بعد سنوات من الإحتكام لأخذ القانون باليد
الفلسطينيون يتجهون إلى المحاكم

جنين: عاد الفلسطينيون في مدينتي جنين ونابلس في شمال الضفة الغربية للتوجه الى المحاكم بعد سنوات من الفوضى الامينة كانوا يتجهون خلالها الى المجموعات المسلحة لحل مشاكلهم. وجلس شفيق صوافطة ( 54 عاما ) امام محكمة جنين ينتظر صديقا له دخل المحكمة لمتابعة قضية مخالفة سير. وقال صوافطة quot; فوجئت بهذا العدد الهائل من المراجعين في المحكمة، وانا هنا انتظر صديقي منذ ساعتين quot;.

واضاف quot; شيء جميل جدا ان يتوافد الناس الى المحاكم لحل مشاكلهم بدل اللجوء الى اخذ القانون باليد مثلما كان يحصل في السابقquot;.

وقال رئيس محكمة نابلس رسلان عرفات quot;خلال السنوات السابقة كان الشارع هو الذي يحكم المدينة والمحكمة، وكان يتم استخدام السلاح لاي سبب من الاسباب، لكن اليوم المحاكم هي التي تحكم المدينة والشارعquot;.

وكان العمل في المحاكم الفلسطينية توقف منذ العام 2000 حين اندلعت الانتفاضة الثانية وما تبعها من اقتحام اسرائيلي للمدن الفلسطينية وتدمير لمقرات السلطة الفلسطينية.

وكانت مدينتا جنين ونابلس تعتبران حتى اواسط العام 2006 من المدن الفلسطينية التي انتشر فيها ما عرف بquot;الانفلات الامنيquot;، وكانت المجموعات المسلحة هي القاضي الذي يتوجه اليه السكان لحل مشاكلهم.

وداخل قاعة الانتظار في محكمة جنين، وقف محمد ابو الرب (48 عاما) مع قريبات له قدموا من قرية المسيلية التي تقع خارج حدود جنين، ينتظرون دورهم لدخول قاعة المحكمة للتوقيع على توكيل بغرض حصر الارث.

وقال ابو الرب quot;صحيح اننا هنا منذ ثلاث ساعات، لكننا سنحل قضيتنا في النهاية، هذا افضل من غياب المحاكمquot;.

ويستخدم كاتب العدل في المحكمة نظاما الكترونيا لتحديد دور المراجعين، مثل النظام المتبع في البنوك.

وقال رئيس محكمة جنين محمود جاموس لوكالة فرانس برس ان عدد القضايا الواردة الى المحكمة يزداد بشكل ملحوظ في المدينة، واضاف quot;هذا يدل على ان ثقة الناس بالقضاء في ارتفاعquot;.

ويؤكد ان سكان المدينة الذين يبلغ عددهم 46 الف نسمة يتجهون اليوم الى القضاء quot;بشكل هائل واكبر من اي وقت مضىquot;، وانه quot;لا يوجد اي تهديد للقضاء في المنطقةquot;.

وقال quot;لم اتعرض لاي ضغط او تهديد او اي تدخل من اي طرف، منذ ان بدأت عملي قبل سنتينquot;.

وحسب سجلات مجلس القضاء الاعلى الفلسطيني فان عدد القضايا التي وردت الى محكمة جنين خلال العام 2008 بلغت 6670 قضية للصلح والبداية والسير، وان المحكمة فصلت في 6281 منها.

وفي مدينة نابلس (135 الف نسمة)، القريبة من جنين والتي سادتها فوضى امنية خلال السنوات الماضية، قال القائمون على القضاء ان سكان المدينة والقرى المحيطة باتوا اكثر ثقة في المحاكم من اي وقت مضى.

وقال القاضي رسلان رئيس محكمة نابلس، إن اكبر العقبات التي تواجه عمل المحكمة تتمثل في الحواجز العسكرية الاسرائيلية المنتشرة على مداخل المدينة من مختلف الجهات quot;وهو الأمر الذي يعيق استحضار الشهود والمتهمين من القرى المحيطة بالمدينةquot;.

وحسب سجلات مجلس القضاء الاعلى، فان عدد القضايا التي وردت الى محكمة نابلس خلال العام 2008 بلغت 11885 قضية، تمكنت المحكمة من الفصل في 11733 منها، اي بنسبة اكثر من 98%.

ورغم التطور الملحوظ في اداء المحاكم الفلسطينية خلال السنوات القليلة الماضية، الا ان الاشكالية الكبرى التي تواجه القضاء الفلسطيني كما يقول مجلس القضاء الاعلى هي تراكم قضايا سابقة منذ بدء الانتفاضة الفلسطينية وتوقف عمل المحاكم.

وبلغ عدد القضايا المتراكمة او ما يصفه القضاة بquot;الاختناق القضائيquot; 58314 قضية، منها 2524 قضية بات عمرها الان اكثر من عشر سنوات.

ويعمل في الجهاز القضائي الفلسطيني 183 قاضيا في الضفة الغربية وقطاع غزة، الا ان رئيس مجلس القضاء الاعلى قال إن الجهاز القضائي بحاجة الى اشغال حوالى 400 وظيفة جديدة قضائية وادارية.

وتحظى البنية التحتية للقضاء الفلسطيني بدعم دولي، ويتركز الدعم على مباني المحاكم والتدريب.

وقال رئيس مجلس القضاء الاعلى الفلسطيني عيسى ابو شرار ان اداء المحاكم الفلسطينية في تطور مستمر، وان اقبال الناس، خاصة في هاتين المدينتين على المحاكم quot;انما هو دليل على ثقة الناس بالقضاءquot;.