غزو الكويت بعثر قواعد اللعبة السياسية في المنطقة الخليجية


الغزو العراقي للكويت.. اعادة تقسيم للفلك الاقتصادي

الكويت استخدمت 50 مليار دولار لمواجهته
23 مليار دولار أضرار الغزو العراقي للكويت


الغزو العراقي شعرة قصمت ظهر الاقتصاديات العربية

في الذكرى التاسعة عشرة لغزو العراق للكويت
عراقيون يحذرون من تكرار مأساة غزو الكويت

مشعل الحميدي من الرياض: كان أوّل قرار اتخذه الرئيس الأميركي، جورج بوش، فور سماعه أنباء الغزو، لحظة وقوعه تقريبًا هو إصدار بيان، يدين الغزو، ويطالب بسرعة الانسحاب، من دون قيد أو شرط؛ وإرسال مجموعة من طائرات ( F-15 )، إلى المملكة العربية السعودية؛ وتجميد كل الأموال، العراقية والكويتية، في المصارف الأميركية؛ وإنشاء لجان دائمة، لمتابعة تطورات الأزمة. وكان تقديره، أنه ليس هناك، أصلاً، ما يمكن التفاوض في شأنه. فإمّا أن ينسحب العراق، من دون قيد أو شرط؛ وإمّا أن يجبر على هذا الانسحاب، بأي وسيلة. وشرع الرئيس بوش، فورًا، يُعِدّ خططه على هذا الأساس.

وعلى الأثر، أخذ برينت سكوكروفت، مستشار الأمن القومي الأميركي، وquot; بويدن جراي Boyden Gray quot;، المستشار القانوني، ومسؤولو الخزانة، يعملون على وضع خطة، لتجميد الأصول العراقية في الولايات المتحدة الأميركية، ومنع أي تعامل مع المعتدي. وبعد اجتياح الكويت، وضع مشروع خطة ثانية، لتجميد الأصول الكويتية؛ للحيلولة دون حصول صدام حسين على أي جزء من استثمارات الكويت في الخارج، المقدرة بمئة مليار دولار. ومن كلتا الخطتَين، انبثقت أوامر تنفيذية طارئة، ليوقّعها الرئيس بوش.

وكذلك، بدأت فرنسا بتجميد الودائع، الكويتية والعراقية. وحذت بريطانيا حذوها، في ما يتعلق بـ 5.4 مليارات جنيه، من ودائع الكويت في المصارف البريطانية، وآثرت الانتظار حتى 4 أغسطس 1990، لتجميد الودائع العراقية. واجتمع مجلس الأمن القومي الأميركي بأسره، في الساعة الثامنة، من صباح 2 أغسطس 1990، في غرفة الاجتماعات. وقال الرئيس بوش للحاضرين، إن عليهم أن يفكروا في عقوبات اقتصادية إضافية. لقد سارع الرئيس الأميركي إلى تجميد الأصول، وقال، بفخر، إنه لا يعتقد أن صدام حسين أو غيره، كان يتوقع مثل هذا الإجراء السريع.

بعد ذلك، أوضح quot; نيكولاس برادي Nicholas Brady quot;، وزير الخزانة الأميركي، أن العراق، سيحصل على أرباح تبلغ 20 مليون دولار، يوميًا، من الإنتاج الكويتي. وإجمالاً، يسيطر العراق، الآن، على 20 % من احتياطيات النفط العالمية المعروفة. ولو استولى صدام حسين على المملكة العربية السعودية، فسيسيطر على 40 % من الاحتياطي النفطي.

واقترح جون سنونو، رئيس هيئة مستشاري البيت الأبيض، محاولة الولايات المتحدة منع العراق من بيع النفط الكويتي، في السوق المفتوحة، وحرمانه كسبًا فوريًا من غزوه الكويت. وقال تشيني، إن تسويق النفط، لا يمكن وقْفه، عادة، بالضغط، الاقتصادي والسياسي. وأوضح quot;جيمس واتكنز James Watkinsquot;، وزير الطاقة، وقائد الأسطول السادس الأميركي السابق، أن العراق، ينقل نفطه، عبْر تركيا والمملكة العربية السعودية، في أنابيب، قد تمثل فرصة مهمة، كأهداف؛ فهي خطوط حياة صدام حسين. فهل يمكن ضربها، جواً؟.

وفي اليوم التالي، الجمعة، 3 أغسطس/آب 1990، اجتمع مجلس الأمن القومي الأميركي، ثانية، في البيت الأبيض، حيث ناقش الحاضرون العقوبات الاقتصادية، والوسائل التي يمكن الإدارة انتهاجها، مع الحلفاء والأمم المتحدة، لإقامة جدار، يعزل صدام حسين. كما ناقشوا تقريرًا لوكالة الاستخبارات المركزية، يرى أن الغزو، يثير تهديدًا للنظام العالمي الحالي، وأن أثره في الاقتصاد العالمي، آجلاً، يمكن أن يكون مدمرًا؛ فصدام حسين عازم على أن يحوّل العراق إلى دولة عربية عظمى، توازن الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي واليابان. وسيطرته على 20 في المئة من النفط العالمي، ستوفر له وسائل أكثر من كافية.

وانتقل محور الاهتمام إلى المعركة حول خطوط أنابيب النفط في تركيا والمملكة العربية السعودية، التي كانت تنقل تسعين في المائة من صادرات النفط العراقي؛ إذ لا بدّ من إغلاقها، لتكون العقوبات الاقتصادية ضد صدام حسين فعالة. وكانت الولايات المتحدة الأميركية، في 3 أغسطس، قد طلبت من كلٍّ من تركيا والمملكة العربية السعودية، وقف تدفقه. وكانت تركيا في منأى، نسبيًا، عن تهديدات صدام؛ نظراً إلى كثرة سكانها، وسهولة الدفاع عن حدودها، وضخامة مؤسستها العسكرية، وعضويتها في حلف شمال الأطلسي. أمّا المملكة العربية السعودية، فإن عدد سكانها ضئيل، وحدودها يصعب الدفاع عنها، ومؤسستها العسكرية صغيرة، كما أنها لا ترتبط بدولة أخرى بروابط أمنية رسمية. ولذلك، لم تكن في مأمن من تلك التهديدات. وفي 5 أغسطس، حذر العراقيون تركيا، من العواقب المحتملة، إذا أغلقت خطوط الأنابيب، المارة فيها. ومع تزايد الضغط على المملكة العربية السعودية، أصبح الجانب الرئيسي، في مهمة تشيني، هو إقناع السعوديين بوقف تدفق النفط العراقي، في مقابل الحماية الأميركية.

فرض عقوبات اقتصادية شاملة ضد العراق

وفي 6 أغسطس/آب 1990، أصدر مجلس الأمن القرار (الرقم 661)، الذي فرض عقوبات اقتصادية شاملة، ضد العراق. واشتمل على أن تمنع جميع الدول ما يلي: استيراد أي سلع أو منتجات، مصدرها العراق أو الكويت، وأي أنشطة، تعزز تصدير أو شحن سلع أو منتجات من العراق أو الكويت، وأي عمليات، بيع أو توريد لأي سلع أو منتجات عراقية أو كويتية، وتوفير أموال أو أي موارد أخرى، مالية أو اقتصادية، لحكومة العراق، واستثنى ما يخص السلع والمنتجات والأغراض، الطبية والإنسانية، والمواد الغذائية.

الحظر الاقتصادي على العراق وآثاره

أدى قرار مجلس الأمن، حظر التعاون مع العراق، إلى الإضرار بالدول، التي كانت ترتبط به بعلاقات اقتصادية قوية. ولا سيما منها تركيا والبرازيل ويوغوسلافيا ورومانيا والأردن وبولندا والصين والهند ومصر وماليزيا وبلغاريا. أمّا حظر التعاون الاقتصادي العام مع العراق، فتضررت منه دول أخرى، وبخاصة تلك التي كانت ترتبط به بعقود لتنفيذ استثمارات أو مشاريع جديدة.
وسرعان ما عمد العديد من الدول إلى حصر خسائرها، الناجمة من التزامها بالحظر المفروض على العراق. وبادرت إلى مطالبة الدول المعنية به؛ وهي دول مجلس التعاون الخليجي، ودول التحالف الغربي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، بأن تعوضها عن تلك الخسائر، التي قدرت، في غالبية الأحيان، تقديراً مبالغاً فيه. فطالبت تركيا بنحو ستة مليارات دولار، على الرغم من أن كل صادراتها إلى العراق، تبلغ 800 مليون دولار. وكذلك، طالب الأردن بنحو 3.5 مليارات دولار، أي ما يوازي دخله القومي كله، تعويضاً عن خسائره من الالتزام بالحظر المفروض على العراق.

أمّا بالنسبة إلى تركيا، فإن المنطقة العربية تمثل أهمية خاصة لها، ليس لاعتماد الاقتصاد التركي على النفط العربي فقط، ولكن لمعايير أمنية وإستراتيجية، كذلك؛ إذ نصت الاتفاقات الدفاعية، بين تركيا ودول حلف شمال الأطلسي، على إمكانية استخدام القواعد العسكرية التركية، في الدفاع عن المصالح الغربية في الشرق الأوسط، بعد موافقة الحكومة التركية.

لقد وضعت أزمة الخليج تركيا، في موقف بالغ الحرج. فإن هي استجابت قرارات الأمم المتحدة، وأحكمت الحصار الاقتصادي على العراق، فسوف تفقد إمدادات النفط وعوائد مرور، في أراضيها، مما سيكون له آثار سيئة في الاقتصاد التركي، الذي انخفض معدل نموه من 8.1%، عام 1986، إلى 0.2%، عام 1989. وإذا لم تؤيد موقف التحالف، فسوف ينعكس ذلك، سلباً، على علاقتها بالدول، الغربية، والعربية المعارضة للاحتلال العراقي للكويت.

وبعدما حصلت تركيا على هذه المكاسب، اتخذت المواقف التالية: إغلاق خط الأنابيب العراقي، الممتد بين كركوك والموصل، وينتهي في الأراضي التركية، في 7 أغسطس 1990. وقف جميع أعمال الاستيراد والتصدير مع العراق، تماشياً مع العقوبات الاقتصادية، التي فرضتها عليه الأمم المتحدة. الموافقة على استخدام القوات الأمريكية لقاعدة أنجرليك، الواقعة بالقرب من الحدود التركية ـ السورية ـ العراقية. إعلان الاستعداد، في 24 أغسطس 1990، لإرسال قوات تركية، إلى أي دولة عربية، تطلب ذلك، لمواجَهة التهديد العراقي.

وهكذا، فإن أزمة الخليج، أتاحت لتركيا العديد من المكاسب الإستراتيجية، إلاّ أنها لم تكن كافية لدفع القيادة التركية إلى الانخراط الكامل في الأعمال القتالية المضادة للعراق، أي المشاركة الفعلية في الحرب. وفي خلال أيام، كان الحشد الأميركي قريبًا من تحقيق هدفه. وأصبح واضحًا، أن الثغرة، التي كانت مفتوحة أمام العراق، يجري إغلاقها، بسرعة. ومن ناحية أخرى، كانت قرارات الحصار الاقتصادي ضد العراق، تتسارع إجراءاتها، إذ عمدت قطع الأسطول الأميركي، تشاركها قطع من الأسطول البريطاني، إلى إيقاف البواخر، الداخلة والخارجة من ميناء البصرة، وتفتشها، وتصادر حمولاتها، بما فيها ناقلات النفط.

ونشطت السفن الحربية تستوقف البواخر والناقلات، بطلقات النار الإنذارية. في الوقت عينه، توقفت أنابيب نقل النفط الثلاثة، التي قدّر العراق، أنها قادرة على حمل نفطه إلى الخليج والبحر الأبيض المتوسط. وكان الخط العابر لسورية، متوقفاً، بالفعل، منذ الحرب العراقية ـ الإيرانية. وفي 7 أغسطس أُغلق الخط العابر لتركيا. وفي 13 أغسطس، توقف الخط العابر للمملكة العربية السعودية. وأصبح نفط العراق ممنوعًا من الوصول إلى الأسواق.

إحكام الحصار الاقتصادي على العراق

وابتداءً من يوم الجمعة، 17 أغسطس 1990، شرعت البحرية الأميركية تعترض السفن التجارية، المتوجهة إلى العراق والكويت، والخارجة منهما، إمعاناً في تضييق الحصار على العراق، وتنفيذًا للعقوبات الاقتصادية. ولم يكن العراق، فيما يبدو، يتوقع منع نفطه ونفط الكويت، مرة واحدة، من الوصول إلى الأسواق؛ لأن ذلك من شأنه أن يحدث نقصًا في العرض، تزيد معه الأسعار، إلى حدود قد تكون جنونية. ولأيام قليلة، بدا أن ما توقعه يوشك أن يقع، إذ ارتفع سعر برميل النفط، بسرعة، من 12 ـ 13 دولارًا إلى 37 ـ 40 دولارًا للبرميل. ولكن الولايات المتحدة الأميركية، تدخلت بخطة، يبدو أنها كانت جاهزة، ومعدَّة للطوارئ.

وتدفقت إلى الأسواق كميات من الاحتياطي الإستراتيجي الأميركي، وطلبت الولايات المتحدة الأميركية إلى حلفائها، أن يفعلوا الشيء عينه. ثم عقدت دول quot;الأوبكquot; اجتماعاً استثنائياً، تقرر فيه عدم الالتزام بحصص الإنتاج السابقة، وإطلاق الحرية للدول المنتجة في ضخ ما تشاء. وكان هذا كافياً للتعويض عن نفط العراق والكويت معاً.

وكانت قرارات تجميد الأرصدة، العراقية والكويتية، في الخارج، قد استكملت كل تفاصيلها. فأمسى العراق عاجزًا عن شراء شيء من العالم، إلى جانب عدم قدرته على نقْل ما يشتريه أو يبيعه للعالم. وفي البحر، أرسلت معظم دول أوروبا الغربية، أو كانت في صدد إرسال سفن حربية، للمساعدة على تشديد الحظر. وفي 25 أغسطس، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار الرقم 665، الذي ينص على دعوة الدول، التي تملك قوات بحرية، quot;وتتعاون مع حكومة الكويتquot;، إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية، لتنفيذ مضمون القرار الرقم 661.

وفي غضون ذلك، علقت دول التحالف آمالها على مظاهرة التضامن الدولي، غير المسبوقة، والحظر الاقتصادي، الذي فرضته الأمم المتحدة. ولسوء الطالع، تبدد الأمل، بسرعة، أن يؤدي التعاون الدولي إلى دفع صدام حسين إلى الانسحاب. وواصل الرئيس العراقي تحديه لأعدائه، وتشديد قبضته على الكويت. وكان مدى جدوى العقوبات الاقتصادية، محور مناقشة، كذلك؛ إذ كان هناك كثيرون ممن يتوقعون، أو على الأقل يأملون، أن يرغم الضغط الاقتصادي صدام حسين على الخروج من الكويت. غير أنه كان هناك آخرون، ممن شككوا في مدى فاعلية الحظر، أو هم رأوا أن التحالف، يمكن أن يتفكك، قبْل وقت طويل من استسلام الرئيس العراقي.

ومن الواضح، أن الحظر كان فعالاً. وبرهنت العقوبات على عزلة العراق، على الساحة الدولية. وحال الحصار بين صدام والوصول إلى الأسواق العالمية، وقضى على المصدر الرئيس الذي يعتمد عليه في الدخل، وهو صادرات النفط، وحرم قواته المسلحة سُبُل الحصول على قطع الغيار، التي تحتاج إليها لصيانة المعدات الأجنبية الصنع.

غير أن فاعلية الإجراءات الاقتصادية الدولية، لم تكن تعني، بالضرورة، أنها يمكن أن تكون حاسمة. فهناك أمثلة تاريخية محدودة، لمعتدين تخلوا عن مكاسبهم، تحت ضغط العقوبات الاقتصادية فقط. إن رفض صدام حسين التعاون مع المجتمع الدولي رفضاً تاماً، على الرغم من هزيمته في الحرب (يناير ـ فبراير 1991)، وعلى الرغم من أن العقوبات، ظلت سارية المفعول، حتى الآن يدعم الرأي القائل، بأن الإجراءات الاقتصادية، وحدها، لم تكن لترغمه على الخروج من الكويت.

الاجتماع السنوي المشترك لصندوق النقد الدولي والمصرف الدولي

وفي الاجتماع السنوي المشترك الخامس والأربعين، لصندوق النقد الدولي والمصرف الدولي، الذي عقد في واشنطن، في الفترة بين 20 و27 سبتمبر 1990 ـ طغت أزمة الخليج على غيرها من القضايا. فتركز البحث، في كيفية توفير التمويل اللازم، لتخفيف حدّة الآثار السلبية، المترتبة على الأزمة، وعلى قرارات الأمم المتحدة، فرض الحصار الاقتصادي على العراق والكويت.

وقد اتفق المديرون، الممثلون لمائة وأربع وخمسين دولة، الأعضاء في مؤسسات بريتون وودز، على quot;الوعدquot; فقط بمساعدة مجموعتَين من الدول. الأولى، دول خط المواجَهة. والثانية، الدول النامية، المتضررة، أساساً، من ارتفاع أسعار النفط، وفقْد تحويلات مغتربيها، ونفقات استيعاب العائدين منهم. وأعلن مدير صندوق النقد الدولي، أنه لا حاجة إلى إنشاء تسهيل نفطي جديد، وإن كان ينبغي زيادة الموارد، والمرونة، والفاعلية. ووافق المصرف الدولي على وضع برنامج طوارئ، للمساعدة، وتسريع تقديم القروض المتاحة؛ مع زيادة الأرصدة، في حال استمرار الأزمة.

وكان من أبرز مظاهر الانقسام، بين الدول النامية، فشل مجموعة الأربع والعشرين ، التي ترأستها إيران، خلال الجمعية العمومية للمصرف الدولي وصندوق النقد، عام 1990، في التوصل إلى إقرار صيغة موحدة للدعوة إلى إنشاء صندوق، لتعويض الدول النامية عن ارتفاع أسعار النفط. وتمكنت الدول المنتجة للنفط من قتل الاقتراح، الذي تقدّم به كلٌّ من الهند وباكستان، من أجل إنشاء صندوق لهذا الغرض، تموله الدول المستفيدة من ارتفاع الأسعار، على أن تستفيد منه الدول المتضررة من هذا الارتفاع.

وطبقاً لتقديرات ميشيل كامديسو، مدير عام صندوق النقد الدولي، فإن الدول النامية، تحتاج إلى 5 مليارات وحدة، من وحدات حقوق السحب الخاصة للصندوق، أي ما يعادل حوالى 7 مليارات دولار؛ من كلٍّ من المصرف الدولي، وصندوق النقد، من أجْل مساعدة اقتصادياتها على تحمّل تبعات الحظر الاقتصادي، الذي فرضته الأمم المتحدة ضد العراق والكويت المحتلة. وبعدما فشلت الدول النامية في الاتفاق على صيغة، لإنشاء صندوق للتعويض، فإن الولايات المتحدة الأميركية، عرقلت أي اتجاه إلى إنشاء صندوق، بمساهمة من مؤسسات التمويل الدولية. واقترح الرئيس الأميركي، جورج بوش، تشكيل quot;مجموعة للتنسيق المالي، لمواجهة أزمة الخليج quot;، من ممثلي عشرين دولة، يمثلون الدول المستفيدة والمتضررة من الأزمة، على السواء. ويكون هدف عمل هذه المجموعة، هو توفير التمويل اللازم، من المصادر المختلفة، وتنسيق التوزيع على الجهات المختلفة، كذلك، تحت رئاسة وزير خزانة الولايات المتحدة الأميركية.

وقدرت واشنطن، أن الموارد المالية، اللازمة لهذا الغرض، تراوح بين 13 و15 مليار دولار؛ وأن القسم الأعظم من المساعدات، يجب أن تحصل عليه مصر وتركيا والأردن، الدول الأكثر تضرراً من المقاطعة الاقتصادية ضد العراق والكويت المحتلة. غير أن مجموعة الدول الأوروبية، اعترضت على أرقام التقديرات الأمريكية، ورأت أنها مرتفعة جداً. واقترحت، بدلاً من ذلك، تخصيص 9 مليارات دولار، لمساعدة الدول المتضررة، على أن يأتي ثلثا هذا المبلغ، من الدول النفطية الغنية، في الشرق الأوسط. أمّا الثلث الآخر، فيأتي من طريق إسهامات، من مختلف أنحاء العالم.

وقد عقدت مجموعة التنسيق المالي لأزمة الخليج، اجتماعاً، على هامش المؤتمر السنوي لصندوق النقد الدولي والمصرف الدولي، لم يسفر عن اتفاق على شيء، سوى مواصلة الاجتماعات حتى يتَّفَق على صيغة، في شأن أرقام المساعدات، وكيفية توفيرها، وتوزيعها على الدول المتضررة. وفي هذا الاجتماع السنوي المشترك، انعكس تمايز البلدان النامية، في تباين مواقفها، بل انقسامها، بوضوح، حول ثلاث قضايا:

1. النفط: إذ انقسمت الدول النامية، بين دول منتجة ودول مستهلكة، تباينت مصالحها، بوضوح، خلال المؤتمر، وإبّان مناقشات مجموعة الأربع والعشرين، التي تمثل الدول النامية، داخل الجمعية العمومية للمصرف والصندوق.

2. الليبرالية الاقتصادية: تمايزت الدول النامية، بين مجموعة حصلت، أو توشك أن تحصل على تذكرة عبور، من رأسمالية الدولة إلى اقتصاد السوق، تدعمها مؤسسات التمويل الدولية، مثل الفليبين وفنزويلا والمكسيك ـ وبين مجموعة أخرى، ما برحت تدافع عن الدور الاقتصادي للدولة، في ظل النظُم الاشتراكية المتعددة الألوان؛ وعلى رأس هذه الدول كوبا وليبيا.

3. الديون: توزعت الدول النامية، بين دول حصلت على بعض الميزات، طبقاً لخطة quot;براديquot;، ودول أخرى، تعاني تفاقم المشكلة، ولا يتأتى لها دعم الآخرين، في اتجاه إجراء حوار جماعي مع الدول الدائنة.

تأثير الأزمة في سوق النفط الدولية

منذ بدأت أزمة الخليج، تأثرت سوق النفط الدولية تأثيراً كبيراً، فارتفعت أسعار النفط، من 16 دولاراً للبرميل، في أقصى ارتفاع حققه، حتى بداية سبتمبر 1990، إلى 40 دولاراً للبرميل في نهاية الشهر عينه؛ مما يذكّر بأسعار النفط قبْل الثمانينيات. ثم أخذت أسعار النفط في الهبوط، حتى أصبحت تدور (خلال الأزمة)، حول 27 دولاراً للبرميل. ويذكَر أن أسعار النفط، لم تتجاوز 14 دولاراً للبرميل، قبْل بدء التهديدات العراقية للكويت والإمارات، في يوليه 1990، بسبب تجاوزهما حصتَيهما من الإنتاج، وما يسفر عنه من تخفيض أسعار النفط، والإضرار بالدول المنتجة الكبيرة الأعباء.

وإزاء الوضع في سوق النفط الدولية، انقسمت quot;الأوبكquot; فريقَين: الأول، يضم دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية؛ وهي حمائم quot;الأوبكquot;، تاريخياً، ومعها فنزويلا. ويضم الثاني ليبيا وإيران والجزائر ومعها العراق، بالتأكيد؛ وهي صقور quot;الأوبكquot;، في أغلب الحالات.

وقد دعا الفريق الأول إلى زيادة الإنتاج، لتعويض النقص فيه وفي العرض، الناجمَين من الحظر المفروض على الصادرات النفطية، العراقية والكويتية؛ ولإيقاف ارتفاع الأسعار إلى مستويات، تقلّل من الميزات التنافسية للنفط، في مواجَهة مصادر الطاقة الأخرى. وأعلنت المملكة العربية السعودية، منذ البداية، أنها سترفع إنتاجها، لإيقاف زيادة الأسعار، سواء وافقت quot; الأوبكquot; على ذلك، أم لا.

أمّا الفريق الثاني، فدعا إلى ربط أي زيادة في الإنتاج، بمبادرة الدول، المستهلكة والمستوردة، الكبرى، الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية، إلى سحب موازٍ من مخزونها، المقدَّر، آنئذٍ، بنحو 99 يوماً من الاستهلاك، و150 يوماً من الاستيراد. فتُحَل مشكلة نقص العرض، الناجمة من الحظر المفروض على العراق، بتضحيات من المنتجين والمستهلكين، ويستقر سعر برميل النفط عند مستوى عادل، وتنافسي مع مصادر الطاقة الأخرى.

وقد عقد، في 29 أغسطس 1990، اجتماع، غير رسمي، ضم عددًا من الدول الأعضاء في quot;الأوبكquot;، اتُّفِق، خلاله، على زيادة الإنتاج، على الرغم من الاعتراض الإيراني، والغياب، العراقي والليبي. وقد زادت المملكة العربية السعودية إنتاجها اليومي، بالفعل، نحو مليونَي برميل، ليصل إلى 7.4 ملايين برميل، مقابل 5.4 ملايين برميل، كانت تنتجها، قبْل الأزمة، طبقاً للحصة المقررة لها من quot;الأوبكquot;. كذلك، زاد كلٌّ من الإمارات وإندونيسيا إنتاجها اليومي، بالترتيب، نحو نصف مليون برميل، 300 ألف برميل. ومن المؤكد أن كثيرًا من الدول، الأعضاء وغير الأعضاء في quot;الأوبكquot;، قد زادت إنتاجها وصادراتها، للاستفادة من ارتفاع أسعار النفط، وقتئذٍ، والإسهام في سد النقص، الناجم من الحظر المفروض على صادرات العراق والكويت معًا. لقد قررت منظمة quot;الأوبكquot;، في نهاية اجتماعها، في 29 أغسطس 1990، تأجيل بتّ التحديد للحصص الجديدة، ليمكن البلدان الأعضاء زيادة إنتاجهم، من دون قيود.

منذ اندلاع الأزمة، طالبت الولايات المتحدة الأميركية، الدول المنتجة للنفط، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، بزيادة الإنتاج، لإيقاف ارتفاع الأسعار. وعلى الرغم من أن المخزون الأميركي من النفط، يبلغ 590 مليون برميل، تعادل 65 يوماً من الاستهلاك الأميركي، ونحو 90 يوماً من الاستيراد ـ فإن الإدارة الأميركية، قاومت، بشدة، الاتجاهات الداعية إلى استخدام المخزون النفطي، آنئذٍ، لإيقاف ارتفاع الأسعار. وقد أدت تطورات أسعار النفط وأسواقه، إلى تحقيق فوائد اقتصادية ضخمة، ومفاجئة، لبعض الدول؛ وخسائر موازية لدول أخرى.

تأثير المقاطعة الدولية في الاقتصاد العراقي

يتضح تأثير المقاطعة الدولية في الاقتصاد العراقي، من خلال تراجع إنتاج قطاع النفط، بنسبة 86%، إذ انخفض من 3.3 ملايين برميل/يوم، قبْل الغزو، إلى أقلّ من نصف مليون برميل/يوم، يكفي الاستهلاك المحلي. وقد ظهرت فاعلية المقاطعة، وتأكد تأثيرها الفوري في الاقتصاد العراقي، من خلال الشهادة المقدمة إلى لجنة العلاقات الخارجية، في مجلس الشيوخ الأميركي، في 5 ديسمبر 1990، التي بيّنت أن المقاطعة، أدت إلى تقليص الواردات، بنسبة 90%، والصادرات بنسبة 97%، ما سبب تمزيق اقتصاد العراق، وعوز سكانه.

وقدرت الحكومة العراقية الخسائر الناجمة عن المقاطعة، لفترة الأشهر الستة الأولى، قبْل بدء العمليات العسكرية، في 17 يناير 1991 ـ بنحو 17 مليار دولار، شملت 10 مليارات دولار، خسائر تصدير النفط، و5.1 مليارات دولار، خسائر توقف الإنتاج المحلي، ومليار دولار زيادة نفقة الإنتاج؛ و700 مليون دولار، خسائر تأخير مشروعات التنمية؛ إضافة إلى 1.3 مليار دولار، خسائر أخرى. وتُعَدّ هذه الخسائر غير مهمة، إذا ما قورنت بالدمار اللاحق بالعراق، من جراء العمليات العسكرية، عام 1991.

أمّا أعباء الديون العراقية الخارجية، فقد قدِّرت، حتى نهاية عام 1990، بما يعادل 86 مليار دولار. منها 35 ملياراً للحكومات والمصارف الغربية؛ و11 ملياراً للاتحاد السوفيتي، وأوروبا الشرقية؛ و40 ملياراً للبلدان العربية. وصنفت الحكومة العراقية الأرصدة، المقدمة من بلدان الخليج، خلال الحرب ضد إيران، منحاً. كما أوضحت موقفها هذا، جلياً، للأمم المتحدة، حينما أعلنت quot;أن إجمالي ديون والتزامات العراق الخارجيةquot;، يبلغ، كما هي في 13 ديسمبر 1990، 13.1 مليار دينار عراقي، أو ما يعادل 42.1 مليار دولار. حتى إذا قُبِل هذا الرقم المنخفض، فستقدَّر الالتزامات الفعلية، عند رغبة العراق في دفع هذا الدين، خلال خمس سنوات، بما يعادل 75.1 مليار دولار، أو 126% من الإيرادات النفطية الصافية للفترة من 1995 ـ 1999.

إن تعامل الدائنين مع الديون العراقية، وأسلوب جدولتها، وتخفيضها، والطرق المعتمدة في استبدال أصول ملكية بالديون ـ ستؤثر جميعها في حجم العملات الأجنبية، التي سيتاح للعراق التصرف فيها؛ واستطراداً، ستتحدد آفاق انتعاش اقتصاده.

وأظهر العراقيون قدرة على التأقلم مع أوضاعهم المعاشية الجديدة، فنسوا مذاق الأرز الأميركي، واعتادوا أرزاً من مناشئ جديدة، وهو الغذاء الأساسي، اليومي، للأُسرة. وألفوا الخبز الأسود، بل أحبوه، وصاروا يتحدثون عن ميزاته الصحية ضد السكر والسمنة وضغط الدم وأمراض القلب. وحين شح وقود السيارات، ابتكروا أساليب غريبة للحصول عليه، إذ عزلوا الوقود عن الغاز السائل، من بقايا قناني الغاز في المنازل.

تأثير الأزمة في سوق المال العالمية

تأثرت أسواق الأوراق المالية الكبرى في العالم، تأثراً كبيراً بأحداث الخليج، إذ أدت تداعياتها، من ارتفاع أسعار النفط، وحشد القوى العسكرية، من بعض الدول، الغربية والعربية، في مواجَهة الجيش العراقي ـ إلى حالة من القلق، بين المستثمرين وأصحاب الأسهم، نظراً إلى أن أي مواجهة عسكرية، سوف تسفر، على الأرجح، عن انخفاض إمدادات النفط للغرب انخفاضاً كبيراً، وارتفاع أسعاره إلى مستويات، لم تبلغها من قبل، بما لذلك من آثار سلبية في الاقتصاديات الرأسمالية الكبرى، المستوردة للنفط، ومن ثم معدلات الربح.

بل أدى ارتفاع أسعار النفط إلى حدودها وقتئذٍ، إلى تخفيض معدلات ربح المؤسسات والشركات، التي يسهم النفط بدور مهم في أعمالها. وأدت حالة القلق والمخاوف، بين المستثمرين وأصحاب الأسهم، إلى تذبذب كبير، في اتجاه الهبوط في البورصات العالمية الكبرى، مثل بورصات نيويورك وطوكيو ولندن وفرانكفورت وباريس، حيث ازدادت حركة التخلص من الأسهم، بالبيع، بينما انخفضت حركة الشراء، مما أدى إلى انخفاض أسعار الأسهم. وقدرت الخسائر الاسمية في قيمة الأسهم، في بورصة نيويورك، حتى يوم 26 أغسطس 1990، بنحو 550 مليار دولار، مقارنة بقِيمتها، في 17 يوليه 1990، أي أنها فقدت، خلال هذه الفترة المحدودة، نحو 17% من قِيمتها. وكذلك، تأثرت البورصات العالمية الكبرى بأزمة الخليج. وكانت أسعار الأسهم في بورصة طوكيو، هي الأكثر انخفاضاً، مقارنة ببورصة لندن، نظراً إلى كثرة استهلاك اليابان للطاقة. من ناحية أخرى، شهدت العملات الحرة الكبرى تذبذباً كبيراً. فراوح الدولار بين الصعود والهبوط تبعاً لترجيح احتمالات المواجهة العسكرية أو تبديدها.

أمّا الين الياباني، فإن قِيمته هبطت، تجاه العملات الحرة الأخرى، نظراً إلى أن اليابان تعتمد، في كل حاجتها، على النفط. كذلك، تأثر المارك الألماني الغربي، والفرنك الفرنسي، سلباً، وإن كان تأثرهما أقلّ من تأثير الين الياباني. أمّا الجنيه الإسترليني، فقد كان العملة الرئيسة، التي تأثرت، إيجاباً، من جراء أزمة الخليج؛ إذ إن بريطانيا مصدرة كبرى للنفط، وهي تستفيد، اقتصادياً، من ارتفاع أسعاره، في المدى المباشر على الأقل.

الانعكاسات الاقتصادية الدولية لأزمة الخليج

حظي الجانب الاقتصادي لأزمة حرب الخليج بتغطية صحافية واسعة النطاق، عربية ودولية، طغى عليها الدوافع الاقتصادية إلى الحرب، والانعكاسات المباشرة على أسواق النفط والمال، وما يتصل بتمويل الحرب، من نفقات وأعباء، والتوقعات المتضاربة حول كفاية العقوبات الاقتصادية، وحدها، لإنهاء الغزو، بالمقارنة باختيار العمل العسكري، وغير ذلك، من قضايا ذات اتصال مباشر بتداعياتهما.

غير أن اللافت، أن الغزو العراقي للكويت، وحرب تحريرها، أديا إلى مؤثرات هائلة في أسواق النفط والمال، خلال فترة إدارة الأزمة، أي إبّان ستة أو سبعة أشهر فقط. في حين يبدو، في الظاهر على الأقل، أن حرب الخليج، لم تفضِ إلى تغيّر كبير في المسار المتوقع لسوق النفط، على المدى الأطول. فارتفع سعر برميل النفط، من نحو 18 دولارًا للبرميل، قبيل الأزمة، إلى نحو 40 دولارًا، في أكتوبر 1990. بيد أنه ما لبث أن هبط. ولم يعد إلى الارتفاع لسوى ساعات قليلة، بعد انفجار حرب تحرير الكويت مباشرة، في 16 يناير 1991، ليسجل نحو 30 دولاراً، غير أنه سرعان ما انخفض.

أمّا تذبذب أسواق المال، ذات التأثير الشديد بالحرب، وبالعوامل السياسية عموماً، فكان أقل حدّة، حتى إن بورصة الأوراق المالية، في نيويورك، حققت ثاني أعلى مكسب لها في التاريخ، اليوم التالي لحرب الكويت.

لم تقتصر أزمة الخليج على ذلك، بل تعدته إلى التأثير في quot;هيكل الاقتصاد العالميquot;، الذي تجلّى في الظاهرتَين التاليتَين: الظاهرة الأولى، تتعلق بالمضامين الاقتصادية للنتائج الإستراتيجية للأزمة عموماً. واتسمت بسمتَين: أولاهما نشوء موجة عالية من التسلح، في منطقة الخليج، بعد الغزو العراقي للكويت، قد تستمر لفترة من الزمن. والترجمة الاقتصادية البارزة لهذه الموجة، تتصل بإحداث زيادة كبيرة للحاجات المالية لدول الخليج. لن يمكن إشباعها، إلاّ بالمحافظة على مستوى مرتفع من كميات النفط المصدرة، بما يحد كثيراً من مرونة العرض، في الوقت الذي اتسم فيه الطلب على النفط بقدر كبير من المرونة.

أمّا ثانيتهما، فتخص توازن القوى الاقتصادية بين الدول الكبرى. فعلى الرغم من إسهام معظم الدول العربية الكبرى، عسكرياً أو مالياً، في التحالف الدولي، المناهض للغزو العراقي، فإن الولايات المتحدة الأميركية، خرجت من حرب تحرير الكويت بميزات أكثر، خاصة في منطقة الخليج نفسها. والترجمة الاقتصادية لهذه السمة، تمثلت في ميل دول الخليج إلى التمييز، سياسياً، في مصلحة، الولايات المتحدة الأميركية، في صدد توجهات التعاون الاقتصادي الدولي.

أمّا الظاهرة الثانية، فتخص دور العرب في الاقتصاد العالمي. إذ تدل المؤشرات على أن انهيار مكانة العرب الدولية، عقب الغزو العراقي للكويت، قد مثل إشارة البدء بعملية إقصائهم، شبه المبرمجة، عن الاقتصاد العالمي، ولا سيما قطاع المال.

وكان التقرير الاقتصادي العربي الموحد، عام 1991، قد قدر الآثار السلبية المباشرة للأزمة، بما يراوح بين 600 و800 مليار دولار. ودقق التقرير، في عدده التالي، عام 1992، فوضح أن التقدير هو 676 مليار دولار. ومعنى ذلك أنه إذا أضيفت الخسائر الاقتصادية، غير المباشرة، للأزمة، إلى مجمل هذه الخسائر، وشمل تقدير الخسائر عديداً من النواحي، مثل الدمار، وإهدار الثروات الخاصة للعاملين العرب، في الكويت والعراق، ونفقات التعويضات الخاصة، والأعباء المالية المفروضة على العراق، مقابل نفقة تنفيذ قرارات مجلس الأمن ـ فإنه لا يكون ثمة مبالغة في تقدير مجمل الخسائر، بنحو تريليون دولار.