عام 2008 هو الأسوأ
تقرير: الحريات الإعلامية الفلسطينية تشهد انتكاسة خطيرة

خلف خلف من رام الله: كشف تقرير جديد للهيئة الفلسطينية لحقوق الإنسان، أن الحريات الإعلامية الفلسطينية شهدت عام 2008 انتكاسة خطيرة، إذ أن العام المذكور شهد اعتقال 45 صحافيًا في الضفة الغربية وقطاع غزة، عدا عن ملاحقة الصحفيين والاعتداء عليهم إلى أن وصل الأمر إلى محاولة اغتيال عدد منهم، وبين التقرير الذي عنون بـquot;واقع الحريات الإعلامية في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية خلال عام 2008quot;، أن هناك سياسة ممنهجة من قبل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية للتضيق على الصحفيين، والسعي المتواصل لتجنيد بعض الصحفيين للعمل لصالح الأجهزة الأمنية.

ويسُتقى من الإفادات التي توفرت للهيئة من الصحفيين الذين تم اعتقالهم أن غالبيتهم تعرضوا إلى الشبح وسوء المعاملة أثناء التحقيق عند الأجهزة الأمنية في الضفة، وقد أفاد الصحفي أسيد عمارنة أن أفراداً من جهاز المخابرات العامة في بيت لحم طلبوا منه الدخول إلى الحمام دون حذاء، وأبقوه نائماً في غرفة التحقيق عدة أيام دون فراش أو غطاء، ثم وُضع لاحقاً في غرفة مكتظة لا تتسع لأكثر من أثنين كان بها خمسة معتقلين، إضطر أحدهم البقاء دون نوم حتى يتمكن زملاؤه من النوم، كما تعرض الصحفي مصطفى صبري إلى الضرب على يد أحد أفراد المخابرات العامة في محافظة قلقيلية بلطمه كف على وجهه.

ويقول التقرير الذي اعده المحامي صلاح موسى، وياسر علاونه: quot;أما في قطاع غزة فقد نفذت الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية في الحكومة المقالة منذ مطلع العام 2008، العديد من عمليات الاعتقال للصحفيين والعاملين لدى وسائل الإعلام في قطاع غزة، لأسباب عزتها الحكومة المقالة إلى قيام هؤلاء الصحفيين بالعمل مع وسائل إعلام ممنوعة في قطاع غزة مثل تلفزيون فلسطين وإذاعة صوت فلسطين، مع العلم أنه لا يوجد أي قرار قضائي يحظر أو يمنع عملها، وذلك وفقا لأحكام القانون الفلسطينيquot;.

وبحسب المعطيات التي نشرتها الهيئة، فإن الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية في الحكومة المقالة قامت باعتقال (13) من الصحفيين والعاملين في المؤسسات الإعلامية خلال العام 2008. وبينت الهيئة أنها فقد تلقت الهيئة في هذا الإطار(5) شكاوى من صحفيين تم اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية بصورة تعسفية، ودون إتباع الإجراءات القانونية السليمة، وكذلك عرضهم على القضاء العسكري أو بقائهم لفترات طويلة دون العرض على النيابة المدنية أو العسكرية.

وأوضح التقرير الذي جاء في 164 صفحة من القطع المتوسط، quot;أن قرارا سياسيا صادر عن الحكومة المقالة في قطاع غزة، قيد من الحريات الإعلامية وحد من حرية عمل الصحفيين في نقل الأحداث إلى المشاهدين. كما تبين لفريق الهيئة الذي أعد التقرير من مجمل الإفادات التي توفرت لديه، أن عمليات الإعتقال التي تمت بحق الصحفيين بقرار من الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية والحكومة المقالة في قطاع غزة، غابت عنها سلامة الإجراءات القانونية، وجاءت على خلفية العمل الصحفي، وليس لاعتبارات أخرى كما جاء في بعض إداعاءات الأجهزة الأمنية في الضفة وغزة.

كما لاحظت الهيئة في تقريرها أن الأجهزة الأمنية في الضفة لم تحترم بعض قرارات محكمة العدل العليا القاضية بالإفراج عن عدد من الصحفيين، حيث ما زال العديد منهم محتجز بصورة مخالفة للقانون رغم أنم قرارات المحاكم واجبة التنفيذ، وإن عدم تنفيذها يعد جريمة، وذلك حسب المادة (106) من القانون الأساسي الفلسطيني.

ويعرج التقرير على جملة قضايا وانتهاكات بحق الإعلام الفلسطيني، ومن بينها تهديد الصحفيين، إذ رصدت الهيئة خلال عام 2008، تعرض العديد من الصحفيين والمؤسسات الإعلامية في الضفة الغربية للتهديد على خلفية عملهم الصحفي، ومن أبرز تلك التهديدات ما تعرضت له مراسلة ال BBC هديل وهدان من أحد عناصر جهاز المخابرات العامة الفلسطيني الذي هددها بشكل مباشر عقب تقرير أعدته عن أحداث جامعة الخليل.

كما وتعرض الصحفي عوض الرجوب إلى التهديد من أفراد جهاز الأمنية الوقائي، حيث أفاد بأنه أثناء اعتقاله قال له المحقق، تريد أن تجعل من نفسك شهيد الصحافة، فليكُن؟ وتحدث آخر معه بما يشبه التهديد حيث قال له: أنت شاب بمقتبل العمر وعليك أن تنتبه لنفسك ومستقبلك quot;. كما تعرضت قناة الجزيرة الفضائية في رام الله إلى العديد من التهديدات على خلفية عملها الصحفي، وذلك عبر اتصالات هاتفية من أشخاص غاضبين على القناة ويهددون وينتقدون وتكرر ذلك مرات عديدة.

ويقول تقرير الهيئة: quot;أما في قطاع غزة فقد تعرض الصحفي إسماعيل أبو سواح الذي كان معتقلاً لدى الأمنية الداخلي التابع لوزارة الداخلية في الحكومة المقالة إلى تهديد وتم تحذيره من الحديث إلى وسائل الإعلام عن تجربة اعتقاله وكذلك تم تهديد الصحفيين محمد شاهين وسواح أبو سيف من الحديث حول اعتقالهم إعلامياًquot;.

وقد اوصى تقرير الهيئة السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية بعدة خطوات، هي: وقف جميع الإجراءات غير القانونية التي اتخذت بحق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، والتوقف عن اعتقال وملاحقة الصحفيين حفاظاً على الحريات الصحافية وضماناً لصون حقوق الإنسان، كما أوصت الهيئة بضرورة وجود ناطق إعلامي رسمي باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لضمان سهولة تدفق المعلومات إلى الصحفيين بصورة سلسة وموثوقة، كما هو الحال في جهاز الشرطة الفلسطينية.

كذلك أوصى التقرير السلطة الوطنية الفلسطينية بفتح تحقيق رسمي فيما يتعلق بحالات سوء المعاملة أثناء اعتقال الصحفيين بقرار من الأجهزة الأمنية. وأوصها ايضا بضرورة كف الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية عن عرض الصحفيين على المحاكم العسكرية نتيجة عملهم الصحفي.

ومن التوصيات التي وجهت إلى السلطة، ضرورة العمل على تغيير الإجراءات الخاصة بالصحفيين الفلسطينيين عند تغطيتهم الأحداث من مؤتمرات، اجتماعات وغيرها، وضرورة أن تحترم الأجهزة الأمنية الفلسطينية قرارات محكمة العدل العليا الخاصة بالصحفيين والعمل على تنفيذها بلا تأخير، وذلك لضمان مبدأ سيادة القانون واحتراماً لحقوق الإنسان.

كما أوصت الهيئة السلطة الوطنية الفلسطينية بضرورة أن تأخذ وزارة الإعلام في حكومة تسير الأعمال الدور المنوط بها قانوناً، وأن تعمل على تنسيق العمل بين الحكومة والأجهزة الأمنية والإعلامية، وكذلك السماح لوسائل الإعلام التي منعت عن العمل دون مسوغات قانونية بممارسة عملها الصحفي، بما فيها صحيفتي الرسالة وفلسطين.

أما التوصيات التي وجهت إلى الحكومة المقالة في قطاع غزة، فكانت على النحو الآتي: توقف الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية المقالة عن اعتقال الصحفيين وملاحقتهم وفتح تحقيق في الحالات التي تعرض الصحفيون فيها إلى سوء المعاملة والملاحقة، وأوصت الهيئة المستقلة كذلك الحكومة المقالة بضرورة التوقف عن منع الصحفيين من التغطية، وإعطائهم الحرية الكاملة للعمل في نقل الأحداث التي تجري في قطاع غزة، بالإضافة إلى وقف جميع الإجراءات غير القانونية التي اتخذت بحق المؤسسات الإعلامية العاملة في قطاع غزة والسماح لهم بالعمل وفقاً لأحكام القانون.

ايضًا أوصت الهيئة الحكومة المقالة في قطاع غزة بضرورة السماح لوسائل الإعلام المحظورة بالعمل في قطاع غزة، والتوقف عن منع صحيفتي الحياة الجديدة والأيام من التوزيع في قطاع غزة، وكذلك ضرورة التوقف عن عرض الصحفيين على المحاكم العسكرية.