طهران تهدف لكسب الوقت والقوى الكبرى تجدد quot;التجميد مقابل التجميدquot;

يجتمع اليوم الخميس في جنيف ممثلون عن مجموعة الدول الكبرى الست (5 + 1) مع دبلوماسيين إيرانيين في محاولة أخرى لاقناع إيران بوقف تخصيب اليورانيوم. وينعقد اجتماع اليوم بعد ايام على كشف إيران عن منشأة نووية جديدة في قم. وبصرف النظر عن نتائج الاجتماع، غيرأنّ العلاقة بين إيران والغرب تقف على حافة خطرة. وأبدى مراقبون مخاوف من أن الاعلان عن المنشأة النووية الجديدة ربما أطلق رصاصة الرحمة على جهود الرئيس الاميركي باراك أوباما للتقارب مع القيادة الإيرانية. ولكن نيكولاس بيرنز مسؤول الملف الإيراني في ادارة بوش نفى ذلك.

إعداد عبدالاله مجيد: تنقل quot;شبيغل اونلاينquot; عن بيرنزأنّ العكس هو الصحيح، وأن الكشف عن المنشأة الجديدة quot;زاد حدة الضغط على إيران فيما اثبتت الولايات المتحدة استعدادها للتفاوض في جنيف. وإذا فشلت المحادثات، فإن ذلك سيعزز التأييد الدولي لفرض عقوبات أشد ضد طهرانquot;.

من جهة اخرى، قال المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي ومدير مشروع إيران في مؤسسة اميركا الجديدة New America Foundation فلينت ليفريت quot;ان الولايات المتحدة ستتشبث الآن أكثر من ذي قبل بالرهان العبثي على الضغط الدولي وانعدام الاستقرار الداخلي لإحداث تغييرات كبيرة في صنع القرار الإيرانيquot;. ويخلص ليفريت بعد احاديث متعددة أجراها في إيران ، بما في ذلك مع الرئيس محمود احمدي نجاد ، الى ان quot;من المستبعدquot; ان تكون لدى إيران رغبة في الحوار.

وكان البيت الأبيض قد أبلغ العالم بوجود المنشأة النووية الإيرانية قبل فترة وجيزة على قمة مجموعة العشرين في بتسبرغ. وبادر الادارة الى الاعلان عنها بعدما اكتشفت ان إيران عرفت بأن المخابرات الغربية تراقب المنشأة. ويبدو ان واشنطن أرادت ان تبدو جديرة بالثقة أمام العالم، وذلك أمر مفهوم تمامًا إزاء الصعوبة التي واجهها العالم في ايلاء ثقته بأجهزة الاستخبارات الاميركية بعدما حدث في العراق.

مع ذلك تبدو الولايات المتحدة مترددة على نحو غريب. فإن أوباما انتقد برنامج إيران النووي بلغة لا تقبل اللبس لكنه ترك للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني غوردن براون ان يوجها الكلام الأشد قسوة الى طهران. واكد أوباما مجددًا في كلمته الاذاعية الاسبوعية استعداده للتفاوض، وقال إن دعوته الى الحوار الجدي ما زالت قائمة. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كانت هناك فرصة باقية لحوار جديد.

يجتمع ممثلو الدول الست الكبرى وإيران في وقت ازدادت فيه خطوط المواجهة تصلبًا. فبعد خطاب أوباما في بترسبورغ اتهمه رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية على اكبر صالحي بسعيه الى تأليب العالم على إيران. وبشأن اجتماع اليوم نقلت وكالة رويترز عن صالحي ان إيران لن تبحث اي شيء يتعلق بحقوقها النووية. واضاف ان المنشأة النووية الجديدة في قم هي الأخرى على قائمة القضايا غير القابلة للنقاش.

الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس كان له رأي آخر. وقال ان التوافق الدولي لم يكن ذات يوم قويًا كما هو الآن على مواجهة برنامج التسلح النووي الإيراني. وشدد وزير الدفاع روبرت غيتس على ضرورة السماح للمفتشين الدوليين بزيارة المنشآت النووية الإيرانية في اقرب وقت ممكن. ولكن إيران لم تحدد موعدا لمثل هذه الزيارات حتى الآن.

هل بمقدور الغرب حقًا أن يجبر إيران على فتح منشآتها النووية للتفتيش باستخدام عقوبات أشد؟ قال كبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي لشبيغل: quot;هل تعتقدون حقًا ان هناك عقوبات يمكن ان تضر بنا ضررًا بالغًا؟ لقد عشنا مع العقوبات 30 عامًا ولم تنجح في تركيع أمة عظيمة مثل إيرانquot;.

ولكن المعلق غريغور بيتر شميتز يؤكد في شبيغل ان إيران تبقى مكشوفة تماما بصرف النظر عن هذه التصريحات. فعلى الرغم من احتياطاتها النفطية الضخمة ما زال عليها ان تستورد 40 في المئة من حاجتها الى امدادات الغاز. وإذا قُطعت هذه الامدادات ستتأثر الصناعات الإيرانية بشدة. ويضيف ان المسؤولين الاميركيين يدرسون منذ سنوات ما هي الصناعات الإيرانية التي يمكن ان تتضرر بالعقوبات.

ولكن لكي تكون هذه المحاولة مجدية تحتاج الولايات المتحدة الى دعم القوى الكبرى الأخرى. ويبدو ان روسيا التي كانت حتى الآن تحجم عن البحث في فرض عقوبات جديدة تتخذ موقفًا أكثر تفهمًا في الوقت الحاضر. وثمة مؤشرات الى ان الصين ايضًا اخذت تعيد النظر في موقفها السابق.

ماذا عن المانيا التي تعتبر من اكبر شركاء إيران التجاريين؟ تقول شبيغل ان الكثير من الشركات الالمانية تخشى فرض عقوبات أشد على إيران. وعندما تحدث ساركوزي وبراون في بتسبرغ لم تكن المستشارة انغيلا ميركل تقف معهما بجانب أوباما ، الأمر الذي أثار تساؤلات كثيرة.

إذا أصرت إيران على تعنتها، فإنّ من شأن هذا ان يعزز الدعوات الى فرض عقوبات جديدة. ولكن محللين يفترضون ان هذا ما سيحدث في كل الأحوال. ويقول كريم سجادبور الخبير المختص بالشؤون الإيرانية في مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي إن تفكير القيادة الإيرانية يذهب الى انه quot;عندما يعتقد العالم انك تتعرض الى ضغوط اثبت للعالم انك لن تتنازل لأن هذا سيكون دليل ضعفquot;. وفي هذا السياق يأتي اعلان العميد حسين سلامي قائد القوة الجوية للحرس الثوري بأن التجارب الصاروخية الأخيرة quot;توجه رسالة الى بعض الدول الجشعة التي تريد بث الخوف ، بأننا قادرون على الرد على اعدائنا ردًا سريعًا ومناسبًاquot;.

تبقى هناك قضية التهديدات الاسرائيلية المبطنة بضرب منشآت إيران النووية. وكان وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس يشير الى اسرائيل على ما يُفترض عندما قال في مقابلة أخيرة مغ شبكة quot;سي ان انquot; انه ليس هناك في الواقع خيار عسكري يحقق أكثر من كسب الوقت. وأوضح ان الوقت الذي يُكسب من ضرب المنشآت النووية يقدر بسنة الى ثلاث سنوات quot;او نحو ذلكquot;.

تقول شبيغل ان الأمر الذي يتفق عليه الخبراء هو ان أوباما لا يستطيع ان يحول دون الهجوم الاسرائيلي ويكسب بعض الوقت لجهوده من اجل الحوار مع طهران إلا باقناع الاسرائيليين ان اكتشاف المنشأة النووية السرية الجديدة يوجه في الحقيقة ضربة الى مساعي إيران لامتلاك أسلحة ذرية. ولكن كل هذه الجهود يمكن ان تبوء بالفشل إذا اتضح ان هناك منشآت نووية سرية أخرى الى جانب منشأة قم. وقال غراهام اليسون الخبير بالقضايا النووية في جامعة هارفارد لصحيفة نيويورك تايمز quot;ما هي احتمالات ان تكون منشأة قم هي المنشأة الوحيدة؟ صفرquot;.