تتنوع بين التدخل السريع لفض الأزمات وإسناد مؤسسة الحكم
الكويت: إسناد quot;مهمات ظلquot; ثقيلة لنواف حامل ثقة الأمير

عامر الحنتولي من الكويت:في طول الكويت وعرضها فإن أحدا لا يمكنه ترسيخ الإنطباع بأن الشيخ نواف الأحمد الصباح ولي العهد الكويتي يملك أجندة سياسية خاصة، أو قائمة من الخصوم في السياسة و البرلمان والإعلام أو حتى داخل أسرة الحكم نفسها، بل إن الرجل مذ ظهر على الساحة السياسية محافظا في عقد الستينات الماضي من القرن الفائت كان دمثا ويأسر محدثيه بتواضعه الجم، وهو الأمر الذي أهّله مرارا للإتكاء عليه في مهام خاصة وغير معلن عنها في الداخل والخارج، رغم أن الشيخ نواف الذي اصطفاه أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في العام 2006 وليا لعهده من بين سائر أخوته الذكور، يعد مقلا في الكلام، و زاهدا لأبعد حد في التركيز على صورته الإعلامية، علما أن الرجل وجه فريقه المعاون مرارا الى الإبتعاد عن quot;البروباغندا الإعلامية المثيرة مرارا حين كان يتحرك في مهمات داخلية وخارجية خاصة لا تخصص غالبا وقائعها للنشر، أو التداول.

تقول مصادر عليمة لـquot;إيلافquot; إن الإجتماع الذي جرى أمس لقيادات حكومية وأمنية وإقتصادية بقيادة الشيخ نواف الصباح تحت لافتة مجلس الأمن الوطني، ومرت عليه الصحافة الكويتية مرور الكرام، كان بإيعاز من الأمير الكويتي الشيخ صباح الذي يجد في أخيه الشيخ نواف رجل الثقة لمهام ستوكل إليه في الظل تحصينا للجبهة الداخلية التي أصبحت تحتقن لأي تأزيم عابر بالعلاقة بين الحكومة الكويتية والبرلمان في لعبة الشد والجذب المستمرة منذ سنوات عدة شهدت مرارا استقالة الحكومة وحل البرلمان، وهي صلاحيات دستورية مطلقة للأمير الكويتي الموسوم داخليا وخارجيا بلفظة quot;الحكيمquot; لإسهاماته المتكررة في إطفاء الحرائق السياسية التي اشتعلت في الإقليم خلال العقود الأربعة الماضية، وسط ثناء دولي متنام أهله لنيل لقب عميد الدبلوماسية العالمية حين ظل وزيرا للخارجية حتى العام 2003.

والشيخ نواف الذي دخل الى رحاب الحكومات التي تشكلت منذ نهاية عقد السبعينات الماضي أكثر من مرة وغادرها أكثر من مرة، استقر به المقام في العام 1999 نائبا لرئيس جهاز الحرس الوطني، وهي قوة عسكرية مهمة تعتبر مهمتها الأساس الدفاع عن الداخل الكويتي، إذ كان لها الدور الأبرز حين نجحت لساعات طوال في صد توغل القوات العراقية الغازية عام 1990، جنبا الى جنب مع القوات العسكرية الكويتية التي أخذت على حين غرة بالهجوم العسكري العراقي الذي فاجأ العرب والعالم، علما أن هذا الجهاز العسكري الحيوي لا يزال برئاسة الشيخ سالم العلي الصباح الذي يخضع لفحوصات طبية شاملة في العاصمة البريطانية لندن منذ أكثر من عامين زاره خلالها الأمير الكويتي أكثر من مرة.

بيد أن الشيخ نواف زكي من قبل أمير الكويت في شهر فبراير شباط 2006 ليكون وليا للعهد، وسط ثناء رسمي وشعبي على الإختيار الأميري الذي لقي إجماع البرلمان الكويتي، إلا أن الشيخ نواف منذ تعيينه في هذا الموقع الذي يعني الإنتقال الأتوماتيكي لمسند الإمارة إليه، في حال غياب من أي نوع ndash;لا قدر الله- للأمير الكويتي الشيخ صباح الذي شرح مرارا لمقربين منه التواضع الجم للشيخ نواف، وترفعه عن افتعال الأزمات والأجندات السياسية، وزهده بالمواقع التي تولاها منذ بداية حياته السياسية والوظيفية، كما أن الشيخ نواف أبقى نفسه مرارا بعيدا عنالتجاذبات السياسية الداخلية المرهقة والتي انتقدها أمير الكويت أكثر من مرة في السنوات الأخيرة، إذ أصبحت تلك الإنتقادات الأميرية علامة فارقة في كل الخطابات واللقاءات الأميرية، قبل أن يقرر الشيخ صباح تدريجيا الطلب من الشيخ نواف مساندته في أعباء الحكم بوصفه رجلا للثقة الأميرية المطلقة بشخصيته التي يصعب الإختلاف معها، إلا أن الشيخ نواف كان يشرح بإستمرار للأمير الكويتي أسباب اعتذاره عن بعض تلك المهام، ومنها ما تردد مؤخرا إعتذاره عن قبول تكليفه رئاسة الحكومة الكويتية عبر إعادة صيغة جمع المنصب مع ولاية العهد، وهي الصيغة التي كان معمولا بها في الكويت حتى العام 2003 حين اعتلّت صحة ولي العهد الكويتي السابق الشيخ سعد العبدالله الصباح الذي توفي العام الماضي، وصار وقتذاك من الصعب عليه النهوض بأعباء الحكومة التي جرى فصل رئاستها لمصلحة الشيخ صباح الأحمد الصباح.

تقول مصادر المعلوماتإن الأمير الكويتي الشيخ صباح جس نبض أخيه الشيخ نواف لتولي رئاسة الحكومة في شهر مارس آذار الماضي خلفا للشيخ ناصر المحمد الصباح الذي كان قد استقال من منصبه، وغادر لإجراء فحوصات طبية في إجازة مطولة ظل خلالها بعيدا من الأجواء السياسية في بلاده، وقيل إنه التقى الأمير قبل سفره ووضع مصيره بين يديه وخضوعه المطلق لأمره خلال المرحلة المقبلة، إلا أن الشيخ نواف بعد فترة تفكير ليست طويلة قدم اعتذاره للأمير مبديا ملاحظات وجيهة ضد العبث السياسي المتصاعد في البلاد، ورغبته في عدم التورط فيه في إشارة ضمنية من الشيخ نواف الى التهديد والوعيد الذي مارسته أطراف برلمانية لاستجوابه على قضايا ووقائع يعرف كل أهل الكويت أنه لم يكن على صلة بها، في حين قال الشيخ نواف أيضا ndash; ضمن ما ظل يتردد داخل الكويت- إن الشيخ نواف طلب من الأمير إعطاء فرصة إضافية للشيخ ناصر المحمد على رأس وزارة جديدة، و انتظار شكل وهوية البرلمان المقبل الذي انتخب لاحقا لتلك الإجتماعات في السادس عشر من شهر مايو أيار الماضي.

إلا أنه من الواضح الآن فإن أمير الكويت لا يزال يريد دورا أكبر للشيخ نواف في الدخول التدريجي الى المشهد السياسي عبر جرعات أكبر من الإشتراك في عمل الهيئات واللجان المنبثقة من حلقات القرار الأعلى كويتيا، والنهوض بمهمات خاصة وتكليفات أميرية في الظل في مهام تتراوح بين إسناد مؤسس الحكم بتقارير يومية عن المشهد الداخلي، والتدخل السريع للإسهام في تنفيس المشكلات الداخلية التي تكرر وقوعها في الأوان الأخير على شكل أزمات بين الحكومة والبرلمان، علما أن أمير دولة الكويت كان قد أعلن في شهر مايو أيار الماضي أن برنامج عمل الحكومة والبرنامج سيحظيان برقابة شخصية منه.