مناصرة للناشطة الصحراوية المضربة عن الطعام تساعدها

وجه عدد من الكتاب والفنانين الإسبان رسالة إلى العاهل الإسباني يطلبون منه التدخل لدى ملك المغرب محمد السادس لإنقاذ حياة الناشطة الصحراوية أمينتو حيدر المضربة عن الطعام في مطار لانثاروتي. ونجح المساندون الإسبان لجبهة البوليساريو في إقناع ثلاثة أدباء عالميين حائزين على جائزة نوبل للآداب، بالتوقيع على الرسالة ذاتها الموجهة إلى عاهل إسبانيا في وقت شكت فيه جهات مغربية في صمود حيدر،خاصة أنها اشتكت وقت إعلانها الإضراب عن الطعام، أنها تعاني من أمراض عدة.

الرباط: رجحت مصادر إعلامية إسبانية أن يجري الملك خوان كارلوس، إتصالاً مع العاهل المغربي الملك محمد السادس، لكي يطلب منه تليين الموقف من الناشطة الصحراوية، أمينتو حيدر، المعتصمة والمضربة عن الطعام في مطار لانثاروتي بجزر الأرخبيل الكناري، إحتجاجًا على رفض الرباط دخولها البلاد بعد أن تخلت عن جنسيتها وجواز سفرها المغربي.

وكان عدد من الكتاب والفنانين الإسبان قد وجهوا أمس الخميس رسالة إلى العاهل الإسباني يطلبون منه التدخل لدى ملك المغرب لإنقاذ حياة الناشطة الصحراوية التي يقول مناصروها إنها على حافة الانهيار والموت، فيما تشكك جهات حقوقية مغربية في صمودها خاصة وأنها اشتكت وقت إعلانها الإضراب عن الطعام، أنها تعاني من أمراض عدّة بينها القرحة المعدية التي يستحيل على المصاب بها تحمل الجوع لفترة طويلة.

إلى ذلك نجح المساندون الإسبان لجبهة البوليساريو، في إقناع ثلاثة أدباء عالميين حائزين على جائزة نوبل للآداب، بالتوقيع على الرسالة ذاتها الموجهة لعاهل إسبانيا. ويتعلق الأمر بالروائيين الألماني غونتر غراس والبرتغالي جوزي ساراماغو، والمسرحي الإيطالي داريو فو. إضافة إلى كتاب ذوي صيت عالمي أمثال فارغاس يوسا.

وكانت الحكومة الإسبانية، على لسان رئيسها، خوسيه لويس ثباتيرو، قدأعربت عن رغبتها في ترك الملك خوان كارلوس، بمنأى عن ملف الناشطة الصحراوية، على اعتبار أنه شأن سياسي يجب أن تعالجه السلطة التنفيذية في البلاد، وحرصا كذلك على سمعة ملك إسبانيا الذي يتمتع برمزية، ولا سيما أن العلاقة بين القصرين الملكيين في الرباط ومدريد لم تستعد بعد دفئها الكامل منذ الزيارة التي قام بها إلى مدينتي سبتة ومليلية ما اعتبر في حينها استفزازًا لمشاعر المغاربة.

ويشاطر حكومة مدريد نفس الموقف حزب المعارضة اليميني الرئيسي في البلاد الذي يضغط على غريمه الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم كي يجد حلاًّ للأزمة الناشبة بين الرباط ومدريد المترتبة عن رفض حيدر التعاطي الإيجابي مع سائر المقترحات والعروض الإسبانية المقدمة لها من قبيل منحها حق اللجوء السياسي وجواز سفر ومكان إقامة لائق، لها ولأسرتها الصغيرة.

ويواجه المغرب حملة يومية من جانب وسائل الإعلام الإسبانية ليست هي الأولى، إذ لا يولي أغلب الصحافيين الإسبان أية أهمية للحجج التي يدلي بها المغرب، من كون الناشطة الصحراوية مغربية الأم والأب، ولدت في منطقة غير متنازع عليها من الصحراء كانت ضمن السيادة المغربية قبل جلاء الإسبان عام 1975 عن الصحراء ما يسقط حجتها بأنها إسبانية. ولا يريد كذلك الاعتراف بأنها تقاضت بتلك الصفة كمغربية، تعويضات تفوق 40 ألف يورو، منحتها لها هيئة الأنصاف والمصالحة التي بتت في ملفات خرق حقوق الإنسان في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، التي يطلق عليها في الأدبيات السياسية المغربية quot;سنوات الرصاصquot;.

ونالت أمينتو حيدر، مستحقاتها لقاء الفترة التي قضتها في المعتقل جراء مواقفها الانفصالية المعلنة بخصوص مصير المحافظات الصحراوية التي يعتبرها المغاربة جزءا من ترابهم الوطني لا يقبل المساومة.

وقام موفدون حزبيون حكوميون مغاربة منذ إندلاع الأزمة، بزيارة مدريد، وإقليم كاتالونيا الإسباني، لكي يشرحوا للفاعلين السياسيين والمسؤولين الحكوميين وهيئات المجتمع المدني، حقيقة وخفايا الملف، صرحوا بعد عودتهم بأنهم لمسوا تفهّمًا من الدوائر السياسة الإسبانية، لكن الإعلام الإسباني تغافل في مجمله عن الإخبار بوجودهم أو الحديث عن المهمة التي حملتهم إلى مدريد ما يدل على سوء تفاهم عميق وتباعد بين السلطة الرابعة في إسبانيا والسلطات المغربية.

وفي هذا السياق، لا تعرف الحكومة الاشتراكية الإسبانية كيف تواجه النقد الموجه لها بدورها من الإعلام والناشطين الساندين لجبهة البوليساريو.

ويبذل الاشتراكيون كل مساعيهم من أجل أن تتبنى الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان موقفا موحدا يتجه نحو مناشدة المغرب أو الضغط عليه لإيجاد مخرج سلمي للأزمة وذلك بالاستجابة لطلب حيدر الوحيد المتمثل في عودتها وفق شروطها إلى العيون حاضرة الصحراء.

وبرأي الملاحظين هنا، فإنه سيكون من الصعب إن لم يكن خطأ دبلوماسيا فادحا، أن يتراجع المغرب عن موقفه الثابت الذي عبأ له جهوده الدبلوماسية. وبصرف النظر عن الآمال الذي قد تنتهي إليه القضية،فإن المغاربة مطمئنون إلى أنهم لم يتسببوا في أي أذى للناشطة المتمردة، فليسوا هم الذين فرضوا عليها الإضراب عن الطعام.

ويقولون إنها لو عبأت المطبوع الذي سلم عليها مثل سائر المسافرين، وفق الشروط المتعارف عليها بأن تصرح بهويتها الحقيقية وتكتب عنوانها وجنسيتها، لدخلت مدينة العيون، واستأنفت منها معركة الترويج لأطروحة تقرير المصير للشعب الصحراوي الذي تقول إنها تنتسب إليه بينما يعتبرهم المغاربة إخوانا لهم.

ويبدو، أن العاصفة التي أثارتها الناشطة الصحراوية، إما أنها مؤشر على زوابع سياسية قادمة بخصوص تطورات ملف الصحراء، أو أنها قد تكون علامة على الدخول في طريق التسوية المتعثر.