عواصم: ارسلت ايران وحركة حماس وحزب الله اللبناني مسؤولين رفيعين الى السودان في اطار التعبير عن دعمها لموقف الحكومة السودانية، وتأييدا لموقف الرئيس عمر البشير من مذكرة التوقيف التي اصدرتها بحقه المحكمة الجنائية الدولية، والتي اثارت عاصفة سياسية على المستويات الداخلية والاقليمية والدولية.

وفي هذا السياق، ولليوم الثالث على التوالي، تستمر المظاهرات المؤيدة للبشير في شوارع العاصمة الخرطوم، منددة بقرار المحكمة، ومتعهدة بالدفاع عن الرئيس السوداني ضد ما وصفته الحكومة السودانية بانه quot;مؤامرة استعماريةquot; للاطاحة برئيس البلاد.

ويرى محللون ان التعبير الايراني السريع عن دعم وتأييد الحكومة السودانية، المترافق مع دعم الجماعات المسلحة الاخرى في الشرق الاوسط، يزيد من حجم المخاطر السياسية الناتجة من صدور المذكرة القضائية ضد البشير.

ويعتقد هؤلاء ان البشير قادر على تشكيل ائتلاف قوي مع الجناح المتطرف في المنطقة يكرس العداء للغرب.

وفي حال نجح في هذا المسعى فستقوى شوكته وقدرته على مقاومة الضغط الغربي، وقد يرى نفسه غير مضطر الى تقديم تنازلات للغرب، وقد يزيد من تصلبه الداخلي.

يذكر ان الخرطوم كانت ترتبط في التسعينيات بعلاقات قوية مع تنظيم القاعدة، وكانت السودان مقرا لزعيم التنظيم اسامة بن لادن لفترة من الزمن. كما ان للخرطوم علاقات وثيقة مع ايران وسورية والمنظمات الفلسطينية المسلحة مثل حركة حماس، التي تحكم قطاع غزة.

الا ان البشير اظهر في السابق نزعة براجماتية ورغبة في المساومة، اذ استجاب للضغوط الدولية وقدم تنازلات في اقليم دارفور، مثل السماح بتواجد قوة حفظ سلام من الاتحاد الافريقي. كما انه اتخذ خطوة اكبر في عام 2005 عندما وقع اتفاقا مع اكبر خصومه، حركة تحرير السودان، منهيا بذلك حربا اهلية استمرت زهاء عقدين.

وقد تعاون البشير مع الولايات المتحدة في جهودها لمكافحة الارهاب، ولكن بهدوء ومن دون ضجيج، على الرغم من وجود مقاطعة اميركية ضد نظام حكمه.

وينظر المراقبون الى ان ابواب مثل هذه المرونة قد تغلق في حال وجد البشير نفسه في تحالف قوي مع الجناح المتشدد في المنطقة.

وهذا ما قد يفتح بابا آخر امام احتمالات اندلاع العنف مجددا في دارفور، وتوتير العلاقة مع الجنوبيين، وهي علاقة ظلت الى حد ما بعيدة عن التقلبات الحالية، بل وربما انهيار الاتفاق معهم.

وكان على رأس الوفد الايراني الداعم رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني، الى جانب نائب زعيم حماس موسى ابو مرزوق، ومسؤول رفيع من حزب الله اللبناني، ورئيس مجلس الشعب السوري، وزعيم من منظمة الجهاد الاسلامي.

وقد صرح لاريجاني ان مذكرة التوقيف quot;اهانة موجهة للمسلمينquot; وان الولايات المتحدة ومؤيديها quot;اخطأوا في التفكير بأنهم يستطيعون الجلوس وتوجيه الاوامر للناس بكيفية السلوك كما يريدون، هذا الامر تغير، وعليهم ان يلعبوا على رقعة شطرنج مختلفةquot;.

اما ابو مرزوق فقد اتهم واشنطن باستخدام المنظمات الدولية لفرض ارادتها على الاخرين quot;لكن الكيل بمكيالين امر قد ولى، اما القادة الذين يجب ان يحاكموا ويدانوا فهم اولئك الذين قتلوا الاطفال والنساء في غزة، والعراق، وافغانستانquot;.

ويقول الخبير في الشأن السوداني والبروفيسور في جامعة ماساتشوسيس الاميركية اريك ريفز ان الخرطوم تسعى الى الحصول على اكبر دعم ممكن من اي طرف يقدم لها هذا الدعم.

وتنقل وكالة اسوشيتدبرس عن ريفز قوله ان quot;المؤكد ان هذا الدعم قادم من منظمات تراها واشنطن ومعظم العواصم الاوروبية على انها منظمات ارهابيةquot; في اشارة الى حماس وحزب الله اللبناني.

ويضيف ان لسان حال الخرطوم يقول: quot;نحن في السودان يمكننا ان نختار من هم اصدقاؤنا، واذا ضغطتم انتم في الغرب اكثر من اللازم، فلربما اخترنا اصدقاء متطرفينquot;.