2009... صدقية سياسيي العراق امام إختبار إلغاء المحاصصة
رئاسات جديدة وتقشف والمدن بلا أميركييي وكركوك تنتظر حلاً
أسامة مهدي من لندن :
يدخل العراق عام 2009 على استحقاقات عدة سترسم خارطة جديدة للواقع السياسي من خلال انتخابات محلية في بدايته وعامة في أواخره، ستفرز مجلس نواب ورئاسات جديدة للجمهورية والحكومة والبرلمان في ظل إنسحابات للقوات الأجنبية غير الأميركية في المنتصف منه ومواجهة تحديات اقتصادية صعبة في ظل تقليص لموازنة العام فرضها التدهور الحاد لأسعار النفط الذي سيخفض النفقات ويؤثر سلبًا على عمليات الاعمار وتوفير الخدمات بعد ان تكون البلاد قد ودعت عامًا حافلاً بدأ بعمليات مسلحة واسعة ضد المليشيات وشهد توقيع اتفاقات تبرمج وجود القوات الاجنبية في العراق، وشهد انفتاحًا عربيًا ودوليًا على العراق .

ويعتبر مراقبون للاوضاع العراقية تحدثوا مع quot;أيلافquot; اليوم ان هذه الاستحقاقات تمثل المرحلة الثالثة والاخيرة لانتقال السلطة رسميًا الى العراقيين . ويشيرون الى ان هذه المرحلة ستكون اختبارًا لصدقية دعوات القادة والسياسيين الذين ينادون بضرورة إخراج البلاد من المحاصصة الطائفية والعرقية، لكنهم ما زالواحتى الان متمسكين بما تفرزه هذه المحاصصة من مصالح ضيقة لهم على حساب مصالح العراق العامة . ويضيفون ان الاوضاع السياسية ستواجه ايضًا اختبارًا آخر في القدرة على حل قضية كركوك التي تعتبر قنبلة العراق الموقوتة في ظل خلافات عميقة حول مصيرها بين الالحاق بأقليم كردستان او ابقائها مستقلة . ويتوقعون ان تفرز انتخابات مجالس المحافظات آخر الشهر الحالي معادلات سياسية جديدة سواء على صعيد الهيمنة على هذه المجالس في المناطق الجنوبية بين الاحزاب الشيعية المتنافسة او في المحافظات السنية التي تخوض قواها للمرة الاولى هذه الانتخابات بعد مقاطعتها في دورتها الاولى نهاية العام 2005 .

واشاروا الى ان الكتل السياسية ستكون امام استحقاق انهاء الخلافات العديدة بين حكومتي بغداد المركزية وكردستان وذلك خلال زيارة سيقوم بها قريبا الى اربيل عاصمة الاقليم رئيس الوزراء نوري المالكي لبحث هذه الخلافات مع القيادات الكردية يتقدمها رئيس الاقليم مسعود بارزاني .

إستحقاقات العام 2009
رئيس برلمان جديد : ينتظر ان يشهد بداية العام الجديد انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب العراق خلفًا لرئيسه السابق محمود المشهداني الذي ارغمته كتل سياسية كبرى يتقدمها الائتلاف الشيعي والتحالف الكردستاني على الاستقالة على خلفية توجيهه اهانات الى النواب ووصفه للمجلس بالتافه. وقد بدأت القوى النيابية منذ الان بالبحث عن بديل للمشهداني والذي سيكون من اعضاء جبهة التوافق السنية بحسب توزيع المناصب السيادية على اساس المحاصصة .
انتخابات مجالس المحافظات : ويشهد اخر كانون الثاني (يناير) الحالي انتخابات جديدة لمجالس المحافظات هي الثانية منذ سقوط النظام السابق عام 2008 بعد الانتخابات التي جرت اواخر عام 2005 والتي هيمنت عليها الاحزاب الطائفية. ويتوقع مراقبون على ضوء فشل هذه المجالس في انجاز خدمات ضرورية يحتاج إليها المواطنون وتفشي الفساد في صفوف اعضائها توجه الناخب العراقي الى تغيير تركيبة هذه المجالس من خلال انتخاب اعضاء من خارج القوائم quot;الدينيةquot; المتنافسةquot; ويحق لحوالي 13 مليون ناخب عراقي المشاركة في هذه الانتخابات التي ستجري في 14 محافظة عراقية في 31 من الشهر المقبل 13 مليون عراقي لاختيار 440 عضوا في مجالس المافظات الجديدة من بين حوالي 15 الف مرشح يتنافسون عليها .
أنتخابات كركوك : ومن المنتظر ان تقدم لجنة شكلها مجلس النواب تقريرها في نهاية اذار (مارس) المقبل حول تحديد موعد انتخابات محافظة كركوك التي افرد لها قانون انتخابات المحافظات مادة خاصة بها . ونص القانون على ان تجري انتخابات محافظة كركوك والأقضية والنواحي التابعة لها بعد تنفيذ عملية تقاسم السلطة الإدارية والأمنية والوظائف العامة بما فيها منصب رئيس مجلس المحافظة والمحافظ ونائب المحافظ بين مكونات محافظة كركوك بنسب متساوية بين المكونات الرئيسة ويخير المكون ذو الأغلبية في مجلس المحافظة باختيار احد أعلى ثلاثة مناصب المحافظ أو نائب المحافظ أو رئيس مجلس المحافظة .
إنسحاب القوات الاجنبية : سيشهد منتصف العام الحالي بداية انسحاب القوات الاجنبية من العراق حيث ستقوم القوات الاميركية في نهاية حزيران (يونيو) المقبل بالانسحاب من جميع المدن والقصبات العراقية الى قواعدها العسكرية خارجها .
كما تتوقف عمليات تنفيذ القوات الاميركية لدهم وتفتيش المنازل والمؤسسات العراقية من دون اوامر من القضاء العراقي، وذلك بدءًا من نهاية حزيران المقبل... اضافة الى حق الحكومة العراقية بتفتيش الاسلحة القادمة الى العراق اذا ارتات ذلك . وستكون الاموال العراقية في الخارج بحماية الجانب الاميركي لمنع اي محاكم من الحجز عليها . وعن ملف المعتقلين العراقيين في السجون الاميركية والذين يقارب عددهم العشرين الفًا، فإنه سينتقل الى العراقيين بالكامل مع جميع المعلومات المتعلقة بهم ليقرر القضاء العراقي مصيرهم باطلاق الابرياء واصدار احكام ضد من تثبت ادانتهم . وبالترافق مع ذلك سيجري منتصف العام 2009 البدء بتطبيق قانون انسحاب قوات المملكة المتحدة وايرلندا الشمالية واستراليا ورومانيا واستونيا والسلفادور وحلف شمال الاطلسي (ناتو) من العراق وتنظيم انشطتهم خلال فترة وجودهم الموقت فيه.
وبحسب هذا القرار ستسمح الحكومة العراقية لهذه القوات بالبقاء في العراق لإستكمال المهام المكلفة بها في موعدٍ أقصاه 31 أيار (مايو) المقبل وتنسحب كلياً من العراق في موعد أقصاه 31 تموز (يوليو) عام 2009 بينما يسمح لقوات استراليا ورومانيا واستونيا والسلفادور وحلف شمال الأطلسي بالبقاء في العراق كي تنهي المهام الموكلة لها وتنسحب بشكلٍ كلي في 31 تموز.
مشروع إصلاح سياسي واستفتاء شعبي :
ومن المنتظر ان تعكف القوى السياسية بالتعاون مع الحكومة على العمل لتنفيذ ورقة اصلاح سياسي اصدرها مجلس النواب مؤخرًا من اجل ارساء نظام سياسي ديمقراطي اتحادي قائم على العدل والمساعدة في تطوير المؤسسات الديمقراطية والدستورية وحرية التعبير والراي واجراء انتخابات نزيهة والتداول السلمي للسلطة والفصل بين السلطات والمشاركة الدستورية والسياسية واحترام الدستور والقوانين ومبادئ التوافق الوطني وسياسة المصالحة الوطنية واستعادة سيادة البلاد كاملة غير منقوصة وعودة كامل اشكال الولاية للعراق الحر الموحد المزدهر وعودته الى الاسرة الدولية والبدء باجراءات عملية لاخراجه من الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة مع الاخذ بنظر الاعتبار حماية امواله ومبيعاته النفطية .
وتهدف ورقة الاصلاح ايضا التأكيد على كافة مؤسسات الدولة والكتل النيابية الالتزام بالدستور وبكل مواده واسسه بدون انتقائية او تفسيرات واجتهادات خاصة .وبالترافق مع تنفيذ هذه الاصلاحات فإنه سيتم اجراء استفتاء شعبي في 30 تموز (يوليو) المقبل في انحاء البلاد وفي حال رفض الشعب العراقي الاتفاقية سيكون على الحكومة، إما الغاؤها وإما التفاوض عليها من جديد. ويؤكد سياسيون عراقيون انه لأهمية الاتفاقية فهي بحاجة الى ان يقول الشعب العراقي كلمته حولها .
تعديلات دستورية :
وسيشهد العام الحالي انتهاء لجنة مكلفة بإجراء تعديلات على الدستور العراقي الدائم لأعمالها واستعدادها لعرضها على مجلس النواب، بالرغم من بقاء 7 نقاط مثار جدل سيقرر القادة العراقيون ما يرون بشأنها ومحاولة اجراء استفتاء شعبي على هذه التعديلات.
وقال رئيس لجنة مراجعة الدستور النائب عن الإثتلاف الشيعي الموحد همام حمودي إن اللجنة انتهت من قراءة ومراجعة النصوص كاملة وأخذت ملاحظات من أطراف متعددة وجرى مناقشة الدستور بالتفصيل، وتم إضافة وتعديل ما يلزم إضافته وتعديله. وأضاف في تصريح صحافي وزعه مكتبه أن بعض المواد أدخلت في فصول وأخرجت أخرى من فصول من الدستور في خطوة مفيدة نأمل أن تكون موضع قبول الشعب. وأشار إلى أن سبع نقاط ما زالت محل النقاش، وأن اللجنة ماضية في مناقشاتها حول هذه النقاط وسوف تقدم اللجنة تقريرها الأخير إلى مجلس النواب مطلع الشهر المقبل ومن ثم تحويلها إلى الاستفتاء الشعبي والذي يمثل الرأي الحاسم في القضية.
وتشمل هذه النقاط صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وصلاحيات الأقاليم والسلطة المركزية والفدرالية ونوعها وتوزيع الثروات بين مكونات الشعب العراقي وصلاحيات توقيع العقود النفطيةquot;. وتوقع أن لا يتم عرض التعديلات الدستورية على الاستفتاء العام .
وإذا وافق مجلس النواب على التعديلات المقترحة بالأغلبية، فإن التعديلات لا تكون نافذة ما لم تعرض على الشعب ويوافق عليها حيث تقول المادة (142) من الدستور quot;تطرح المواد المعدلة... على الشعب للاستفتاء عليها خلال مدة لا تزيد على شهرين ويكون الاستفتاء ناجحًا بموافقة اغلبية المصوتين، واذا لم يرفضه ثلثًا المصوتين، ثلاث محافظات او اكثرquot; وبهذا فإن موافقة لجنة التعديلات وموافقة مجلس النواب تكون معلقة على موافقة الشعب.

انتخابات عامة لثلاث رئاسات جديدة:
واستنادًا الى مواد الدستور العراقي الجديد المصادق عليه باستفتاء شعبي في منتصف تشرين الاول (اكتوبر) عام 2005 والذي ينص على اجراء انتخابات عامة كل اربع سنوات لانتخاب مجلس نواب جديد يختار حكومة ومجلس رئاسة جديدتين فأن البلاد ستشهد اواخر عام 2009 انتخابات عامة بمشاركة 17 مليون ناخب سيدلون بأصواتهم في محافظات العراق الثمانية عشر .

وسيدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد بمرسومٍ جمهوري خلال خمسة عشرَ يومًا من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة وتعقد الجلسة برئاسة اكبر الاعضاء سنًا لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه. وسينتخب مجلس النواب في أول جلسةٍ له رئيسًا ثم نائبًا أول ونائبًا ثانيًا اغلبية مطلقة لعدد اعضاء المجلس بالانتخاب السري المباشر.

وسيختار مجلس النواب مجلس رئاسة حيث سيقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح الكتلة الفائزة في الانتخابات لتشكيل الحكومة الجديدة. وسينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيسًا للجمهورية باغلبية ثلثي عدد اعضائه واذا لم يحصل أيٌ من المرشحين على الاغلبية المطلوبة، يتم التنافس بين المرشحين الحاصلين على اعلى الاصوات ويعلن رئيساً من يحصل على اكثرية الاصوات في الاقتراع الثاني. ثم يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددًا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية. ويتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية اعضاء وزارته خلال مدةٍ اقصاها ثلاثين يومًا من تاريخ التكليف. ويعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف اسماء اعضاء وزارته، والمنهاج الوزاري على مجلس النواب ويعد حائزًا ثقتها عند الموافقة على الوزراء منفردين والمنهاج الوزاري بالاغلبية المطلقة.

تقشف وضغط للنفقات:
وينتظر ان يشهد العام الحالي اتخاذ اجراءات تقشفية لملاحقة الانخفاض المستمر في اسعار النفط . وكان من المقرر ان تبلغ موازنة العام 2009 بحدود 79 بليون دولار الا ان انخفاض اسعار النفط التي يعتمد عليها اقتصاد العراق بنسبة 96 في المئة دفع الحكومة الى سحب مشروع الموازنة لإعادة النظر فيه على ضوء الاسعار الحالية للنفط حيث يتوقع ان تخفض الى 58 مليار دولار . وقد أعلن وزير التخطيط علي بابان ان انخفاض أسعار النفط لن يؤثر سلبًا في رواتب الموظفين في موازنة العام المقبل. وأوضح ان التخفيض سيشمل موازنات تنمية الاقاليم التي من المرجح أن تنخفض الى النصف في العام المقبل اضافة الى بعض النفقات التشغيلية الأخرى في موازنة الوزارات جميعها. وقررت الحكومة اتخاذ اجراءات تقشفية لملاحقة الانخفاض المستمر في اسعار النفط والازمة المالية العالمية بالاضافة الى اعتماد سعر جديد للنفط وخفض الموازنة التشغيلية ومخصصات الوزراء ومنع استئجار الطائرات الخاصة. وتوصلت الى اعتماد سعر 50 دولاراً لبرميل النفط وتصدير مليوني برميل يومياً كأساس لبناء الموازنة العامة للدولة لعام 2009، وخفض الموازنة التشغيلية والموجودات غير المالية للرئاسات الثلاث بنسبة 80 في المئة عدا الرواتب والأجور إضافة الى خفض مخصصات الوزارات لشراء السيارات أو الاثاث بأنواعه وخفض المنافع الاجتماعية بنسبة 50 في المئة .
إستحقاقات اخرى :
ومن بين الاستحقاقات الاخرى التي ستواجه العراقيين خلال العام الحالي ضرورة تصعيد عمليات تدريب وتجهيز القوات الامنية لتكون قادرة على ملء الفراغ الذي سيخلفه انسحاب القوات الاجنبية غير الاميركية منتصف العام .. والعمل على توفير الخدمات الاساسية للمواطنين الذين يعانون صعوبات فقدانها منذ اكثر من اربع سنوات وخاصة في حقول الكهرباء والماء والنقل والمشتقات النفطية . كما ستواصل الحكومة العراقية مساعيها لاخراج العراق من عقوبات الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة واقناع الدول المترددة بفتح سفاراتها في بغداد .. اضافة الى انهاء المشاكل بين الحكومتين المركزية والكردستانية واصدار مجلس النواب لاكثر من 50 قانونًا مهمًا يتقدمها قانون النفط والغاز المثير للجدل .