تيارات دينية تستنفر قواها لمحاربة وصولها
الكويت أمام مفترق تاريخي مع تزايد حظوظ المرأة لدخول البرلمان
فاخر السلطان من الكويت:
تبدو الكويت أمام مفترق تاريخي قبل ساعات من انتخابات مجلس الأمة المقررة أن تبدأ في الساعة الثامنة من صباح اليوم (بالتوقيت المحلي) حيث من المتوقع أن تتبوأ المرأة مقعدا أو أكثر في البرلمان، إذ تتحدث التقارير والتوقعات على الأرض أن حظوظ دخول أكثر من اسم امرأة تتصاعد بقوة، خاصة حظوظ الدكتورة والوزيرة السابقة معصومة المبارك في الدائرة الأولى وحظوظ دكتورة الفلسفة في جامعة الكويت وعضو التحالف الديموقراطي أسيل العوضي في الدائرة الثالثة. وهذا الأمر دفع ببعض التيارات الدينية إلى استنفار كوادرها لمحاربة وصول المرأة إلى البرلمان، حيث تحدثت الأنباء حسبما جاء في صحفية الجريدة ومواقع إلكترونية إخبارية أن شخصيات سياسية وقيادية في تنظيمات إسلامية إضافة إلى بعض الدعاة بدؤوا خلال الساعات الأخيرة معركة ضد المرشحة العوضي بهدف التأثير في وضعها الانتخابي وإضعاف حظوظها في الفوز بمقعد نيابي.
وجاء في تفاصيل الخبر أن تلك التنظيمات رسمت مخططات تلك المعركة خلال اجتماعات لشخصيات سياسية ودعوية عُقِدت على مدار الأيام الثلاثة الماضية لتوجيه كوادرها إلى القيام بحملة ضد العوضي لإسقاطها. وتمثلت أسلحة تلك الحملة في عدة أساليب منها الاتصال المباشر بناخبي وناخبات الدائرة الثالثة والتشكيك في إسلام العوضي وموقفها من دينها لأنها غير محجبة، واستخدام الرسائل الهاتفية القصيرة كأداة لنشر هذه الحملة والإشاعات المغرضة المرافقة لها. كذلك عمدت هذه التنظيمات والشخصيات إلى استعمال بعض المدونات، وجيرت كتاباتها في الصحف والمجلات لإضعاف موقف العوضي الانتخابي، في محاولة لإقناع مؤيدي العوضي بأنها quot;ناجحة... ناجحة... فلماذا لا توجهون أصواتكم إلى مرشحين آخرينquot;. ولم تتردد في استخدام بعض الدروس الدينية لشن هذه الحملة ونشرها بين النساء خاصةً ومحاولة التأثير فيهن. وقامت بعض quot;الداعياتquot; من الناشطات في التنظيمات الدينية بهذه المهمة.

ويقول مراقبون في الكويت إن ارتفاع حظوظ المرأة في الفوز بمقعد نيابي سيمثل أهم حدث يشهده المجلس المقبل، كما سيجعل من فوزها بوصفها الأدق تمثيلا لمكونات المجتمع الكويتي من عمر التجربة الديموقراطية.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور غانم النجار أن انتخابات الغد هي انتخابات مفصلية وأهم مفاصلها هو وصول المرأة لأن بقية التفاصيل هي تفاصيل عادية، حيث ستأتي وجوه جديدة وتغيب وجوه، وتنحسر مجموعة سياسية وتعزز مجموعة سياسية أخرى مواقعها. أما بخصوص المرأة فالمسألة أكبر من مجرد انتخابات، فكيف كنا وكيف أصبحنا؟ وغداً عندما تصل المرأة إلى البرلمان سيصبح وجودها ضرورة، ليس لحسن أدائها وكفاءتها فحسب، ولكن أيضا لإنهاء حقبة من التمييز آن لها أن تنتهي وتطوى.

وكان وزير الإعلام ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير العدل بالإنابة الشيخ صباح الخالد أكد أن دخول المرأة البرلمان هو مسألة وقت، مشيراً إلى أن المجتمع يحتاج وقتا ليتأقلم مع تعديل قانون الانتخاب مرتين، المرة الأولى بإعطاء المرأة حقها في الانتخاب والتصويت، والمرة الثانية عبر تعديل الدوائر الانتخابية إلى خمس دوائر.

من جانبها أكدت مرشحة الدائرة الرابعة ذكرى الرشيدي أن حظوظ المرأة في الانتخابات أقوى من حظوظها في الانتخابات السابقة quot;نتيجة الوعي الثقافي ورغبة الناخب في محاولة جادة لإيصال المرأة لقبة البرلمان. وقالت خلال ندوة quot;هل نملك التغيير؟quot; في كلية الطب بجامعة الكويت إن حضور النساء هو احد صور الممارسات الديموقراطية التي انتظرناها طوال 45 سنة سابقة، موضحة أن وجود امرأة في المجلس يصنع القرار، وحتى يكون للنساء صوت معبر لهن، مؤكدة أن هناك إقبالا من الدائرة الرائعة على مناصرة المرأة في الانتخابات، كما نحتاج إلى التنقل والعبور لتغيير الثقافة الحالية من خلال تغيير السلوك واحترام القوانين.

ووجهت مرشحة الدائرة الثالثة الدكتورة رولا دشتي رسالة للناخبين والناخبات في جميع الدوائر، قالت فيها: quot;بكل الحب والولاء أتوجه إليكم يا أهل ديرتي الطيبين، ونحن قاب قوسين أو أدنى من اليوم الموعود الذي يحمل في طياته الاستقرار والأمل والرجاء بغد مشرق لنا ولأبنائنا من بعدناquot;. وأضافت quot;لن ندع الإحباط يثبط عزيمتنا وينهانا عن القيام بواجبنا تجاه الكويت، نحن من اثبت للعالم بأسره أن الكويت تجري مجرى الدماء في عروقنا، وان في كل مرة تدعونا إليها تجدنا طائعين في تلبية النداء، نداء الوطن، راصين صفوفنا، متعالين على الخلافات، متسامين على الاحقادquot;. مؤكدة إننا لم نخذل الكويت في زمن المحن، بل أعطينا دروسا في الوحدة الوطنية إلى باقي الشعوب، علمنا الجميع كيف يكون التكاتف والتآزر وتوحيد الكلمة، قدمنا نموذجا في التضحية والإيثار. وتابعت quot;إننا لم نخذل الكويت بالأمس، ولن نخذلها اليوم، لن ندع الحلم يراودنا بل سنعمل على تحقيقه، بدءا بصناديق الاقتراع لأنها سترسم لنا خريطة المرحلة المقبلة التي نتوق لأن تصبح واقعا معاشا. كلنا متفقون على ضرورة التغيير الايجابي وإتباع نهج جديد مبني على ثقافة الحلول والحوار البناء حتى مع اختلاف وجهات النظر في الرؤى والتطلعاتquot;.

وأشارت دشتي إلى أن ما يجمعنا اكبر بكثير مما يفرقنا، تجمعنا الكويت وتفرقنا الهرطقات والمصالح، تجمعنا هذه الأرض الطيبة وتشتتنا الخبائث والدسائس، متسائلة: إلى متى سنحمل الشعارات ولا نعمل على تنفيذها؟ إلى متى سنستمر في الهروب والتقوقع في محيط الطائفة والقبلية والعائلة؟ ألم يكفنا أن الكويت تتسع للجميع؟ لماذا لا نسعى إلى إيجاد الحلول المناسبة وتوحيد جهودنا للنهوض من كبوتنا والالتفات إلى القضايا التي تهم أهلنا وشبابنا - وما أكثرها - بدءا من معالجة قضايا تتعلق بالعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، وتعزيز الطبقة الوسطى وواجبات والتزامات المواطنين، ودور الدولة في الاقتصاد والحفاظ على النسيج الاجتماعي والهوية الكويتية، وحق المواطن بالحصول على الرعاية الصحية والخدمات التعليمية المتميزة، وتحفيز وتشجيع الشباب بالانخراط في العمل الحر، وتعزيز مشاركة المرأة على جميع الأصعدة، بما فيها مراكز صنع واتخاذ القرار وضمان حقوقها الدستورية؟ وتابعتquot; ألا يستحق الكويتيون والكويتيات أن يشعروا بأمان واطمئنان واستقرار؟ ألا يستحق أبناؤنا أن ينعموا بمستقبل واعد بالخير والعيش الكريم؟.

وأكدت دشتي أن الوقت قد حان وازف، ولم يعد أمامنا سوى أن نمد جسور التواصل ونفتح أقنية الحوار البنّاء والهادف، إذا كان المطلوب وطناً للجميع، ذلك لانّ لا سطوة لأحد في إلغاء الآخر، ولا مونة لأحد على آخر إلا بما يخدم الوطن، كلّنا نساء ورجالا، كباراً وشباباً سواسية في الحقوق والواجبات في ظلّ دستور يحمي الجميع. وأضافت نحن شركاء في هذا الوطن، على السرّاء والضرّاء، ولا يجوز لنا أن نتخلّى عن مسؤوليتنا في فرض التغيير الايجابي المطلوب، فمسؤوليتنا النهوض بالكويت وحماية وحدتنا الوطنية.

وقالت دشتي quot;إنّ ساعات قليلة تفصلنا عن تحديد المصير، المصير الذي سنقرّره نحن بالإرادة والعزم والتمسك بالقيم الأصلية التي نشأنا عليها. فلا التخاذل جائز، ولا التقاعس مقبول، ولا العزوف عن التصويت خيارنا، ولا التآمر مرغوب ولا الغدر من شيمناquot;. مؤكدة أن علينا الوقوف وقفة ضمير ونتقي الله في وطننا وأهلنا، علينا استعادة الماضي في أذهاننا لأخذ العبر، ولكي لا نكرّر الأخطاء نفسها ونصبح على ما فعلنا نادمين. الوقت قد حان، وصوتك وحده سيحدث الفرق. صوتك أمانة فأدّ الأمانة إلى من ترى فيه الكفاءة، والمودّة والحكمة والخبرة والنموذج الصالح والسيرة العطرة والعمل الوطني وفوق كلّ ذلك ما سيقدّمه من حلول لتنمية مقدرات الوطن لتنعم بحياة مستقرّة بما يحفظ كرامتك ويصون عزتك، ويفتح آفاق المستقبل الواعد لأبنائك بما ترتضيه على مرّ الأيام، ويرفع اسم الكويت ويعلي من شأنها بين دول العالم.