منظمة حقوقية: الحلول العرفية ليست بديلة عن العدالة
أقباط المهجر ينفون التوقف عن المظاهرات الاحتجاجية

نبيل شرف الدين من القاهرة: بدأ الأمر بالغ الإلتباس بشأن تداعيات قضية دير quot;أبو فاناquot; في محافظة المنيا بصعيد مصر، فبينما أكد الدكتور منير داود رئيس الهيئه القبطية الأميركية، والإتحاد المسيحي العالمي عدم صحة الأنباء التي تحدثت عن توقف مظاهرات أقباط المهجر في شتى عواصم العالم، مقابل التوصل إلى صيغة لإنهاء أزمة الدير، فقد أعلن وسطاء من نواب البرلمان المصري وشخصيات عامة عن توصلهم إلى اتفاق عرفي ينهي الأزمة، في ما حذرت منظمة حقوقية وهي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية من أن تتضمن التسوية العرفية لأزمة الدير أي بنود أو تفاهمات تسمح بإفلات الجناة المتورطين في الاعتداء من العقاب على الجرائم التي تورطوا في اقترافها. وشددت المبادرة المصرية على أن المعالجة الرسمية للأزمة لا يجب أن تقتصر على الاتفاق العرفي الذي يجري التفاوض بشأنه حاليًا بوساطة حكومية بين ممثلين عن كل من الكنيسة القبطية والبدو المقيمين في القرية المجاورة للدير.

من جانبه، قال رجل الأعمال عيد لبيب إنه التقى البابا شنودة الثالث في مقر علاجه بمستشفى quot;كليفلاندquot; بالولايات المتحدة، وفي حضور الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي (بصعيد مصر) والأنبا يوأنس الأسقف العام، وأنه أكد ضرورة حسم النزاع بطريقة نهائية ومرضية لكافة الأطرافquot;، على حد تعبيره.

أقباط المهجر

وفي بيان أصدره الدكتور منير داود، رئيس الهيئه القبطية الأميركية، والاتحاد المسيحي العالمي، تلقت (إيلاف) نسخة منه، وأبرز ما ورد به هو ما يلي:

ـ لم يحدث على الإطلاق أي أجتماع من أي نوع مع أي من الأطراف المذكورة سابقًا.

ـ نؤكد حريتنا في التعبير بكافة الأساليب والوسائل المتاحة لنا في المهجر تحت مبدأ الحقوق المدنيه للأحداث الواردة يوميا من مصر، وإذ نؤكد على هذا نوضح وبجلاء أننا لانستقوي بالخارج على بلادنا مصر ولن يكون، لأن الحريات المدنيه المعاصره مأخوذه من مسيحيتنا فنحن نتبعها في كل مكان وزمان، وإذ نوضح هذا فإن الحرية ليست حكرا لأحد وسوف لا نتفاوض مع أحد على سلبنا حقوقنا حاليًا أو مستقبلاً.

ـ نؤكد أنه لم يتصل أحد بنا من الأطراف السابقة حتى يحدث اتفاق من أي نوع سواء بأسلوب مباشر أو غير مباشر، كما نؤكد عدم معرفتنا بهاني عزيز أو عيد لبيب مع احترامنا لهم، وإن صرحوا بشيء فالمسؤوليه تقع على عاتقهم وحدهم ورسالتنا لهم، ليس هناك من داع لتزييف الحقائق وعرضها على الرأي العام فليس من مصلحة أحد اثارة البلبلة والتضليل بدعوى تهدئة الأمور لأن الأمور في تصاعد متواتر ومستمر.

ـ نؤكد أن محاولة الوقيعة بين أكليروس كنيستنا والمنظمات القبطية العاملة في مجال الدفاع عن حقوق الأقباط في مصر، لن يجدي نفعًا فنحن أبناء الكنيسة، كما نحذر أن هذا الكذب المسرب من المعنيين بالأمر محاولة لبث الفرقة بين المنظمات القبطية بالخارج ولا ينطلي علينا هذا، ونطلب منهم الكشف عن توقيت الحدث والشخصيات التي ادعوا أنهم تفاوضوا معهم لوقف مسيرتنا نحو الحرية لشعبنا وكنيستنا المسجونة في مصر، ونؤكد على بياننا السابق الصادر في 14/8/2007 بشأن ما نشر عن محاولات الوقيعة بين الكنيسة والمنظمات القبطية في الخارج.

ـ نؤكد أننا لسنا على استعداد للمساومة والتفاوض أفراد أو كهيئات منفرده على الحلول للمشكلات القبطيه في مصر، فإن النظام والشعب المصري يعلمها جيدًا والحلول في أياديهم للوصول للحقوق المغتصبه للأقباط التي نطالب بها، وان رغبوا في تهدئة عمل منظماتنا القبطية في الخارج فعليهم العمل فورًا على أرض الواقع وليس نشر أخبار كاذبة مضللة لم يكن لها وجود على أرض الواقع.

ـ نؤكد أن المجالس العرفيه التي تطبق في حلول المشكلات تعود بمصر لعصر البداوة والقبلية، فلا يجب تطبيق هذا حيث أننا في القرن الواحد والعشرين فجميع الدول في العالم من دون إستثناء تطبق القانون والمساواة والحرية بين شعوبها وطوائفها المختلفه، لهذا يجب تطبيق وإعمال القانون على المجرمين وردعهم إذا أردنا إعمال دولة القانون وسيادته على الجميع من دون تفرقة أو استثناء.

تحقيقات ومفاوضات

من جانبه، قال حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية : quot;إن استخدام التفاوض من أجل التوصل لاتفاق بشأن ملكية الأرض المحيطة بالدير خطوة إيجابية، وإن جاءت متأخرة للغاية. لكن الجرائم المروعة التي ارتكبت في هذا النزاع لا يجب أن تمر دون حساب إن كان مسؤولو الدولة صادقين في حرصهم على عدم تكرار هذه الجرائمquot; .

ودعت المبادرة المصرية النائب العام إلى ضمان استمرار التحقيق الجنائي بحياد كامل، وإحالة المتهمين إلى المحاكمة لمحاسبتهم على دورهم في الأحداث، والتي أسفرت عن مصرع مزارع مسلم إثر إصابته بطلق ناري ما زال مجهول المصدر، وإصابة سبعة من رهبان الدير من بينهم ثلاثة رهبان تعرضوا للاختطاف على يد البدو، قبل أن يتم إطلاق سراحهم بعدها بعدة ساعات. وتنظر نيابة مركز ملوي في تجديد حبس 15 متهمًا ـ من بينهم اثنان من الأقباط ـ يجري التحقيق معهم حاليًا في تهم مقتل المزارع المسلم، والشروع في القتل، والاختطاف المقترن بالضرب، وإحراز أسلحة وذخيرة غير مرخصة، ومهاجمة دور عبادة وإحراق المباني التابعة لها.

ووفقًا للتحقيقات التي أجراها باحثو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية فقد أصيب اثنان من الرهبان أثناء الاعتداءات بطلقات نارية، بينما أصيب باقي الرهبان بكسور متعددة ومضاعفة وتمزقات وكدمات وجروح ناتجة عن التعرض للضرب والجلد والسحل والرجم بالحجارة، كما ذكر بعض المصابين من الرهبان الذين تعرضوا للاختطاف أن البدو الذين كانوا يقومون بتعذيبهم قاموا كذلك بإهانة وسب معتقداتهم الدينية، بما في ذلك إجبارهم على البصق على الصليب، ودفعهم للنطق بشهادتي اعتناق الإسلام، وأسفرت الاعتداءات أيضًا عن تخريب كنيسة صغيرة مقامة بالمزرعة التابعة للدير وإتلاف كافة محتوياتها.

خلفيات القضية

كان الرهبان المقيمون في الدير الأثري الواقع على بعد 270 كيلومترًا جنوبي القاهرة قد تعرضوا في يوم 31 أيار (مايو) الماضي لاعتداءات مسلحة من قرابة ستين شخصًا من البدو المقيمين في قرية (قصر هور) المتاخمة للدير، واستمر إطلاق النار على الدير ـ والذي تشير بعض الروايات إلى أنه كان متبادلاً، بينما ينفي رهبان الدير ذلك بشدة ـ لما لا يقل عن أربعة ساعات حتى وصول قوات الأمن.

ووقع الصدام بسبب نزاع بدأ منذ عدة سنوات بين الرهبان الذين يقومون باستصلاح الأرض المحيطة بالدير، وبين البدو المسلمين المقيمين في القرية المجاورة والذين يعتبرون الأرض ملكًا لهم بوضع اليد رغم كونها من أملاك الدولة. وقد قام محافظ المنيا بعد وقوع الاعتداءات بتشكيل لجنة غير رسمية تضم ممثلين عن أطراف النزاع وأعضاء في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم وقيادات قبطية للوصول إلى تفاهم مكتوب بشأن ملكية الأراضي المحيطة بالدير.

تجدر الإشارة إلى أن التقرير الصادر عن المجلس القومي لحقوق الإنسان بشأن أحداث أبو فأنا في شهر يوليو الماضي قد انتقد اقتصار تعامل الدولة مع الاعتداءات الطائفية quot;على جلسات المصالحة والحلول الأمنية وحدها.quot; كما جاء على رأس التوصيات الصادرة عن المجلس القومي quot;المحاسبة على الأحداث التي وقعت وبيان الحقائق في المعارك التي دارت والقتيل الذي سقط والجرحى الذين أصيبوا، وتقديم الجناة للمحاكمة وتوقيع العقاب عليهمquot;.