤتمر؟". ووصف المؤتمرين بأنهم"طلاب جاه لا أكثر وإنهم لا يسعون لتحقيق الأمن والأمان للشعب ". وقال: إن مقياس نجاح المؤتمر سيتبين حين يتوقف الاعتقال العشوائي لابناء الشعب وجرائم التعذيب واذا لم يتم فالمؤتمر ضحك على الذقون".