الجزائر: بدأ الجزائريون يوم الخميس الادلاء بأصواتهم في انتخابات يحتاج الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة ان يفوز فيها بشكل مقنع ليظهر انه قادر على التواصل مجددا مع الناخبين الذين خابت آمالهم ويقضي على تمرد إسلامي كامن ومن المتوقع فوز بوتفليقة (72 عاما) الذي قاتل في حرب استقلال الجزائر عن فرنسا بفارق كبير على منافسيه لكن اذا غاب الناخبون عن صناديق الاقتراع فذلك قد يدعم المعارضة وعلى رأسها الاسلاميون الذين يقولون ان الانتخابات هي مجرد تمثيلية.
وكتبت صحيفة لسوار دالجيري الصادرة بالفرنسية في طبعتها يوم الخميس quot;الامتناع عن التصويت..العدو الاول والوحيد لعبد العزيز بوتفليقة.. قد يفسد كل الحسابات في الانتخابات.quot;
ومهد نواب البرلمان وغالبيتهم موالون لبوتفليقة الطريق امام اعادة انتخابه حين ألغوا اواخر العام الماضي قيودا دستورية على فترات الرئاسة. ويقول منتقدون ان هذا سيسمح لبوتفليقة برئاسة الجزائر مدى الحياة.
ولا يشكل منافسو بوتفليقة الخمسة أي تحد حقيقي ودعا عدد من شخصيات المعارضة غير المشاركة في الانتخابات أنصارهم الى الامتناع عن التصويت أو وضع بطاقات خالية في صناديق الاقتراع.
وبعد مرور أكثر من ساعة على فتح صناديق الاقتراع في العاصمة ذات المباني البيضاء الفرنسية الطابع المطلة على البحر المتوسط كان عدد قليل من الناخبين في طريقهم الى مراكز الاقتراع الرئيسية.
لكن مسؤولي الانتخابات توقعوا زيادة الاعداد مع مرور الوقت. وبث التلفزيون الجزائري لقطات لطوابير طويلة تصطف خارج مراكز الاقتراع في اماكن اخرى كما بث مناشدات مسجلة تحث الناخبين على الادلاء بأصواتهم.
وقال عبد الوهاب زياني العامل البالغ من العمر 42 عاما وهو يدلي بصوته في وسط العاصمة quot;أعطيت صوتي اليوم لبوتفليقة لاني أعتقد انه يحتاج لان يواصل برنامجه. نحتاج السلام والنمو الاقتصادي من أجل خلق الوظائف.quot;
ويقول مؤيدون ان بوتفليقة الذي يسعى للفوز بفترة رئاسة ثالثة يستحق ثقة الشعب لانه أعاد الاستقرار الى الجزائر المنتجة للنفط والغاز بعد حرب أهلية في التسعينات أودت بحياة 150 ألفا.
لكن فصائل من المتمردين الذين لهم صلة بتنظيم القاعدة يشنون هجمات من حين لاخر في اطار تمرد محدود يقول محللو الامن انه يلقى تعاطفا بين البعض من بين ملايين الشبان العاطلين الذين يشعرون ان حكومتهم خذلتهم.
ووسط مخاوف من ان يحاول متمردون شن هجوم وقت الانتخابات اقامت الشرطة حواجز اضافية عند الطرق المحيطة بالعاصمة لتعزز من اجراءات الامن المشددة بالفعل.
وأدلى بوتفليقة بصوته في مركز للتصويت بصحبة قريب له في حي البيار الراقي بالعاصمة الجزائر ثم غادر مبتسما دون ان يدلي بأي تصريحات للصحفيين.
ووعد بوتفليقة بإنفاق 150 مليار دولار على مشروعات التنمية وخلق ثلاثة ملايين فرصة عمل لانعاش الاقتصاد الجزائري الذي تشكل صادرات الطاقة 96 في المئة من حجمه لكن القطاعات الاخرى تعاني من الروتين وقلة الاستثمارات.
ويهتم العالم الخارجي بأن يكون لدى بوتفليقة القدرة على الاحتفاظ بشرعيته في أعين مواطني الجزائر وعددهم 34 مليون نسمة فبلاده عضو الاوبك تحتل المركز الخامس عشر في قائمة أكبر احتياطي نفطي في العالم كما تشكل صادراتها 20 في المئة من واردات الاتحاد الاوروبي من الغاز.
وتخشى الحكومات الاوروبية من ان يؤدي تجدد الصراع او انهيار الاقتصاد الجزائري الى تدفق اللاجئين على دول الاتحاد بينما تحتاج الولايات المتحدة الى دعم بوتفليقة في حربها العالمية ضد القاعدة.
ومن المقرر أن تغلق صناديق الاقتراع أبوابها الساعة الثامنة مساء الخميس (1900 بتوقيت جرينتش) لكن لن تعلن أي نتائج حتى يوم الجمعة حين تعلن وزارة الداخلية الفائز بالرئاسة.
نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية بالجزائر تقارب 10% في الساعتين الأولييين
من جهة ثانية بلغت نسبة التصويت في الانتخابات 9.36% في الساعتين الأوليين من بدء عملية الاقتراع، وقال وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني في مؤتمر صحافي، إنه فيما بلغت نسبة التصويت في الساعتين الأوليين 9.36%، بلغت نسبة المشاركة لدى الجالية الوطنية المقيمة في الخارج 31.25% في الفترة الزمنية نفسها.
وتوقع الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى أن تكون نسبة المشاركة quot;معتبرةquot;، فيما توقعت مديرية حملة الرئيس بوتفليقة أن تتجاوز النسبة 60%.

وقلّل رئيس اللجنة الجزائرية لترقية وحماية حقوق الإنسان التابعة لرئاسة الجمهورية فاروق قسنطيني، من أهمية اتهامات الجهات التي تقاطع الانتخابات الحكومة بالتحضير لتزويرها لصالح بوتفليقة، واصفا ذلك quot;بالكلام الفارغquot; ومشدّداً على أن التزوير quot;بعيد عنا كل البعدquot;.

من ناحيتها دعت رئيسة حزب العمّال اليسارية (التروتسكية) لويزة حنون المرشحة الى الانتخابات، الجزائريين إلى quot;المشاركة للتخلص من نظام الحزب الواحدquot; في إشارة إلى حزب جبهة التحرير الوطني، الذي يسيطر على السلطة منذ استقلال البلاد.
وانطلقت الانتخابات الرئاسية اليوم الخميس، وهي رابع انتخابات تعدّدية تشهدها الجزائر منذ عام 1995.
وقال بوتفليقة الواثق من فوزه بولاية ثالثة، إنه يريد فوزا ساحقا يمنحه الشرعية الشعبية التي تلزمه لمواجهة تحديات الداخل والخارج.

وينافس الرئيس الجزائري في هذه الانتخابات خمسة مرشحين أبرزهم مرشح إسلامي هو الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني جهيد يونسي، ورئيسة حزب العمّال اليسارية لويزة حنون، بالإضافة إلى رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي، ورئيس حزب quot;عهد 54quot; علي فوزي رباعين، والمرشح المستقل محمد السعيد بلعيد.

ويأتي الناخبون الذين تتراوح أعمارهم بين 31 عاما و40 عاما في صدارة الهيئة الناخبة بـ24%، بينما بلغت نسبة الناخبات من النساء 55% والرجال 45 %.
ولم يشفع هذا العدد المرتفع من الناخبات للمرأة المرشحة الوحيدة لهذه الانتخابات لويزة حنون، من الحصول على مركز قوي في انتخابات 2004 التي فاز بها بوتفليقة، إذ كانت حصلت على 1% من أصوات الناخبين.
وحصل بوتفليقة على دعم الأحزاب الرئيسية الثلاثة، وهي جبهة التحرير الوطني (محافظ) التجمّع الوطني الديمقراطي (تقدّمي) وحركة مجتمع السلم (إسلاميون).

ودعا بوتفليقة الجزائريين إلى التوجّه بقوة إلى صناديق الإقتراع للوقوف في وجه الداعين إلى المقاطعة quot;ولو بالتصويت ضدّي أو بوضع ورقة بيضاءquot;، فيما توقعت مديرية حملة بوتفليقة بأن تفوق نسبة المشاركة 60%، و40 % على الأكثر عند المرشح محمد تواتي، بينما تتوقع المعارضة المقاطعة نسبة 25 % فقط.

ووعدهم في حال فوزه بتوفير أكثر من 3 ملايين فرصة عمل جديدة والإستمرار في تنفيذ برنامجه الإقتصادي الطموح الذي خصّص له مبلغ 150 مليار دولار ما بين 2009 و2014.
كما أبدى انفتاحاً بشأن منح عفو شامل للجماعات المسلحة من خلال استفتاء شعبي شرط إلقاء السلاح.

وفي وقت أكد فيه وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني أن quot;كل الضمانات متوفرة من أجل إجراء هذه الانتخابات بشفافية ونزاهةquot;، اتّهمت المرشحة لويزة حنون، قيادات لم تسمها تنتمي إلى جبهة التحرير الوطني وحزب الغالبية البرلمانية، الذي يرأسه وزير الدولة عبد العزيز بلخادم المساند بقوة لبوتفليقة، بالاستعداد لتزوير الانتخابات بالرغم من أن الحكومة أعلنت بأنها ستسلم محاضر الفرز الخاصة بكل بمكتب اقتراع الى ممثلي المرشحين الستة.
وقالت حنون ''صحيح أن هناك جوّاً عاماً من الامتناع، لكننا سجّلنا عزم شرائح واسعة من المجتمع على إحداث التغيير'،' متسائلة عن الجدوى من الدعوة إلى إعادة انتخاب بوتفليقة في وقت ''يطالب المواطن بالقطيعة مع نظام الحزب الواحد، الذي برهن مرة أخرى عن نجاحه في ممارسة التجاوزات''.

ودعا المقاطعون الذين يتقدّمهم quot;التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطيةquot; بقيادة سعيد سعدي وجبهة القوى الاشتراكية بقيادة حسين آيت أحمد، الجزائريين إلى البقاء في بيوتهم، في وقت أجمعت فيه غالبية الأحزاب والنقابات والمنظمات الأهلية على ضرورة المشاركة لإحداث تغيير أو إصلاح باعتبار أن الجزائر حديثة عهد بالتعددية والإنفتاح.