بعد إصدار حكم بإسقاط الجنسية عن المتزوجين من إسرائيليات
المصريون في إسرائيل يهددون بمقاضاة كبار مسؤولي الدولة
إيلاف:
جاء القرار الذي أصدرته الأسبوع الماضي محكمة القضاء الإداري بالقاهرة والتي ألزمت من خلاله الحكومة بإسقاط الجنسية عن المصريين الذين تزوجوا من إسرائيليات ليثير موجات متعالية من اللغط والقيل والقال في الأوساط السياسية والدينية وكذلك الاجتماعية بمصر، ويكفي أن القضية تفاعلت بسرعة البرق من الناحية الدينية، ليعلن فضيلة شيخ الأزهر المصري الشيخ محمد سيد طنطاوي تأييده للقرار، واصفًا إياه بالحكم الشرعي. لكن، ونظرًا لكون القضية تمس الطرف الإسرائيلي أيضًا، كان التفاعل بارزًا في الوقت ذاته من جانب وسائل الإعلام الإسرائيلية التي حرصت على تسليط الضوء على تفاصيل القرار وحقيقة تداعياته على المصريين المتزوجين من إسرائيليات. وفي معرض تحقيقها الموسع التي أجرته بهذا الصدد ونُشر اليوم، أجرت صحيفة جيروزاليم بوست حوارًا ساخنًا مع شكري شاذلي، رئيس الجالية المصرية في إسرائيل، والذي يقيم هناك على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية. وفي بداية حديثه مع الصحيفة، أكد شاذلي على أنه لن يُجرد من جنسيته المصرية دون خوض معركة يستبسل فيها دفاعًا عن حقه في الاحتفاظ بجنسيته الأم.
وفي مستهل التقرير، قالت الصحيفة إن شاذلي، المتزوج من سيدة من عرب إسرائيل ولديه أربع بنات، قد شعر بالإحباط وليس بالمفاجأة من هذا القرار الذي أصدرته المحكمة بإسقاط الجنسية المصرية عن من يتزوجون من إسرائيليات وكذلك إسقاطها عن أبنائهم. وفي حديثه مع الصحيفة، قال شاذلي:quot;لم يقم القاضي بدراسة الموضوع بالصورة الصحيحة. وهذا هو سبب شعوري بالحرج والأسف. ولا يعكس هذا كله إلا جهل وتخلف... ومصر تبدو كذلك. كما أن السطحية تبدو واضحة من القرار الذي أصدرته المحكمة ... فهم يتناسون حقوق الإنسان دائمًا، ويتناسون أيضًا كل ما يتعلق بالحرية... ودائماً ما يفعلون كل شيء بحسب أهوائهم ومشاعرهم الشخصية. لكن ينبغي أن تكون القوانين هي عامل الحسم، وليست حالاتنا المزاجية، أو آرائناquot;.
في الوقت ذاته، أشارت الصحيفة إلى أن الابنة الكبرى لشاذلي فقط هي من تحمل الجنسية المصرية، أما بناته الثلاث الأخريات فيحلمن الجنسية الإسرائيلية. وقالت إنه في الوقت الذي يفضل فيه شاذلي حصول بناته على الجنسية الإسرائيلية فقط، إلا أنه أعرب عن اعتقاده بعدم امتلاك أحد الحق في تجريده أو أي شخص آخر من جنسيتهم المصرية. وتابع قائلاً: quot;لا أكترث بجواز السفر، لكننا مصريون. فإن تكون مصريًا هو شيء يوجد بداخلناquot;. كما قدَّر شاذلي أنه مجرد حالة من بين أعداد تتراوح ما بين ستة إلى سبعة آلاف مواطن مصري متزوجين من إسرائيليات ويعيشون في البلاد بصورة قانونية.

وأشار كذلك إلى أن هناك عددًا آخر يتراوح ما بين أربعة إلى خمسة آلاف مصري- ما بين المتزوجين أو غير المتزوجين ndash; يعيشون كذلك في البلاد بصورة غير قانونية. فيما عاودت الصحيفة لتؤكد على أنه وفي الوقت الذي لا تزال فيه الرؤية مبهمة بشأن إمكانية تطبيق هذا الحكم القضائي أو آلية حدوث ذلك، غير أنه قد تسبب في انتشار حالة من الصدمة بين أفراد المجتمع المصري الضيق المتماسك في إسرائيل، المؤلف من مسلمين ومسيحيين. وفي الإطار ذاته، نقت الصحيفة عن مواطن مصري آخر يدعى راجي جورج فرج الله وهو يعيش في الناصرة بصحبة زوجته التي تنتمي إلى عرب إسرائيل، حيث قال :quot; ليس لدينا أي جنسيات أخرى، وكل ما نمتلكه هو جنسية واحدة فقط. ولا يوجد قانون مصري يتيح لك أن تُجرد أحد من جنسيته. وإذا كانوا يرغبون في تجريدنا من جنسيتنا، لذا فسيكون من الواجب عليهم أن يُغلقوا السفارة الإسرائيلية في القاهرة. فنحن الآن في حالة سلام ولم نرتكب أي شيء خطأ quot;.
كما كشف شاذلي في سياق حديثه عن أنهم يحاولون خلال هذه الأثناء الإعداد لتنظيم مظاهرة يوم الأربعاء المقبل أمام السفارة المصرية في تل أبيب. وقال إن تلك التظاهرة ستكون بمثابة التحذير لحكومتهم بأنهم لن يرضخوا لمثل هذا الحكم القضائي. وإذا ما تبين أن الحكم قد يُنفذ على أرض الواقع، قال شاذلي: quot;نخطط لرفع دعوى قضائية دولية ضد كبار المسؤولين المصريينquot;. ومن الجدير بالذكر أن المحامي نبيه الوحش قد قدم إلتماسًا للمحكمة بغرض تفعيل احدي مواد قانون الجنسية الذي تم وضعه عام 1967 قبل توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وهي المادة الخاصة بإسقاط الجنسية عن المصريين الذي يتزوجون من إسرائيليات سبق لهن الخدمة في الجيش الإسرائيلي أو يعتنقن الصهيونية كإيديولوجية. كما اعتبر الوحش في تصريحات صحافية تعقيبًا على قرار المحكمة، أنه انتصارًا للوطنية المصرية. وفي هذه الأثناء، أكد ناطق باسم وزارة الخارجية المصرية للصحيفة بأنه لا يعلق مطلقًا على القضايا المعروضة أمام القضاء.
ثم انتقلت الصحيفة لتروى حكاية مواطن مصري آخر يدعي رفيق رافائيل، الذي حلم بأن ينعم بنوع مختلف من الحياة في إسرائيل، لم يجده في مصر. لكن الصحيفة قالت إنه وبعد زيارته الأولى لإسرائيل، تزوج من سيدة تنتمي لعرب إسرائيل، وبعدها بثلاثة أشهر، عاود إلى مصر لتجديد جواز السفر الخاص به لكنه أُخبر بأنه لن يتمكن من مغادرة البلاد لأسباب لم تحدد. وعندما حاول أن يسافر جوًا، اعترضته السلطات الأمنية في المطار. ما كان سببًا في لحاق زوجته به للعيش في القاهرة بعد مرور عام كامل، ثم اضطر بعدها للبقاء هناك لمدة ثمانية أعوام. ثم تحدث رافائيل عن معاناته الكبيرة في إيجاد وظيفة يعمل بها في مصر، بعد أن رفضته جميع الفنادق التي تقدم بطلبات التحاق بها، بعد أن اعتبره بعضهم quot;خائنًاquot; بسبب أمانته عند ملء استمارات التقدم لطلب وظيفة بإشارته لسابق عيشه بإسرائيل وتزوجه أيضًا من إسرائيلية. وكل ما يخشاه رافائيل الآن هو أن يبقي في إسرائيل من دون جنسية إذا ما تم تنفيذ قرار المحكمة. وأشار إلى أن حلمه الآن هو أن يحصل على الجنسية الإسرائيلية، لكنه غير متأكد من إمكانية قيام الحكومة الإسرائيلية بمنحها إياه.
ثم انتقلت الصحيفة لتلقي الضوء على قصة مواطن آخر يدعى مجدي نظمي وهو من منطقة حيفا، حيث كان يعيش في مصر بصحبة زوجته التي تنتمي لعرب إسرائيل، حتى تلقت فجأةً أوامر بمغادرة البلاد ، مع غيرها من المواطنين الذين ينتموا لعرب إسرائيل، منذ عشرة أعوام. وأشار مجدي إلى أن زوجته كانت حاملاً في خلال هذه الأثناء، وقد فقدت جنينها نتيجة لهذا الأمر. وحول رأيه في قرار المحكمة بإسقاط الجنسية المصرية عنه، قال مجدي متأثرًا: quot;إذا سحبوا مني جنسيتي، فإني سأتوجه إلى السفارة المصرية، وسوف أضرب عن الطعام حتى أموت. فليس لدى أطفال. لذا لن أخاف على شيء quot;.

قسم الترجمة - إعداد أشرف أبو جلالة