دبي:شهدت المدن الكبرى الإيرانية مظاهرات عارمة اعتراضا على نتائج الانتخابات الرئاسية بالبلاد، في الوقت الذي أعرب فيه كثير من الدول الغربية عن تحفظه على هذه النتائج، إلا أنه لوحظ أن الحكومة الإيرانية قد تجنبت الهجوم على الولايات المتحدة الأميركية وصبت جام غضبها على حليفتها بريطانيا، مما دعا إلى عدد من التأويلات. فرغم انتقادات مسؤولين إيرانيين لفرنسا وألمانيا، إلا ان مرشد الجمهورية الإسلامية خص بريطانيا دون غيرها بأنها quot;الشيطان الأصغر.quot;

ويرى الكاتب والمحلل السياسي روبن أوكلي، أن هذه الأحجية ليست غامضة بالصورة المتخيلة، فالانتخابات التي فاز فيها الرئيس الإيراني المحافظ، محمود أحمدي نجاد لولاية ثانية ضد منافسه الإصلاحي مير حسين موسوي، ليست خاتمة المطاف في العلاقة بين النظام الإيراني والولايات المتحدة. فمن ناحية اكتفى الرئيس الأميركي، باراك أوباما بالتعبير عن قلقه العميق لما يجري على الساحة الإيرانية. وتعرض إثر ذلك لانتقادات شديدة من النواب الجمهوريين، مثل خصمه السابق في الانتخابات الرئاسية، جون ماكين، الذي اعتبر أن لهجته كانت أخف مما ينبغي.

وبالنسبة لأوكلي، فالأمر لا يدعو للاستغراب، فسياسة اليد الممدودة التي تبناها أوباما، ومطالبته باستئناف الحوار مع السلطات الإيرانية حول برنامجهم النووي، هي سياسة مدروسة، لأنه بالنسبة له من الأفضل ألا يعرض مسيرة هذه الحوارات إلى أي نوع من الخطر، رغم كل الانتقادات. ومن جهة أخرى رأى أوكلي، أن سياسة أوباما قد أحرجت سادة طهران الذين لم ينفكوا عن إرهاب خصومهم بأميركا التي يعتبرونها quot;الشيطان الأكبر،quot; وبالتالي وعبر هذه السياسة يظهر أوباما أن هذه الصورة التي يرسمها النظام الإيراني لبلاده هي غير دقيقة على أقل تقدير.

وأوضح أوكلي أن أوباما بهذه الطريقة عالج المسألة بذكاء كبير، لأنه تجنب إظهار نفسه على أنه يتدخل بالشؤون الإيرانية، ومن ناحية أخرى هز مصداقية الزعم الذي يتبناه بعض القادة الإيرانيين حول كون أن أميركا هي quot;شيطان أكبرquot; وخطر داهم على الإيرانيين.

وبالمقابل رأى أوكلي أن القيادة الإيرانية بعد خطوة أوباما الذكية، لم تتمكن من مهاجمته بشكل مباشر بل سعت نحو مهاجمة بريطانيا عوضا عن الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما تجلى على لسان مرشد الدولة الإيرانية، علي خامنئي وأكده رئيس مجلس الشورى الإسلامي، علي لاريجاني عندما طلب قطع علاقات بلاده ببريطانيا. ويدلل أوكلي على صحة هذا الاستنتاج عبر الإشارة إلى أن الكثير من القيادات الغربية كانت قد انتقدت ما يجري على الساحة الإيرانية بعد الانتخابات، مثل الرئيس نيكولا ساركوزي الذي اعتبر أن نتائج الانتخابات مزورة.