طلال سلامة من روما: يدعو الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز الاتحاد الأوروبي الى فتح أعينه جيداً مع حركة حماس. كما يدعو بيريز الدول الأوروبية الى الوقوف بجانب الدولة العبرية في محنتها النفسية والأمنية. مما لا شك فيه أن صدى هذه الدعوة ستنقله الترويكا الأوروبية، التي بنت جسراً مع حكومة تل أبيب، الى خبرائها الأمنيين من أجل فحصها من جميع جوانبها. فلو كانت الصواريخ الحماسية تستهدف إحدى الدول الأوروبية لكان ردود فعل الأخيرة عسكرياً وبعيداً كل البعد عن جوانب الحرب الإنسانية.

وما تزال وسائل الإعلام الأوروبية تصف حركة حماس بأنها منظمة إرهابية تستعمل النساء والأطفال كدرع بشري لتغطية تحركاتها. إنما يبدو أن جزء من الأوروبيين بدؤوا يعون للتداعيات الكارثية لا سيما ان تحولت حرب غزة من عملية تصفية حسابات، لا تأبه لا بالسكان ولا بالحجار، الى أكبر مأساة منذ زوال الدولة الفلسطينية في عام 1948. هكذا، وبدلاً من نجاح الزعماء الأوروبيين في إقناع حكومة تل أبيب بوقف فوري لاطلاق النار تلعب الدولة العبرية أوراقاً عكسية ترمي الى جذب العاطفة الأوروبية نحوها. فالشعب اليهودي، بغض النظر عن ترسانته من كوادر صهيونية، كان وما يزال حقيقة بأوروبا، لا سيما بدول أوروبا الشرقية التي انضمت حديثاً الى كتلة الاتحاد الأوروبي. مع ذلك، فان النقمة على اليهود الأوروبيين، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بحراً وبراً وجواً، لقتل أكبر عدد من الأطفال أي موارد المستقبل، بدأت تتصاعد من جميع التيارات الحزبية الصغرى، من يمينية فاشية ويسارية متطرفة، بأوروبا.

علاوة على ذلك، فان ايطاليا تراقب الوضع على الساحة الميدانية وتنتظر أخباراً من الوفد الأوروبي الذي وصل الى الشرق الأوسط في محاولة لاقناع إسرائيل بالتخلي عن حرب بدأت تعكر صفو العلاقات بين الفاتيكان وتل أبيب. فالحبر الأعظم يدعو الى وقف العنف على أطفال غزة والعودة الى الحوار بين الطرفين، الإسرائيلي والحماسي، لرسم خريطة علاقات سياسية سلمية بينهما. وفي حين بدأ الرئيس الفرنسي ساركوزي يعتمد على سوريا وتركيا لصنع السلام بغزة يبقى سيلفيو برلسكوني، رئيس الوزراء الإيطالي، من دون موقف رسمي حيال الأحداث الدموية.

ولا يستبعد المراقبون لجوء ايطاليا الى مناورة سلمية، تعتمد على إرسال المساعدات الغذائية والطبية إضافة الى فرق من المتخصصين في الطب الميداني، الى قطاع غزة بانتظار نتائج المناورات الأوروبية القائمة.