quot;شهيدة الحجابquot;.. قضية تثير أبعاداً سياسية وأمنية واقتصادية
تداعيات حادث مروة الشربيني تلقي بظلالها المتفاوتة في مصر

تشييع جثمان مروة الشربيني ظهر اليوم وسط دعوات بالتعقل

اعداد أشرف أبوجلالة من القاهرة: وسط أجواء تهيمن عليها مشاعر ممتزجة بين الحزن والغضب في الشارع المصري، لازالت تداعيات وردود الفعل التي رافقت حادث مقتل المصرية المحجبة مروة الشربيني الأسبوع الماضي على يد ألماني متعصب من أصل روسي في مدينة دريسدين الواقعة بشرق ألمانيا، تلقي بظلالها واسعة النطاق داخل المشهد المصري بشكل عام على مستويات عدة. وهو ما أبرزته مجلة quot;دير شبيغيلquot; الألمانية في تقرير خصصته بعددها الصادر اليوم الثلاثاء لمتابعة تداعيات الحادث في القاهرة وبرلين. وفي مجمل حديثها، حرصت المجلة على إبراز حقيقة أن مقتل الشربيني ألقى بظلاله الأمنية والسياسية والدينية وكذلك الاقتصادية على المشهد الداخلي في مصر منذ أن تم الإعلان عن الخبر، وحتى الآن، وربما خلال الفترة المقبلة أيضاً.

في البداية، أشارت المجلة إلى حالة الغضب العارمة التي انتابت المصريين على مدار الأيام القليلة الماضية جراء الإعلان عن خبر مقتل امرأة مصرية حامل بإحدى المحاكم الألمانية، ونوهت المجلة في الوقت ذاته للشعارات التي رددها المشيعون خلال مراسم دفن الشربيني أمس بمسقط رأسها في مدينة الإسكندرية الساحلية، وهم يقولون quot;تسقط ألمانياquot; بعد أن دخلوا في صدامات مع قوات الشرطة. وفي سياق تدليها على حجم موجات الصدمة والغضب التي اجتاحت الشارع المصري، قالت المجلة أن الصحف المصرية أفردت مساحات واسعة لتغطية خبر وفاة الشربيني، 32 عام، التي أطلقوا عليها لقب quot;شهيدة الحجابquot; وأكدوا على أن قاتلها أقدم على فعلته هذه من منطلق كراهيته للإسلام.

مشيعات ينددن بالعنصرية الألمانية خلال جنازة الشربيني أمس

إلى ذلك، جاء حرص المجلة على رصد التداعيات التي خلَّفها الحادث في مصر من زوايا عدة، ففي الوقت الذي تم الكشف فيه عن التخطيط للمزيد من التظاهرات الغاضبة أمام القنصلية الألمانية في الإسكندرية يوم الخميس القادم، أفادت المجلة نقلا ً عن تقارير محلية بأن الشرطة دخلت في مرحلة تأهب واستنفار أمني حيث ستبدأ في الانتشار حول القنصلية من أجل حمايتها من أي محاولة اعتداء على يد المحتجين الثائرين. وفي تطور آخر ذو دلالة وأهمية، تم الإعلان اليوم عن أن مجلس مدينة الإسكندرية يخطط لإطلاق اسم الراحلة quot;مروة الشربينيquot; على أحد الشوارع هناك. وعلى صعيد آخر، طالبت الجمعية الصيدلية المصرية ببدء حملة لمقاطعة الأدوية ألمانية الصنع ndash; وذلك من باب التضامن مع القتيلة لأنها كانت طبيبة صيدلانية، كما أنها كانت لاعبة في منتخب مصر لكرة اليد خلال الفترة ما بين 1992 إلى 1999.

كما كشفت المجلة عن أن أمناء المجلسين الإسلامي واليهودي في ألمانيا، أيمن مُزيّك، وستيفان كرامر، قاما يوم أمس بزيارة زوج القتيلة ويدعي علوي علي عكاز في المستشفى. وعقب الزيارة صرح كرامر قائلا ً :quot; لا يتوجب عليك أن تكون مسلما ً كي تعترض على السلوك المعادي للمسلمين، ولا يتوجب عليك أن تكون يهوديا ً للاعتراض على معاداة السامية. بل يتوجب علينا أن نتحد في مواجهة مثل هذه الأعمال الوحشيةquot;. من جانبه، قال توماس ستيغ، الناطق باسم الحكومة الألمانية، إن ردة فعل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل تجاه هذا الحادث كانت quot;عاطفية للغايةquot;. وأضاف بقوله :quot; إذا تثبَّت وجود دوافع لما يُطلق عليه هاجس كره الأجانب وأخرى خاصة بدوافع عنصرية في تلك القضية، فإن الحكومة تدين ذلك بالطبع بأشد العباراتquot;. فيما وصف فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الشخص الذي اعتدى على مروة بالقاتل، واعتبر القتيلة من الشهداء. لكنه دعا إلى التزام الهدوء، وعبر عن أمله في ألا تؤدي تلك الجريمة إلى إلحاق الضرر بالحوار القائم بين الغرب والإسلام.

وبخصوص إقدام قوات الشرطة الألمانية على إطلاق النار على زوج الشهيدة أثناء تعرضه للطعن أيضاً على يد القاتل الألماني، قال المحققون أن عناصر الشرطة اختلط عليهم الأمر، وظنَّوا أن الزوج هو المعتدي، لذا أصابوه بطلق ناري في أحد قدميه. في حين كشف شقيق الراحلة مروة ويدعى quot;طارقquot; في مقابلة له مع التليفزيون المصري أن الشرطة أطلقت عليه النار بعد أن اعتقدت انه المعتدي لأنه ليس بأشقر اللون. وقد وقعت جريمة قتل الشربيني الدرامية بعد أن لقيت مصرعها نتيجة إصابتها بـ 18 طعنة متفرقة، بعد أن أصدر قاضي باحدي محاكم الدرجة الثانية في دريسدين حكماً بتغريم الجاني مبلغا قدره 750 يورو على سبيل التعويض عما لحق بها من أضرار جراء الإهانة التي تعرضت لها بسبب نعت المتهم لها بأنها quot;إرهابيةquot; ومحاولاته المتكررة لنزع حجابها، الأمر الذي أثار غضب القاتل وفضَّل أن يقوم بتلك الجريمة المشينة التي أودت بحياة القتيلة وأسفرت أيضاً عن إصابة زوجها بجروح بالغة.