طلال سلامة من روما: ربما هو انتقاد لاذع أم ربما هو محاولة للعودة الى الحياة السياسية بإيطاليا أم ربما هي مساع من البروفيسور رومانو برودي للاستعداد لترشيح نفسه للمرة الثالثة في انتخابات رئاسة الوزراء الجديدة، في عام 2013 أم قبل هذا الموعد في حال لم تستطع حكومة برلسكوني إيجاد الحل المناسب للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية العالقة. فالمسألة لا تقتصر على مدى حذاقة وبراعة برلسكوني في quot;صبquot; قوالب الأحداث هنا لصالحه فحسب إنما على درجة صبر الناخبين الإيطاليين الذين ما يزالون يتمسكون به.

للآن، ثمة أكثر من قاعدة يستخدمها برلسكوني، بنظر برودي، لسحق خصومه السياسيين هي حذف جميع نقاطهم الائتمانية الشعبية واستعمال أيدي وسائل الإعلام الحربية لتوسيخ سجلاتهم والإقدام على إصابة المواطنين بموجات من الصرع الإعلامي وغسل الدماغ. هكذا، تتحول الخطابات الى منتجات عسكرية ذات آثار تدميرية على الخصوم السياسيين. ويهدف كل ذلك الى جعل الحقيقة لغزاً غير مفهوم يصعب التمييز بينه وبين الحقيقة الاصطناعية المزورة. هكذا هي سياسة ايطاليا اليوم التي تعرض الحياة الديموقراطية للخطر.

في الحقيقة، يرى المحللون في كلمات برودي، الذي نبذ نفسه تلقائياً من الحياة السياسية بعد الإطاحة بحكومته على بعد سنتين من انتخابها وبعد استقالته من رئاسة الحزب الديموقراطي اليساري ليحل محله فالتر فلتروني زعيم المعارضة الحالي، رسالة مباشرة الى برلسكوني وسياسته الذي يرفض برودي الاعتراف بصحتها وشرعيتها.

صحيح أن مغازلة الرأي العام ومراقبة أوضاعه عن طريق الاستفتاءات الشعبية المتواصلة جيدة على المدى القصير لكن أي مطب تقع فيه الأنسجة السياسية قد يحول هذه المغازلة الى خطر، على المدى الطويل. لليوم ما تزال بصرية برلسكوني قصيرة المدى بيد أن مشاكل البلاد تتحلل على المدى الطويل. هكذا، من الممكن أن تكون جميع المساعي الحكومية، لاصلاح مختلف البنى التحتية، فخاً يساهم في تآكل الأنسجة السياسية باستمرار ومن دون رقابة. لذلك، فانه من الضروري quot;تصليحquot; الإصلاح. فالمحرك الديموقراطي يحتاج الى وجود متوازن بين الكلمات المنطوقة والسمع. ولا يمكن التوصل الى هذا الهدف ان لم يتم استعمال وسائل الإعلام بصورة معتدلة ومتوازنة.