تتصاعد في العراق حدة الجدل السياسي حول نقض لنائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي لقانون الانتخابات، حيث اعتبر الائتلاف الشيعي هذا الاجراء سياسيًا، وعدّ نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي أن النقض سيقود إلى فراغ دستوري، الأمر الذي دفع بالهاشمي الى اللجوء للدستور ونظام مجلس النواب لاضفاء شرعية على تصرفه الذي وصفه الامين العام للحركة الوطنية صالح المطلك بالسليم جدًا، في حين يجتمع قادة الكتل السياسية واللجنة القانونية البرلمانية اليوم، بحثًا عن حل لهذه المشكلة التي تهدد بتأجيل الانتخابات التشريعية المقررة مطلع العام المقبل.

لندن: أصدرت الدائرة القانونية في رئاسة الجمهورية بطلب من نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي بيانًا أكدت فيه أن من صلاحيات مجلس الرئاسة نقض القوانين والقرارات وفقًا للدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب. وأضافت في بيانها الذي تلقت quot;ايلافquot; نسخة منه اليوم quot;أن لمجلس الرئاسة الحق في نقض القوانين والقرارات الصادرة من مجلس النواب بموجب المادة 138 من الدستور. كما أن صلاحيات النقض وردت بالنظام الداخلي لمجلس النواب في المادتين 31/ 6 و 137quot;.

ووافق مجلس النواب العراقي في الثامن من الشهر الحالي على قانون الانتخابات بعد نقاشات شاقة استمرت أربعة أشهر. وقد خصص القانون ثمانية مقاعد للاقليات، خمسة منها للمسيحيين وواحد لكل من الصابئة والشبك والايزيديين وثمانية للعراقيين في الخارج والقوائم الصغيرة من اصل 323 مقعدًا.

وتؤكد المادة 138 من الدستور العراقي على ان يتخذ مجلس الرئاسة الذي يضم الرئيس ونائبيه قرارته بالاجماع وليس بالاغلبية كما تنص على ان المهلة الخاصة بالمجلس الرئاسي للموافقة على القوانين او نقضها هي 15 يومًا (اي 23 من الشهر الحالي حيث كان مجلس النواب قد صادق على القانون في 8 من الشهر الحالي) وفي حال عدم اتخاذ اي قرار خلال المدة المذكورة يعد القانون نافذًا.

ويطالب الهاشمي بتعديل قانون الانتخابات وزيادة نسبة حصة المهجرين الى خارج البلاد في مقاعد مجلس النواب من 5 % إلى 15 % معتبرًا أن المادة الحالية تمثل إجحافًا بحق المهجرين والمهاجرين العراقيين في الخارج والذين يبلغ عددهم أربعة ملايين نسمة كما قال.

ومن جهته، عقد الائتلاف الوطني العراقي quot;الشيعيquot; اجتماعا الليلة الماضية لمناقشة quot;التداعيات السياسية والدستوريةquot; المترتبة على النقض quot;الذي سيترك البلد في فراغ دستوريquot; كما اوضح بيان صحافي عن الاجتماع. وقال همام حمودي الذي ترأس الاجتماع quot;ان الائتلاف يستغرب من نقض الهاشمي للقانون ويعده موقفًا سياسيًاquot;. بينما قال عادل عبد المهدي quot;ان الاوضاع لاتحتمل مثل هذه التجاذبات لانها تدخل البلاد في دوامة الفراغ الدستوريquot;.

اما العضو القيادي هادي العامري فقد حذر من ان quot;اي تاخير في موعد الانتخابات سيولد فراغا دستوريا لأن النقض وجهة نظر سياسية غير محسوبة النتائجquot;. وأستغرب من نقض القانون في اليوم الأخير من المهلة المحددة، مؤكدًا ان المفوضية العليا للانتخابات ستعاني من الإرباك في عملها بسبب ذلكquot;. واعتبر تذرع الهاشمي بوجود أربعة ملايين مهجر خارج العراق بأنه كذبة نيسان مضيفاً أن أحدًا لم يتوقع إثارة موضوع المقاعد التعويضية لمهجري الخارج على حساب مشكلة كركوك التي كانت المعرقل الأكبر لإقرار القانون.

وسيعقد قادة الكتل السياسية واللجنة القانونية في مجلس النواب اجتماعين منفصلين اليوم لبحث موضوع نقض قانون الانتخابات ومناقشة التعديلات المقترحة التي يطالب بها الهاشمي ورفع توصيات الى مجلس النواب لاتخاذ موقف منها خلال الأيام الثلاثة المقبلة. وحول هذا الاجتماع قال رئيس كتلة المجلس الاعلى الاسلامي الشيخ جلال الدين الصغير ان النقض يمثل مشكلة كبيرة امام الانتخابات والقرار سيبقى للكتل السياسية في البرلمان التي سيجتمع رؤساؤها اليوم في محاولة للوصول الى رؤيا محددة للتعامل مع النقض.

وقد عصفت خلافات حادة بالقادة السياسيين العراقيين اثر ذلك حيث وصف رئيس الوزراء نوري المالكي نقض نائب الهاشمي للقانون بأنه تهديد خطر للعملية السياسية ولم يقم على أساس دستوري متين ولم يراع المصلحة الوطنية العليا. وقال المالكي quot;إن الشعب العراقي الذي ينتظر بفارغ الصبر التوجه إلى صناديق الإقتراع لإختيار ممثليه والذي عبر عن سروره لنجاح مجلس النواب في التوصل إلى قانون الإنتخابات.. فوجئ بإعلان النقض للقانون الأمر الذي يشكل تهديدًا خطرًا للعملية السياسية والديمقراطية ولم يقم على أساس دستوري متين ولم يراع المصلحة الوطنية العلياquot;.

وطالب المالكي النواب quot;بعقد اجتماع عاجل لتأكيد قرارهم لإجراء الإنتخابات في موعدها المحددquot;. وقال quot;إنني أدعو الشعب العراقي إلى الوقوف إلى جانب مجلس النواب للدفاع عن مكتسباته وتضحياته وحقوقه والإصرار على عقد الإنتخابات لإختيار ممثليه وتفويت الفرصة على أعدائه وأعداء العراق الذين يحاولون إستغلال مثل هذه الفرص لتعطيل مسيرته الديمقراطيةquot;.

ومن جهته اعتبر رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب بهاء الاعرجي ان الهاشمي بنقضه للقانون فقد قدم خدمة كبرى لاعداء الديمقراطية والعملية السياسية من العاملين على عرقلة اجراء الانتخابات. وقال quot;ان الهاشمي قدم خدمة كبيرة الى عزة الدوري ومحمد يونس الاحمد اللذين يقودان جناحي حزب البعث، وللبعثيين وتجاهل مشاعر العراقيينquot;. وشدد على ان هذا النقض غير قانوني ولا دستوري وان وراءه اهدافًا سياسية حزبية لعرقلة الانتخابات.

لكن أمين عام الحركة الوطنية العراقية صالح المطلك أكد أن الهاشمي لم يكن أمامه سوى نقض القانون وقال quot;إننا نعتقد ان قرار الهاشمي سليم مئة في المئةquot;. وانتقد الطريقة التي تمت بها صياغة القانون وقال quot;إن العراقيين المهجرين بالخارج حرموا من التعليم وحرموا من الحياة الكريمة في بلادهم فلماذا يُحرمون من التصويت لاختيار ممثليهم في البرلمانquot;. ودعا مجلس النواب إلى إعادة النظر في القانون وضمان جميع حقوق العراقيين من منطلق قاعدة المساوة.

أما عضو مجلس النواب عن جبهة التوافق السنية نائب رئيس اللجنة القانونية سليم الجبوري فقد اكد quot;أن الجبهة مع نسبة 15% وهي ممن صوت عليها لكن القانون ذهب بخلاف ما نريدquot;. وأعرب عن خشيته من أن يكون النقض مدعاة للرجوع الى المربع الأول الذي سيفتح شهية كتل سياسية عديدة لاثارة مسائل قد تكون خارج أطار النقاط التي تم النقض بشانها. وقال أن هناك كتلا سياسية عديدة ستستفيد من عملية النقض وأبرزها التحالف الكردستاني الذي هدد بالمقاطعة بسبب النصاب الذي تم تحديده لقضية البطاقة التموينية.

وأضاف الجبوري quot;كنا نتمنا ان تتم معالجة القضايا ذات الخلاف عن طريق التفاوض مع مفوضية الأنتخابات وبصورة فنيه لا عن طريق النقض الذي سيجعل الأمر عسيرًا جدًا في أنهاء هذا التشريع خصوصًا أن مسائل عدة ستطرح للنقاشquot;. واوضح ان الجبهة مع أهمية المادة الاولى التي تم نقضها quot;إلا أن اسلوب النقض ليس هو الخيار الافضل لناquot;. وفي واشنطن اعربت وزارة الخارجية الاميركية عن خيبة امل الادارة الاميركية بعد نقض القانون وقال المتحدث باسم الخارجية ايان كيلي في تصريح صحافي quot;نعرب عن خيبة املنا الكبيرة لهذه التطورات المرتبطة بقانون الانتخاباتquot;. وأكدت على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها المحدد معتبرة نقض قانونها هو شأن عراقي داخلي.

وكانت المفوضية العليا للانتخابات في العراق قررت امس تجميد جميع أنشطتها لحين إقرار القانون من جديد. واكد قاسم العبودي عضو المفوضية توقف جميع انشطة المفوضية الخاصة باستلام قوائم المرشحين وتصميم ورقة الاقتراع الى حين صدور القانون. واضاف ان الموقف صعب جدا وبالتاكيد سيؤدي الى تأخير موعد الانتخابات. ودعا رئاسة الجمهورية إلى إصدار مرسوم جمهوري ينص على تحديد الثامن عشر من شهر كانون الثاني المقبل موعدا للانتخابات لكي تستطيع المفوضية الاستمرار في عملها. وتوقع العبودي تأجيل موعد الانتخابات الى تاريخ جديد يتناسب مع الوقت الذي يستغرقه مجلس النواب في إقرار قانون الانتخابات مرة أخرى.

وسبق للمفوضية ان حددت 16 كانون الثاني (يناير) المقبل موعدًا للانتخابات التشريعية لكن التاجيلات التي حصلت في مجلس النواب لاقرار القانون جعلت اجراءها في موعدها امرًا غير ممكن الامر الذي دفع بالرئاسة الى اقتراح الثامن عشر من الشهر نفسه موعدًا جديدًا.

وكان رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني قد هدّد امس الاول بمقاطعة الانتخابات في حال عدم اعادة النظر في توزيع المقاعد النيابية على المحافظات الكردية. وقال quot;اذا لم تتم اعادة النظر في عدد مقاعد المحافظات فان شعب كردستان سيكون مضطرًا الى عدم المشاركة في الانتخاباتquot;. وقد حددت مفوضية الانتخابات 38 مقعدًا للمحافظات الكردية الثلاث اربيل والسليمانية ودهوك اعتمادًا على سجلات وزارة التجارة. وتشغل كتلة التحالف الكردستاني 53 مقعدًا من اصل 275 في البرلمان الحالي. وهناك وجود للاكراد في محافظات كركوك ونينوى وديالى.