أشرف السعيد من الكويت: حلت الذكرى التاسعة عشرة للغزو العراقي على الكويت والذي وقع في 2 أغسطس عام 1990، وتمخضت عنه نتائج وخيمة وسلبية على المنطقة العربية عامة والخليجية خاصة. واليوم وبعد مرور 19 عاماً على ذكرى الغزو لا تزال هناك بعض التساؤلات عن إمكانية العيش في سلام بين البلدين حكومة وشعباً في ظل الدعوات التي تظهر بين الحين والآخر. وهل محا الشعب الكويتي آثار الغزو من ذاكرته أم أنها زادت مع التصعيد الإعلامي؟ ولو تنازلت الكويت عن بعض الديون هل ستتحسن العلاقات بين البلدين؟ وماهي التدابير والإجراءات المطلوبة من الجانبين لنزع فتيل الأزمة الحالية بين الجارتين؟ وماهو دور السياسيين والحكماء والمفكرين لتحسين العلاقات ودفعها للأمام؟

هذه التساؤلات وغيرها طرحناها على بعض السياسيين والمتخصصين الكويتيين وكان الأتي:

في البداية يقول د. يعقوب الكندري عميد كلية العلوم الإجتماعية في جامعة الكويت سابقا والخبير الإجتماعي: فى علم السياسة لا يوجد صديق دائم أو عدو دائم، ولكن توجد لغة المصالح التي تحكم هذه القضية بين البلدين وإن كان هناك نقطة مهمة وهي أن نلتفت لها ونضعهافي الإعتبار والقضية هي قضية ثقة، فضلا عن أن تاريخ العلاقات بين البلدين شهد عدة أحداث مهمة فمنذ أن نشأ التكوين العراقي وحتى وقتنا الراهن هناك كثير من الإشكاليات وإفتعال الأزمات من الجانب العراقي ومنذ عام 1913 تقريبا وبعد توقيع إتفاقية بين بريطانيا والدولة العثمانية ndash;آنذاك- كان العراق له بعض المطالب في جزيرتي وربة وبوبيان الكويتيتين، وحدثت بعدها حوادث مثل حادثة quot;الصامتة quot;وبعض الإعتداءات الحدودية والمطالبة بضم الكويت منذ عهد عبدالكريم قاسم إنتهاء باحتلال العراق الغاشم للكويت في مثل هذا اليوم-2أغسطس 1990-.

وتابع quot;وحاليا توجد حكومة ديمقراطية في العراق ولكن هناك بعض الأصوات داخل البرلمان العراقي تتحدث عن هذه القضايا والأمور، وأرى أن المشكلة بين البلدين هي أزمة ثقة على الصعيدين الحكومي والشعبي.

ومن جانبه قال د.يوسف الزلزلة وزير التجارة والصناعة الأسبق quot;إذا إنشغلنا بمجموعة من الخلافات السياسية وغيرها بلا شك لن نتجه بإتجاه التنمية بل باتجاه عدم الإستقرار السياسي وهذا ما لا نرغبه في الكويت وكذلك أشقائنا في العراق، وفي ضوء ذلك أعتقد إعتقادا جازما أن الحكماء في الحكومة العراقية ومن خلال تصريحاتهم المستمرة والمتتالية يدفعون بضرورة تطبيق العراق لجميع قرارات الأمم المتحدة، أما الأصوات التي نسمعها بين الفينة والأخرى فبلا شك إنها من بقايا حزب البعث الذين هم أنصار صدام حسين والذين خسروا مواقعهم بعد موت صدام.

وتابع quot;أتمنى من الأخوة السياسيين فى الكويت على مستوى أعضاء مجلس الأمة والحكومة ألا ينجروا للرد على هذه الأصوات حتى لا نزيد النار حطبا لأننا بنهاية الأمر نرغب في أن يكون المستقبل السياسي للبلدين مستقبلا مزدهرا مبنيا على أسس الإستقرار السياسي، والنوايا الصادقة بين الحكومتين الكويتية والعراقية.

أما الباحثفي الإجتماع السياسي د.محمد العجمى فيعتقد أنه من الممكن التعايش في سلام بين الشعبين والبلدين المتجاورين، بل التعاون بين الجانبين لأن كلا منهما يحتاج الى الآخر، فالكويت بحاجة الى جار قوي آمن تكون معه علاقات سياسية وإقتصادية تنطلق من علاقات إجتماعية متينة، والعراق يحتاج الى علاقة جيدة ومتينة مع الكويت لتسيير أموره السياسية وتحسين صورته أمام المجتمع الدولي ويمكن من خلال هذه العلاقة بين البلدين تطويرها الى آفاق أرحب وأوسع مع دول مجلس التعاون الخليجي الست وإنضمامه إليه أو على الأقل التعاون مع الثنائي مع دول الخليج.

وتابع quot;وستظل ذكرى الغزو نقطة سوداء في تاريخ العلاقات بين البلدين مع ربطها بالنظام الصدامي وليس ربطها بالشعبين وإلا تكون مصيبة، وللآسف ورغم وجود الإمكانية للتعاون بين البلدين والشعبين والحاجة والمصلحة لذلك ومع ذلك هناك من يعكر صفو العلاقة بين الجانبين والصورة ليست وردية بشكل كبير بينهما، وأحّمل السياسيين والحكماء والمفكرين مسؤولية ذلك ولابد من علاقة جيدة وتجاوز التحديات.

وأضاف quot;أما بالنسبة إلى التعويضات والديون المستحقة للكويت على العراق فهي حق قانوني وشرعي، وأعتقد أنه من مصلحة الكويت حكومة وشعبا أن تدعم وتساهم في تنمية العراق، وإن كانت الكويت ساهمت بدعمه ومن مصلحة الجانبين أن يوافق البرلمان الكويتي على التنازل ولو بجزء من الديون أو كلها ليسحب بذلك البساط من تحت أقدام من يعكر الصفو والأجواء بين البلدين والشعبين، ولكن قانونيا الأمر متروك للبرلمان الكويتي والإلتزام بقرارات الأمم المتحدة .

وأعرب العجمي عن تفاؤله على المدى البعيد وأن البلدين يحتاجان الى وقت طويل لعلاقة جيدة، ومتوقعا أن تشهد الفترة القادمة تصعيدا وربما تتفاقم الأزمة ولكن لن يصل الى حد التصادم العسكري، ولكن سيكون هناك فقاعات إعلامية وتوتر في الأجواء.