توجّه الناشط الحقوقيّ الليبرالي عدنان حسناوي بمناسبة اليوم العالمي للسلام الموافق لـ 21 سبتمبر ndash; أيلول 2009 برسالة إلى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، دعاه من خلالها إلى quot;إعادة فتح مكتب رعاية مصالح تونس في تل أبيب لدعم الجهود الدولية للتقدم في إرساء السلام العادل والدائمquot;. واعتبر حسناوي وهو ناشط ضمن عدد من منظمات حقوق الإنسان الغربية على غرار منظمة quot;حقوق الإنسان أولاquot; الأميركية أنّ quot; إعادة فتح المكتب سيكون آلية للدفاع عبر الدبلوماسية التونسية المباشرة ومن تل أبيب على حقوق الشعب الفلسطينيquot;.

كشف حسناوي في مقابلة مع quot;إيلافquot; من تونس عن quot;قرب إقامة علاقات دبلوماسية بين تونس وإسرائيل في المستقبلquot;، معتبرًا أنها quot;مسألة وقت ومرتبطة بمدى التقدم في ملف تسوية الصراع العربي - الإسرائيلي بكاملهquot;.
وشدّد الحسناوي على أنه quot;يحترم الواقعية والاعتدال في السياسة الدفاعية لدى الزعيم المرحوم الحبيب بورقيبة ولدى الرئيس الحاليّ زين العابدين بن علىquot;. وفي ما يلي نصّ الحوار :

توجّهتم بمناسبة اليوم العالمي للسلام الموافق لـ 21 سبتمبر 2009 إلى الرئيس زين العابدين بن علي برسالة مفتوحة دعوته فيها إلى إعادة فتح مكتب رعاية مصالح تونس في تل أبيب ودور ذلك في ما أسميته دعم الجهود الدولية للتقدم في إرساء السلام العادل والدائم في هذا الجزء من العالم هل وصلكم ردّ رسميّ أو غير رسميّ على الرسالة من الحكومة التونسيّة ؟؟
شكرًا لك ولأسرة تحرير quot; إيلاف quot; على هذا الحوار . لم أتصل بأي جواب رسمي أو غير رسمي من الحكومة التونسية، والقلق عندي أن تكون الحكومة وكما لا تقوم بالإجراءات اللازمة للتقدم في مسار الإصلاح السياسي هي تفضل العمل وراء السياسات المصر ndash; السعودية و الجامعة العربية و بالتالي تخلّت على الريادة و المبادرة كما كانت الدبلوماسية التونسية في عهد المرحوم حبيب بورقيبة .


بعضهم يرى في رسالتكم تلك تستّرًا بمصطلح quot;السلامquot; للدعوة مباشرة إلى التطبيع مع إسرائيل في سياق ما يروّج من أخبار حول قرب تطبيع عواصم عربية جديدة مع إسرائيل ؟
في العلاقات الدولية هناك حالة حرب أو حالة السلم،و في العالم العربي والإسلامي وعلى ضوء العجز العربي- الإسلامي على النصر في الحرب على إسرائيل بالجيوش النظامية لاسترجاع الأرض المحتلة، وعدم قدرة هذه الحكومات على بناء السلام - لغياب الإرادة و لغاية تبرير بقاء الأنظمة الاستبدادية ndash; نجد أنفسنا في حالة لا حرب ولا سلام وحكومات تدعم الإرهاب باسم الحق فيquot; المقاومة quot; وفي الوقت نفسه تساهم فيه مع المجموعة الدولية في القضاء عليه وتقوم باستخدام الحرب على الإرهاب كذريعة للقضاء على الخصوم السياسيين وتعطيل الديمقراطية .

في هذا الفضاء كان تداول مصطلحquot; التطبيعquot; لا على معنى أن تكون العلاقات طبيعية بل على مضمون خيار رفض السلام والعمل على إلغاء إسرائيل من الوجود ولجبن وتفنن بعض السياسيين في الخداع خاصة في الدول أين الحكومات أعلنت أن السلام خيارها الإستراتيجي قاموا بتجريم التطبيع أخلاقيا لدى الرأي العام ،وعوض التحلي بالشجاعة و الصدق والإعلان عن رفضهم للسلام عمد هؤلاء إلى توجيه النار إلى من يدافع عن السلام بأنه يدافع عن التطبيع . بعد أحداث غزة و تهرب سوريا و إيران من الدخول في الحرب المباشرة إلى جانب quot;حماسquot; و بعد فشل خيار الحروب السابقة بالجيوش النظامية و فشل خيار دعم الإرهاب قصد إدارة الصراع دون تورط مباشر في الحرب و في ظل العجز حتى في حالة امتلاك الردع النووي على تدمير إسرائيل يكون الخيار الوحيد هو خيار السلام .

تعرضتم لانتقادات لاذعة في السابق من قبل معظم التيارات السياسية في تونس اليسارية والقومية والإسلامية ، كيف أتتكم الجرأة لطرح مواقفكم تلك من المقاومة وحزب الله والتطبيع وأنتم تعلمون أن كل المكونات الإيديولوجية والسياسية في تونس - على اختلافاهم - يتفقون في مناهضة التطبيع مع إسرائيل؟
العمل السياسي هو القدرة على تحقيق الممكن وبقطع النظر عن حجمه، وأيضًا ليس من حق السياسيين في عالم اليوم ارتكاب الأخطاء لأن المسألة تتعلق بشعب و مصيره... ليكون مواطن طبيب عليه أثبات الجدارة من خلال النجاح في دراسة الطب و بالرغم من أن أثار الخطأ الطبي يكون على حساب فرد فما بالك و نحن نتحدث عن شخص بقرار يحكم على مصير شعب ...النخبة السياسية المعارضة و إن كانت و بدراجات متفاوتة تجاوزت الأيديولوجيات المهزومة و الفاشلة في خطابها المعلن، إلا أن الأغلبية مازالوا عاجزين على نقد الأسس الصلبة لما عمدوا للدعاية له في حياتهم ...ملاحظة أخرى النضال ليس مزايدة كلامية بشكل أدبي أو فني أنه برنامج عمل وتمويل وتغيير للواقع نحو الأفضل و في قضايا الحرب والسلم الكلام ليس بقوة الشعارات و إنما بالقدرة على صناعة النصر و هل بالإمكانيات الموجودة في البلاد التونسية يمكن الدخول في الحروب الإقليمية و إحداث تغيير في ميدان القتال ؟؟؟ شخصيا أكره الكذب على الناس... وأحترم الواقعية والاعتدال في السياسة الدفاعية لدى الزعيم المرحوم الحبيب بورقيبة و لدى الرئيس زين العابدين بن على. و من حقي التعبير و ليس لأن المعارضة المهزومة والفاشلة والعاجزة على تحقيق أي مكسب في مجالات هي أقل من القيام بالحرب و لأنها لا تريد السلام عليّ أن أسكت.

ألا ترون أنّ تونس ترنو فعلاً نحو التطبيع السياسي مع الإسرائيليين خصوصًا أنّ بعضهم يتحدّث عن تطبيع اقتصادي (السلع الإسرائيلية في تونس) وقافي (ملتقى الجغرافيين) وطبيّ وحتى سياحي على غرار زيارة إسرائيليين لمعبد الغريبة في جزيرة quot;جربةquot; بالجنوب ؟

أولا تونس احتضنت الفلسطينيين و دعمت جهودهم في النضال من أجل حقوقهم المشروعة كما قامت الحكومة التونسية. وفي إطار العمل العربي المشترك بدعم الجهود الدولية لإحلال السلام وهناك مواقف هامة في هذا المسار ومنها بالخصوص الرسالة والدعوة لرئيس الوزراء شارون في 2005 بمناسبة انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات بتونس , و كذلك عدم حضور قمة غزة بالدوحة في أيام الحرب الأخيرة في غزة ... رسميا الحكومة التونسية تربط بين التقدم في مسار السلام و بين التقدم في العلاقات مع إسرائيل لذا من المرجح إقامة علاقات دبلوماسية في المستقبل و القضية مسألة وقت و مدى التقدم في ملف تسوية الصراع العربي -الإسرائيلي بكامله .
ثانيا في ما يتعلق بزيارة الإسرائيليين لجربة هل من المعقول أن نطالب الحكومة بانتهاك الحرية الدينية ؟؟؟

كيف تنظرون إلى أفق حلّ الصراع العربي الإسرائيلي في ظلّ تواصل انحياز الإدارة الأمريكية لإسرائيل و الشرخ الواضح في المواقف العربيّة و الهوّة بين المواقف الرسمية و الشعبيّة ؟

أنا لا أرى انحيازا أميركيًا لإسرائيل...هناك التزام أميركي بضمان وجود وأمن إسرائيل و على العرب و المسلمين توحيد الجهود من أجل الحل الممكن و القابل للإنجاز أي دولة فلسطينية على الأرض المحتلة في ما بعد 1967 و التخلي عن وهم إزالة دولة إسرائيل من الوجود و الأمر الذي لا يكون إلا بالتعايش و التفاهم معهم و إرساء أركان السلام الدائم و خاصة هزيمة الكراهية .


استندتم إلى قانون مكافحة الإرهاب في تونس لتتوجّهوا بشكاية لدى القضاء التونسي ضدّ السيّد أحمدي نجاد رئيس جمهورية إيران الإسلامية بتهمة التحريض على الكراهية والإرهاب ، وذلك اثر خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 23 سبتمبر 2008 .
أين وصلت تلك الدعوى ؟ وما المغزى منها بالضبط خصوصًا وأنكم على دراية بأنّ القضاء التونسي لا يمكن أن يفعل الكثير تجاه رئيس دولة أجنبيّة ؟

بمقتضى أحكام فصول قانون مكافحة الإرهاب لي الحق في التقدم بشكاية ووحده السيد الوكيل العام للجمهورية له الحق في إثارة الدعوى في القضايا الإرهابية لذا القرار قراره و بعدم توجيه استدعاء لي لإتمام الإجراءات كان حفظ الشكاية.
ألاحظ أن القول بأن القضاء لا يمكن أن يفعل الكثير هو كلام سياسي لكن من الناحية القانونية كان من الممكن مؤاخذة نجاد وفقا لأحكام القانون المذكور و لكن بعد التعديلات الأخيرة لقانون الإرهاب أصبح من غير الممكن من الناحية القانونية المؤاخذة الجزائية على هذه الأفعال بتونس .


هل تعتقد أنّ لمثل هذه المواقف التي تصدع بها بين الفينة والأخرى وتخالف الإجماع الوطني ، صدى بين التونسيين؟ وما ردّك على من يقول إنها من قبيل quot;لفت الانتباهquot; وquot;مغازلة سفارات الدول الغربية في تونسquot;؟

محاسبة النوايا أمر مرفوض ومن حق أي فرد أو منظمة غير حكومية أو حزب أو هيئة سياسية حكومية الترويج والدفاع عن حقوق الإنسان وأهداف الأمم المتحدة. ولست ملزمًا لا قانونيًا ولاأخلاقيًا بإتباع مواقف الآخرين و السير في طريقهم كالنعجة و بلا رأي و بلا إرادة خاصة و أنا ألمس عجزهم و في نفس الوقت رفضهم و عدم قدتهم على تعلم و نقد و تطوير ذواتهم ...يريدون تغيير العالم و الدولة التونسية و في الوقت نفسهالمحافظة على أوهام الأيديولوجيات المهزومة و الفاشلة و الرؤية القديمة للصراع العربي- الإسرائيلي التي هي بما هي لا تعدو أن تكون إلا ما روّج له الملك فاروق وعبد الناصر من دعاية و إثارة للكراهية ؟؟؟ .