رغم معارضة بغداد الشديدة وتقديمها تسهيلات لعودة اللاجئين
بدء عمليات توطين 10 آلاف عراقي في دول آوروبية

أسامة مهدي من لندن: اعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين اليوم عن بدء عمليات توطين 2500 عراقي في المانيا كجزء من مخطط اوروبي لتوطين 10 الاف عراقي لاجئ في سوريا والاردن في عدد من الدول الاوروبية وخاصة في المانيا وهولندا والسويد اضافة الى الولايات المتحدة التي ستستقبل 12 الفا منهم .

10الاف عراقي الى المانيا وهولندا والسويد

وقالت المفوضية إن ألمانيا تخطط لإعادة توطين 2500 عراقي حيث وصل الى المانيا اليوم اول زوجين عراقيين صحبة ابنهما المريض قادمين من الأردن . واضافت أن قرار ألمانيا باستقبال لاجئين عراقيين مقيمين حاليا في الأردن وسوريا هو جزء من قرار للاتحاد الأوروبي بقبول 10.000 لاجئ من بين أكثر الفئات ضعفا. واشارت الى انه بدءا من هذا الشهر قدم مكتب المفوضية في عمان إلى ألمانيا أسماء 330 شخصا لإعادة توطينهم ومن المقرر أن يرحل 70 منهم خلال ايام قليلة .

وقال عمران رضا ممثل المفوضية في عمان quot;إن الوتيرة التي يمضي بها برنامج إعادة التوطين تدل على عزم ألمانيا على مساعدة العراقيين الذين بحاجة إلى مساعدة خاصة وحمايةquot; . وأضاف quot;نأمل أن تتمكن حالات أخرى تستحق الاهتمام من إيجاد الرعاية والأمل في ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبيةquot; .

وسيتوجه 500 لاجئ عراقي في الأردن و2000 في سوريا إلى ألمانيا قريبا حيث من المتوقع أن تغادر أول رحلة من سوريا نهاية الأسبوع الحالي. ويوجد حاليا 53.000 لاجئ مسجلين في الأردن حيث أوصت المفوضية بإعادة توطين 17.000 منهم وتم بالفعل قبول 9000 في عدد من الدول الاوروبية .

لكن المفوضية أكدت أن العودة إلى العراق هي الحل الأمثل بالنسبة إلى اللاجئين العراقيين وعلى الرغم من أنها لا تروج لمثل هذه العودة في الوقت الحالي فهي تقدم المساعدات لكل حالة على حدة حيث ساعدت 320 شخصا على العودة من الأردن منذ ايلول (سبتمبر) الماضي.

توطين في مواجهة رفض العراق

وتأتي عمليات التوطين هذه في وقت يخوض العراق حربا من اجل وقف هذه الحملة واعادة ابنائه المهاجرين الى بلدهم رافضا بشدة دعوات حكومات غربية للمسيحيين العراقيين بشكل خاص بالهجرة الى الخارج وقال انها غير مقبولة وتؤثرفي علاقات هذه الحكومات مع العراق .

فقد تصاعدت حملة اوروبية مؤخرا لتشجيع هجرة العراقيين وتوطين الاف اللاجئين منهم في بلدانها . واعلنت منظمات انسانية في برلين ان دفعة اولى من 400 لاجئ عراقي وافقت برلين بالاتفاق مع الاتحاد الاوروبي على استضافتهم قد بدأت بالوصول فعلا . واوضح quot;غونتر بوكهاردتquot; من منظمة quot;برو ازيلquot; للدفاع عن المهاجرين ان هؤلاء اللاجئين يأتون من مخيمات للاجئين في سوريا والاردن وبينهم مسيحيون وآخرون من اقليات اخرى ويقيمون في مرحلة اولى في مركز ايواء تمهيدا لتوزيعهم على سائر انحاء البلاد.

ودعا وزير الداخلية الالماني quot;فولفغانغ سكوبلquot; دول الاتحاد الاوروبي الى استضافة اللاجئين العراقيين المسيحيين الا ان الاتحاد الاوروبي رفض هذا الاقتراح كونه لا يريد تفضيل مجموعة بعينها من اللاجئين على مجموعة اخرى. كما حث مسؤول سويدي كبير الدول الاوروبية على قبول مزيد من اللاجئين العراقيين وقال ان بلاده ستطرح هذه المسألة في جدول الأعمال عندما تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي في تموز (يوليو) المقبل . وقال quot;دان الياسونquot; رئيس هيئة الهجرة السويدية quot;اننا نشعر ببعض خيبة الأمل إزاء دول أوروبية أخرى لأنها لا تتحمل قدرا أكبر من المسؤولية.quot; وما زالت السويد الوجهة الاوروبية الرئيسة للاجئين العراقيين حيث استقبلت نحو 40 في المئة من 100 الف من طالبي حق اللجوء الذين دخلوا اوروبا في السنوات الست الأخيرة. وقال الياسون ان السويد استقبلت 40 الفا من طالبي حق اللجوء العراقيين و40 الف لاجئ عراقي آخرين انضم كثيرون منهم الى أُسرهم هناك منذ تصاعد العنف الطائفي في العراق في عام 2006 . وقال quot;هدفنا الرئيس يجب ان يكون المساعدة في عودة اللاجئين لكن العراق عليه عمل يجب ان يقوم به من حيث البنية الاساسية الاجتماعية والامن لضمان عودتهم بسلامquot; . وأضاف ان الأزمة quot;لم تنته بعدquot; .

وسمحت الولايات المتحدة بدخول 1200 لاجئ فقط في السنة المالية 2007 ولكنها منذ ذلك الوقت سمحت بدخول أكثر 12 الف لاجئ بعد انتقادات من اوروبا ومنظمات دولية تعني بشؤون اللاجئين. وقالت وكالة اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان حوالي 19500 عراقي في انحاء العالم قدموا طلبات لجوء في دول غنية في النصف الاول من العام الماضي وهو ما يقل بنسبة عشرة بالمئة عن الفترة نفسها في عام 2007 فيما قدم حوالي 60 في المئة منهم طلبات الى اربع دول فقط هي المانيا وهولندا وتركيا والسويد.

امتيازات حكومية عراقية لعودة لاجئيه

وازاء ذلك اكدت الحكومة العراقية رفضها لدعوة الحكومات الغربية الى المسيحيين العراقيين بالهجرة الى الخارج وقالت انها غير مقبولة وتؤثرفي علاقات هذه الحكومات مع العراق .

وقال أصغر الموسوي وكيل وزارة المهجرين والمهاجرين العراقية في تصريح صحافي ان العراق يقف ضد ذلك لأن الوضع الأمني المستقر في العراق لايستدعي مثل هذه الدعوات.

واشار الى أن تشجيع هجرة فئة أو طائفة معينة يؤثر في العلاقات الدولية كما إنه أمر مُنافٍ للقوانين المتعارف عليها بين دول العالم ويضر بالطائفة المنتقاة للهجرة أكثر مما ينفعها لافتا إلى ان الأحداث الأمنية السابقة طالت العراقيين دون استثناء ومن غير المعقول دعوة طائفة دون أخرى. واوضح أن مايقرب من 1300 أسرة مسيحية في مدينة الموصل الشمالية قد عادت إلى أماكن سكناها وأن 1100 أسرة مسيحية أخرى قد تم شمولها بالمنح المالية والباقي منها قيد الإنجاز إضافة إلى أن أكثر من 40 أسرة مسيحية في بغداد عادت إلى مساكنها بسبب استقرار الوضع الأمني .

ومن جهته كشف الناطق الإعلامي لوزارة المهجرين والمهاجرين كريم الساعدي عن وجود جهات تعرقل عملية العودة للاستفادة من العراقيين المتواجدين كورقة سياسية ضاغطة على العراق . واشار الى ان هناك سياسة تتبعها بعض المنظمات الدولية العاملة في الخارج تحاول الاستفادة من العراقيين المتواجدين هناك من خلال عرقلة عملية إعادتهم لأسباب تتعلق بالمنح المقدمة لهم. وأكد أن نسبة كبيرة من العراقيين المتواجدين في الخارج عادوا لكن معلومات قامت جهات بإيصالها لهم أدت إلى عزوفهم أو تأخير عودتهم .

ومن اجل مواجهة عملية لحملة التوطين الاوروبية هذه فقد اعلنت وزارة المهجرين والمهاجرين العراقية عن افتتاح أول مكتب لها في بغداد للمباشرة بتنفيذ برنامج الأمن والاستقرار الانساني الخاص بالمهجرين العاطلين العائدين على ان يتبعه افتتاح مكاتب في محافظات اخرى . وقال مدير مكتب العلاقات والاعلام في الوزارة كريم الساعدي إن هذا البرنامج تم بالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية موضحا انه يندرج ضمن المشاريع المدرة للدخل ومدته 18 شهرا وتبلغ كلفته الإجمالية خمسة ملايين دولار مقدمة من الحكومة الألمانية كمرحلة أولى مع وجود جهات راعية أخرى . وأشار إلى أن أعداد المستفيدين من هذا البرنامج بلغ أكثر من 1750 شخصا لحد الان من العاطلين العائدين حيث سيمنحون مساعدات توزعت إلى شقين الأول : التوظيف المباشر ويشمل منحة حددت من 2500 إلى 3000 دولار إلى العاطل منهم بالترافق مع تنظيم دورات تدريبية في المجالات الصناعية والزراعية وتوفير برامج لبناء القدرات الذاتية .. أما الثاني : فهو التوظيف غير المباشر ويشمل بناء قدرات المجتمع من خلال تقديم الخدمات الخاصة بالبلدية وتحسين وتبليط الطرق والشوارع أو من خلال المساعدة على فتح الاسواق وحسب الاحتياج إضافة إلى المساعدة من خلال المشاريع التطويرية التي تحتاجها المحافظات والتي يمكن تنفيذها من خلال برنامج الأمن الانساني حيث ستراقب الوزارة المشاريع المباشرة بينما ستراقب دائرة التخطيط والمتابعة المشاريع غير المباشرة .

كما اعلنت الوزارة عن امتيازات ومساعدات عديدة للعراقيين العائدين من الخارج تضمنت شمولهم بقطع اراض ومنحهم قروضا ميسرة والعمل على اعادتهم إلى وظائفهم السابقة إذا كان اللاجئ موظفا في إحدى وزارات ودوائر الدولة إضافة إلى تقديم المساعدات الغذائية وغيرها والتنسيق مع المنظمات الانسانية الدولية والمحلية لتقديم المساعدات المختلفة للعائد مع المساعدة أيضا في إعادة أملاكه إذا كانت مصادرة أو مغتصبة . كما يتم تحمل تكاليف وأجور نقل العائدين جوا او برا بالاضافة إلى مساعدات عينية عبر التنسيق مع المنظمات الدولية. واضافت انه سيتم تزويدهم بخطابات تأييد رسمية لغرض إعادة النازحين العائدين إلى وظائفهم وإلغاء فترة غيابهم إذا كانوا موظفين والمساعدة على إعادة أولادهم إلى المدارس والجامعات والتعويض عن الاضرار التي لحقت بأملاكهم .