المسلحون من تشاد والسودان ويغيرون موقعهم تحسباً لرصدهم جوياً
تفاؤل بالتوصل لاتفاق وشيك مع خاطفي السياح الأوروبيين والمصريين

نبيل شرف الدين: بعد مرور أسبوع على الواقعة لا يزال الغموض يكتنف مصير المختطفين التسعة عشر في المثلث الحدودي بين مصر والسودان وليبيا، وسط تضارب الأنباء عن هوية الخاطفين، وسط تسريبات سابقة عن كونهم من تشاد والسودان، فضلاً عن التكتم الرسمي حول وجود اتصالات مع الخاطفين بشكل مباشر في البداية، غير أن الصحف الألمانية والإيطالية تتحدث عن مفاوضات مستمرة وشاقة مع الخاطفين حول صفقة يجري بمقتضاها إطلاق سراح الرهائن مقابل مبلغ مالي، يشكل قدره بالإضافة إلى اعتبارات أخرى، مثل طريقة ومكان التسليم الآمن للخاطفين، يشكل كل هذا ومحاور أخرى موضع مناقشات مستفيضة تجريها الاستخبارات الألمانية مع الخاطفين، مشيرة إلى أن الألمان يمتلكون خبرات كبيرة في هذه المنطقة وطبيعة سكانها، وذلك بالطبع بالتنسيق مع أجهزة الأمن في مصر والسودان وتشاد، التي دخلت أخيراً على خط التعاون الأمني في هذا المضمار، بالنظر إلى تداخل القبائل في تلك المنطقة النائية، وسهولة حركة أبناء تلك القبائل في هذه المناطق الوعرة لمعرفتهم بمسالكها جيداً.

وفي هذا السياق، كشف مصدر غربي يقيم في القاهرة عن إحراز تقدم على صعيد المفاوضات الجارية مع خاطفي الرهائن من السياح الأوروبيين ومرافقيهم المصريين، لافتاً إلى أن فريقا تفاوضيا مصرياً يواصل اتصالاته حالياً مع الخاطفين، بالتنسيق مع نظرائه من دول: السودان والمانيا وإيطاليا ورومانيا وتشاد أيضاً، وأوضح المصدر ذاته أنه على الرغم من عدم معرفة نتائج المفاوضات حتى الآن، غير أن تفاؤلا يسود الأجواء بالتوصل إلى نتيجة إيجابية قريباًquot;، على حد تعبيره.

التطورات الميدانية

أما على صعيد أحدث المعلومات المتوافرة ميدانياً، فقد كشفت مصادر مصرية عن أن الخاطفين لا يقلون بحال عن أربعة أشخاص، وهم تشادي وثلاثة سودانيين على الأرجح، وأن الجهود المصرية والسودانية متواصلة لإطلاق سراح الرهائن الذين اختطفوا منذ يوم الجمعة الماضي في منطقة نائية تقع أقصى جنوب غرب مصر، أثناء قيامهم برحلة quot;سفاريquot; في الصحراء، ثم اقتادهم الخاطفون لاحقاً إلى منطقة وعرة داخل الأراضي السودانية، وقد أعلن البلدان أنهما ينسقان جهودهما للإفراج عن هؤلاء الرهائن بعد أن تم تحديد موقعهم في منطقة جبل العوينات الحدودية بين مصر والسودان وليبيا.

مصدر بالحكومة المصرية: مفاوضات مباشرة بدأت مع خاطفي الرهائن


الاستخبارات الألمانية تجري مفاوضات هاتفية مع الخاطفين

وحسب المصادر ذاتها فلا يزال المختطف المصري إبراهيم صابرrlm; ـ وهو صاحب الشركة السياحية المنظمة للرحلة ـ يُجري اتصالات مع زوجته الألمانية التي تلقت منه اتصالين هاتفيين خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وطمأنها إلى حالتهم،rlm; لكنه أكد قيام الخاطفين بتغيير الموقع الذي كانوا يحتجزونهم فيه داخل الأراضي السودانية، خشية أن تكون أجهزة الرصد المتطورة قد تمكنت من تحديد موقعهم السابق.

ووفقاً لمعلومات توافرت لدى (إيلاف) فقد استخدمت بالفعل تقنيات حديثة منها نظام (GPS) والتي أمكن بواسطتها تحديد الموقع الذي توجد فيه العصابة المسلحة مع المخطوفين،rlm; غير أنه يستبعد اللجوء إلى استخدام القوة للإفراج عن المختطفين بأي حال من الأحوال.

وسربت دوائر رسمية في القاهرة معلومات مهمة، مفادها أن الخاطفين يحملون كمية كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، ومنها صواريخ محمولة (أرض ـ جو)،rlm; وأنهم كانوا داخل ثلاث سيارات خلال مهاجمتهم للقافلة السياحية المنكوبة، وهو ما يشير إلى أن عددهم أكثر من أربعة مسلحين على الأقل شاركوا في عملية الاختطاف، ويواصلون احتجاز الرهائن في أماكن يحرصون على تغييرها بشكل مستمر خشية رصدهم.

دارفور وعصابات الصحراء

ويربط محللون سياسيون وأمنيون بين هذا النمط غير المألوف من وقائع الاختطاف التي تهدد سياحة السفاري الصحراوية في مصر، وخاصة في المثلث الحدودي الوعر بين مصر والسودان وليبيا، يربط المحللون بين بزوغ عمليات الاختطاف بدوافع جنائية، وبين الأوضاع الأمنية المنفلتة في إقليم quot;دارفورquot; السوداني، خاصة في ظل الانتشار الواسع لظاهرة المسلحين ورواج تجارة الأسلحة بمختلف أنواعها هناك، ويحذرون من أن تتحول بمضي الوقت إلى ظاهرة، لاسيما في ظل تداخل السيادة على تلك المنطقة الحدودية بين ثلاث دول، ووجود حروب أهلية، ونزاعات مسلحة فقد ظهرت بالفعل عصابات الصحراء، التي لا يصّح التعامل معها بإنكار وجودها أو التهوين من خطورتها المحتملة.

ويقول عاملون في سياحة السفاري الصحراوية ـ طلبوا عدم ذكر اسمائهم ـ إن واقعة الاختطاف الحالية ليست الأولى من نوعها، فقد سبقتها حوادث عدة مماثلة في المنطقة ذاتها، كما تحدثوا عن تعرض سائحين لسطو مسلح في منطقة وادي الجلف الكبير، التي كانت مسرحاً لحادث الاختطاف الأخير من قبل عصابات مسلحة، مشيرين إلى أن الهجوم على رواد تلك المناطق بدأ في الظهور بالتزامن مع أزمة دارفور وتنامي حركات المعارضة التشادية المسلحة، ومؤكدين أن الإجراءات المتبعة لتأمين الرحلات غير كافية، وأن الحراسة المرافقة لهم من قبل السلطات المصرية غير مسلحة، مطالبين بتأمين جوي لجميع رحلات السفاري داخل صحراء مصر الغربية، غير أن خبراء يؤكدون صعوبة هذ المهمة خاصة في ظل الاتساع الشاسع للصحاري الغربية التي تشكل أكثر من نصف مساحة مصر، ومعظمها غير مأهول بالسكان.

في الجانب الآخر يؤكد وليد البطوطي وكيل نقابة المرشدين السياحيين أن الأوضاع الأمنية لسياحة السفاري في الصحاري المصرية آمنة تماماً، وأن كافة تحركات الأفواج والقوافل السياحية تخضع لحماية شرطة السياحة داخل المناطق العمرانية المأهولة بالسكان، ولقوات حرس الحدود التابعة للقوات المسلحة في المناطق الصحراوية والحدودية.