انصار موسوي يتفوقون عددًا على مؤيدي نجاد
الغضب على الانتخابات والنقمة على النظام يتكفلان باستمرار الاحتجاجات
إيلاف:
ليس في الافق ما ينم عن انحسار الاحتجاجات التي عمت إيران منذ الانتخابات الرئاسية وإعلان نتائجها الأسبوع الماضي.وكانت أعمال عنف قد وقعت عندما انطلقت مسيرة ضخمة تأييدًا لقائد المعارضة الأبرز مير حسين موسوي وقُتل سبعة اشخاص على الأقل يوم الاثنين الماضي. أعقب تلك المسيرة مزيد من الاجتماعات الحاشدة والتظاهرات في العاصمة طهران ومدن أخرى.ومنذ تلك الأيام أخذ انصار موسوي والرئيس محمود احمدي نجاد يستعرضون قواهم بالنزول الى الشارع كل طرف يرد على تظاهر الآخر بتظاهرة لكن التظاهرات بقيت سلمية حتى الآن. وتحدث شهود عن خروج انصار موسوي في مسيرات تكاد تكون صامتة.
يبدو ان انصار موسوي يتفوقون عددًا على مؤيدي احمدي نجاد، على الأقل في طهران، ويقول مراقبون ان كثيرين من المشاركين في التظاهرات المؤيدة للرئيس الايراني كانوا يُستقدمون من الريف الى المدينة بالحافلات. ويذهب شهود إلى أن تظاهرات المعارضة واجتماعاتها الحاشدة في العاصمة لم تفقد زخمها وربما كانت تزداد عنفوانًا وقوة. وتحدثت الأنباء عن تنظيم احتجاجات في مدن أخرى بينها تبريز ومشهد ورشت. وتردد ان أعيرة مطاطية استُخدمت ضد حشود من الطلاب في جامعات طهران واصفهان وشيراز.
في غضون ذلك فُرضت قيود على الصحافيين المحليين والأجانب ونادرًا ما يأتي التلفزيون الحكومي على ذكر ما يجري في شوارع ايران. وذكرت تقارير ان اثنين من الصحافيين المحليين المعروفين اعتقلا يوم الأربعاء. ولكن الايرانيين الشباب والحاذقين في استخدام التقنيات الحديثة وجدوا وسائل اخرى لتصوير الأحداث التي تهز بلدهم. ويشهد موقع quot;تويترquot; Twitter للمدونات الصغرى اقبالا شديدا من جانب المحتجين ، حتى ان وزارة الخارجية الاميركية دعت الموقع الى تأجيل ما كان يخطط له من تحديث يترتب عليه قطع الخدمة على الايرانيين الذين يستخدمونه للتواصل.
يبدو ان السلطات هالها حجم الاحتجاجات وقوتها فأعلن مجلس صيانة الدستور ، وهو هيئة غير منتخبَة لكنها قوية من رجال الدين يُفترض ان تتولى الاشراف على الاقتراع ، انه سيعيد فرز الأصوات في المناطق التي طُعن فيها بنتيجة الانتخابات. وبدا هذا الاعلان مناورة لكسب الوقت ، ويقول موسوي وانصاره ان اعادة الفرز لا تكفي وانهم يريدون اعادة الانتخابات بأكملها. ولكن المجلس استبعد ذلك حتى الآن.
يُفترض بآية الله علي خامنئي المرشد الأعلى ورئيس مجلس صيانة الدستور ، أن يبقى بعيدًا عن عالم السياسة اليومية القذر. ولكن مع تطور الأحداث وغياب احمدي نجاد في روسيا اصبح خامنئي طرفًا على الرغم من ذلك واجتمع مع ممثلي المرشحين الأربعة الذي سُمح لهم بخوض الانتخابات وجدد دعوته الى الهدوء وكرر عرضه بإعادة فرز محدودة للأصوات.
دور المرشد الأعلى علي خامنئي في القضية كله يبقى غير واضح. ويفترض خبراء عدة انه القوة الرئيسية وراء التزوير المفترض لنتيجة الاقتراع.
لآية الله علي خامنئي والسيد موسوي تاريخ متوتر فيما تعاون المرشد الأعلى تعاونًا وثيقًا مع السيد احمدي نجاد. ولكنه بتدخله يجازف بتحوله الى هدف للاحتجاجات ولا بد في هذه الحالة من وضع شرعية النظام موضع تساؤل بالاضافة الى التشكيك في صدق نتائج الانتخابات. ويبدو ان التظاهرات تخطت الآن دائرة الليبراليين الموسورين في شمال طهران الذين كثيرا ما يُتهمون بكونهم المعارضة الوحيدة للنظام. ولعل من الأصعب الآن الدفاع عن الرأي القائل ان الجمهورية الاسلامية تمثل الأمة الايرانية كلها.
يدور الصراع في الساحة السياسية الايرانية بين اجنحة متنافسة داخل نظام الحكم نفسه حيث يمثل احمدي نجاد الجناح المحافظ مدعومًا من خامنئي فيما يمثل موسوي مجموعة أكثر برغماتية ويحظى بتأييد اصلاحيين يعتقدون ان لديه فرصة طيبة لخلع احمدي نجاد. ولكن موسوي من أصلب ابناء الثورة ، ملتزم بالمثل الأعلى للجمهورية الاسلامية. وما يدعو اليه نسخة منها أكثر ديمقراطية وأعلى كفاءة واشد برغماتية.
الأطراف الخارجية تتخذ مواقف حذرة. فالرئيس الاميركي باراك اوباما قال انه ينظر بقلق الى اعمال العنف في ايران ولكنه حذر من التدخل في السياسة الداخلية. ويبدو انه تعلم دروس 1999 عندما تسبب الدعم الاميركي للطلاب في اضعاف موقفهم. كما اعترف اوباما بأن الفوارق بين احمدي نجاد وموسوي قد تكون اقل مما يتمنى البعض.
ما سيأتي لاحقًا يبقى غامضًا. ولدى مجلس صيانة الدستور عشرة ايام قبل ان يعلن المصادقة على نتائج الانتخابات أو عدمها. ومن الصعب تصوّر امتثال السلطات لمطالب المعارضة باعادة الانتخابات.
المسؤولية تقع بصورة متزايدة على كاهل السيد خامنئي. فهو يواجه تحالفًا معارضًا يضم الرئيس السابق والشخصية القوية في السياسة الايرانية اكبر هاشمي رفسنجاني ، الذي يدعم موسوي. ويتكهن البعض بأن رفسنجاني ربما كان يطمح في تولي موقع خامنئي. ويرأس رفسنجاني المجلس الذي لديه نظريًا سلطة اقالة خامنئي من منصبه. واستمر خامنئي حتى الآن في التعبير عن تأييده للرئيس احمدي نجاد وسيتعين عليه ان يقرر ما إذا كانت رئاسة احمدي نجاد تستحق ثمن الغضب المتصاعد وسفك الدماء. وكلما ارجأ القرار زاد القرار صعوبة.
قسم الترجمة - إعداد عبد الإله مجيد