الانتخابات الامريكية
واشنطن: تتحول ساحة المركز الإسلامي لدار الهجرة في فولز تشيرش ظهيرة الجمعة إلى أشبه بكرنفال يضم بشرا من أعراق والوان شتى، هنا تقام صلاة الجمعة ثلاث مرات، والشرطة تحرس المداخل والمخارج المؤدية إلى المسجد لتسهل المرور على الطريق الرئيسي الذي يكتظ بسيارات المصلين القادمين أو المغادرين. هنا شمال فيرجينيا حيث يعيش قرابة الربع مليون مسلم، وحيث يمثل الصوت الإسلامي عاملا حاسما في ولاية لا تزال متأرجحة.

في ساحة المسجد وقف ثلاثة شبان يوزعون على المصلين نشرة من صفحة واحدة ، عنوانه بالأنجليزية : هل تصوت أم لا تصوت ؟ تتعاون على البر أم على الإثم!. نظرة سريعة على محتوى النشرة تكشف عن صورتين صغيرتين أحداهما لأوباما وخلفه العلمين الأميركي والإسرائيلي، والثانية لماكين مع جورج بوش الأب.

قراءة متأنية لمحتوى النشرة، تكشف إيحاء، وبعد سرد لآيات قرآنية ووقائع تاريخية، أنه لا يحق لمسلم أن يصوت في انتخابات تشرع حكما آخر غير quot;حكم اللهquot;. ثم تدعو النشرة الذين يريدون معرفة الحكم الشرعي للتصويت للمشاركة في مناسبة خاصة عن الانتخابات لمعرفة حكم الشريعة منها. الجماعة التي أصدرت النشرة ووقعتها هي quot;دي سي مسلمquot; لكن موقعها على الإنترنت لا يأتي على ذكر النشرة أو المناسبة الخاصة.

الشورى للمصلحة

لكنك حين تتوقف أمام القاعة الرئيسية للصلاة ستقابل الإمام جوهر عبد المالك بقامته الطويلة وحوله مصلون يسألونه عن أمور دينهم وديناهم، أما الإمام الذي أمهلني مبتسما فقد علق على جلبابه يافطة ورقية تجمع ألوان العلم الأميركي وفوقها كلمة quot; أدل بصوتكquot;.

لا يخفي الإمام جوهر حرصه على حث المسلمين على التصويت في الانتخابات، قائلا quot; الحمد لله اننا نعيش في مجتمع يعتمد الشورى، إنهم يأخذون أراء الناس وأعتقد أن المسلمين يجب أن يكونوا من أول الناس الذين يؤيدون ما هو صالح ويمنعون ما هو ضارquot;.

فمن يتعين على المسلمين التصويت له في هذه الانتخابات ؟ يرد quot;أنا كأمام مسجد لست مخولا بنصح المواطنين لمن يصوتون لأن ذلك سيعد انتهاكا للقواعد التي علينا أن نعمل بها كغير حزبيين. لكننا ننصح الناس بأن يصوتوا حسب ضميرهم وحسب ما يرونه قريبا من قواعد الإسلام علينا أن نعرف أين المصلحة، رغم أن كلا المرشحين لديهما نقاط ضعف ولكن علينا أن ندرك مع أيهما ستكون المصلحة أكثرquot;.

الصوت المسلم

لا يوجد احصاء دقيق لعدد المسلمين في الولايات المتحدة فهو يتراوح بين عدد واقعي يقول إنهم ثلاثة ملايين، وآخر يتحدث عن ستة ملايين وثالث يقول إنهم عشرة ملايين. لكن أصوات المسلمين الأميركيين ودينهم لم تثر جدلا في انتخابات كالذي أثارته هذه المرة، بالرغم من التزام قيادات مجتمعهم بالصمت تجاه مواقفهم السياسية. تمثلت البداية في الربط بين المرشح الديمقراطي باراك أوباما والدين الإسلامي بسبب أصوله الأفريقية ووالده المسلم، ثم تطورت في فيلم شبه وثائقي وزعته جماعة مقرها نيويورك يحذر الناخبين الأميركيين من تهديد الإسلام المتطرف لأمنهم القومي، وأخيرا في الربط بين اوباما وصديق فلسطيني هو الأكاديمي البارز رشيد الخالدي.

ويقر إبراهيم هوبر المتحدث باسم باسم مجلس العلاقات الامريكية - الإسلامية كيربأن أيا من زعماء الحزبين الرئيسيين لم يتصل بقيادات كير أو القيادات الإسلامية لضمان الحصول على أصوات المسلمين الذين يبلغ تعدادهم عشرة ملايين نسمة، والسبب في ذلك يعود إلى ما أشيع عن أوباما من أنه مسلم مختبئ. لكن هوبر يعتقد أن المسلمين سيصوتون بكثافة في هذه الانتخابات ليس على أساس الأيدلوجية ولكن على أساس المصلحة.

وبوسع المتحدث إلى فئات مختلفة من العرب والمسلمين هنا الاستنتاج بان مصلحة المسلمين تتسق مع الحزب الديمقراطي ومرشحه باراك أوباما، كما حدث في انتخابات 2004 التي شهدت انصرافهم عن الحزب الديمقراطي.

صوت مؤثر

فلماذا لا يعلن المسلمون صوتهم أو يجاهرون بقوتهم الانتخابية quot;لأنه ليس من مصلحتهم الدخول في دائرة الضوء، وإثارة أولئك الذين يروجون للخوف من الإسلام والمسلمينquot; يرد الإمام جوهر. وينصح بأن يؤيد المسلمون مرشحيهم في صمت وعن بعد ودون تقديم ذرائع للذين يعتبرون أي علاقة بالإسلام والمسلمين سببا في تقليل فرص المرشح في الفوز.

الملاحظ أيضا أن ثمة تغيرا طرأ على مواقف الملسمين، فحالة التوجس التي تملكت اوساطهم بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر تبدو وكأنها قد تبددت رغم اعتراف كثيرين بوجود quot; أثار للإسلاموفوبيا أي الخوف من الإسلامquot;. ففي انتخابات التجديد النصفي الماضية وصل أول نائب مسلم من ولاية مينسوتا إلى الكونجرس، وفي الانتخابات الراهنة يتنافس نائبان عن ولايتي فيرجينيا وإنديانا. ويتوقع هوبر أن يكون للصوت المسلم حضورا مؤثرا في عدد من ولايات الحسم مثل فيرجينيا وفلوريدا وأوهايو.