إسرائيل: مؤسسات نظيفة يقودها فاسدون
يعلون من خنق القطط إلى عتبات وزارة الدفاع

خلف خلف من رام الله: شوارع جميلة، وبنايات فارهة، ومؤسسات نظيفة، يديرها قادة فاسدون ومرتشون، هذا هو حال إسرائيل مع بداية عام 2009، فرئيسها السابق موشي كتساف متهم بالاغتصاب، ورئيس الوزراء المنصرف إيهود أولمرت تحقق معه الشرطة في قضايا سرقة ونهب للمال العام، ووزير ماليته أبراهام هيرشزون خائن للأمانة العامة بحسب لائحة الاتهام، وقائد سلاح البحرية الإسرائيلية، اللواء ايلي ماروم، يلهو في نوادي التعري الليلة، وحكايات الليل قد لا يطويها النهار إذا ما وقعت بين يدي الصحافة، وحيال الصورة تنقسم الروايات والمواقف، فهناك من يرى في ذلك كله، ديمقراطية، وآخرون يتنبأون بقرب زوال الدولة العبرية، مرددين: quot; انما الامم الاخلاق ما بقيت ...فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا quot;، على أي حال، بين هذا الموقف وذاك، يشعر الكثير من الإسرائيليين بالخجل والاشمئزاز من فضائح ساستهم وزعاماتهم المتتالية.

حدية المشهد السابق القادم من قلب تل أبيب، ليس بأقل غرابة عما ستشهده الدولة العبرية عما قليل، إذ إن زعيم الليكود، بنيامين نتنياهو يوشك على تشكيل الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل. آخر التقارير والدلائل تفيد بأن افيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا، هو المرشح الأقوى لتولي حقيبة الخارجية، وليبرمان المعروف بمواقفه المتطرفة والمتشددة، والمتوقع اتهامه عما قريب بالفساد المالي والمواقف الفاشية، يبدو أنه لن يكون الشخص الوحيد المثير للجدل في الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بخاصة أن معظم التوقعات باتت تشير أيضا إلى أن رئيس الأركان السابق موشيه بوغي يعلون سيتولى حقيبة الدفاع.

يعلون ذو الخلفية العسكرية البحتة تاريخه مثير للغرابة منذ نعومة اظفاره، فقد اسماه جيرانه quot;بوغيquot; أي جسم الدبابة كونه اشتهر بملاحقة القطط والكلاب الصغار وتحطيم رؤوسها، مواقفه وتصريحاته المتشددة وسلوكه كذلك في المعارك التي شارك فيها يدلل على مدى عدوانيته وكرهه للفلسطينيين والعرب والمسلمين بشكل عام، الذين وصفهم في أكثر من مرة بالحيوانات، مؤكدًا أنه لن يتردد في قتل 1000 فلسطيني لإنقاذ حياة طفل يهودي واحد.

لقد تولى يعلون، منصب رئاسة الأركان للجيش الإسرائيلي بين تموز 2002 إلى حزيران 2005، وسجلت بينه وبين رئيس الوزراء السابق ارييل شارون عدة صدامات نتيجة تضارب الرؤى والمواقف، فرغم أنه يحظر على القادة العسكريين في إسرائيل التعبير عن آرائهم السياسية، التي يتوجب فقط تقديمها إلى الحكومة لتضعها في حسبانها حين اتخاذ القرارات، إلا أن يعلون صرح لوسائل الإعلام عام 2001 قبل تولي شارون سدة الحكم بشهرين أنه يتوجب احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة.

الانتقادات السياسية في إسرائيل ارتفعت ضد يعلون كذلك حينما اعترف ضمنيًا أن الجدار الفاصل الذي تقيمه بلاده في الأراضي الفلسطينية، ليس سوى عملٍ سياسيٍ لتحديد الخط الحدودي تحت غطاء الهيمنة الأمنية. مؤكدًا أن ما وصفه بالإرهاب يمكن منعه بطرق أكثر جدوى وأقل كلفة. quot;فالارهابquot; يمنعه quot;الشاباكquot; والجنود داخل ... (الضفة الغربية) وغزة، وفي داخل مدن الارهاب وحولها لا الجدارquot;، حسب قوله.

يعلون ابن الـ 59 عامًا، شعبيته عالية بين المستوطنين والجيش، فهو يكاد يعرف الجنود بوجههم، وحياته العسكرية حافلة بالمهام الخطرة، وفي كثير من الأحيان كانت رقبته قريية من المقصلة، فهو مثلاً قاد وشارك بالتخطيط وجمع المعلومات عام 1988 لعملية اغتيال الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية، خليل الوزير quot;أبو جهادquot;، حيث تخفى يعلون في فندق في تونس، وقام بمراقبة تحركات المسؤول الكبير في quot;م.ت.فquot;، وحينما حانت نقطة الصفر، أطلق النار من مسدس كاتم للصوت على ثلاثة من حرس أبو جهاد، ليمهد لفرقته إنجاز المهمة بسهولة.

في حال صحت التوقعات، وتولى يعلون حقيبة الدفاع في الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فإن ذلك سينعكس بالطبع على عدة ملفات، من بينها، طبيعة المواجهة مع الفلسطينيين، وكذلك الملف الإيراني، وطريقة التعامل مع حزب الله في لبنان، فرئيس الأركان الإسرائيلي السابق، موشي يعلون، معروف بمواقفه المتطرفة، وميوله إلى اللجوء لاستخدام العصا قبل الجزرة، ما يعني أن المرحلة المقبلة قد تشهد تصعيدًا. ايضا هناك مخاوف حقيقة، داخل جيش إسرائيل من تولي يعلون لهذا المنصب، إذ نقلت صحيفة معاريف أمس عن مجموعة من الضباط قولهم في محافل مغلقة إن يعلون لا يتميز بكفاءات سياسية، وعليه فان ملعبه المركزي سيكون الملعب العسكري.

ولهذا فهم يقدرون -بحسب الصحيفة الإسرائيلية- بأن طريقة العمل هذه ستأتي على حساب دور اشكنازي كرئيس للاركان. quot;وزير الدفاع يجب أن يكون سياسيًا، وذلك لانه يكافح في سبيل الميزانيات، وعليه فانه من أجل ان يبرز سيتوجه الى الملعب العسكري. وهنا قد يقع صدامquot;، يقول الضباط، quot;هناك تخوف، وهذا طبيعي أن يتصرف بوغي كوزير دفاع بطريقة غير مقبولة أو مثلما تصرف معه موفاز، وكان هو يعارض ذلك. في نهاية القضية دفع هو الثمن برأسه ونحيquot;.