عامر الحنتولي- إيلاف: لم تعلق الحكومة الأردنية علنًا على النتائج التي أفرزتها الإنتخابات الداخلية في حركة فتح، بقيادة رئيس الحركة المنتخب مجددًا محمود عباس المقرب من الدولة الأردنية بشدة، على الرغم من الملاحظات النقدية المتبادلة بين عمان ورام الله خلال الأِشهر الأخيرة على خلفية لافتات وعناوين سياسية فضفاضة تخجل عمان وفتح من تبادل وجهات النظر بشأنها، إلا أن حلقات قرار أردنية عليا لا تكتم غبطتها بالنتائج المتحققة حتى الآن، والإرتياح لإبتعاد عناصر فتحاوية تحمل رواسب سياسية قديمة في طيات موقفها من الأردن.

بيد أن مسؤولاً أردنيًا أبلغ quot;إيلافquot; الليلة الماضية أن الغبطة الأردنية الرسمية تبدو متوفرة أكثر في الشق المتعلق بتعزيز قوة الرئيس أبومازن داخل الحركة التي عانت التوهان السياسي، والإرتجال خلال السنوات القليلة الماضية التي أعقبت الوفاة الغامضة للرئيس الفلسطيني الراحل اسر عرفات قبل نحو خمس سنوات، التي أثرت كثيرًا على الأداء السياسي لحركة فتح، والإتهام لقادتها بإخفاء الحقائق بشأن تلك الوفاة، قبل أن يفجر القيادي في فتح فاروق القدومي الشهر الماضي القنبلة السياسية الضخمة بإعلانه أنه يملك وثيقة لمحضر لقاء بين عباس وقادة إسرائيليين اتفقوا خلاله على التخلص من عرفات، وهو ما أحدث انشقاقًا كبيرًا داخل فتح، أحرج الأردن بشدة على اعتبار أن تصريحات القدومي كانت عبر الحاضنة الأردنية.

وعلى الرغم من تطوع عمان لإصدار بيان رسمي نفت فيه بشدة علمها المسبق بما سيقوله القدومي إنطلاقًا من عمان، أو أن تكون قد سهلت مؤتمرًا صحافيًا لم يكن بالمعنى الدقيق أكثر من لقاء منزلي له مع بضعة إعلاميين أردنيين، إلا أن رام الله أخذت على خاطرها من عمان، الى درجة أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس حضر الى عمان الشهر الماضي من دون أي جلبة لإجراء فحوصات طبية لعيونه وقلبه في مشافي أردنية، إلا أنه لم يلتق أي مسؤول أردني بإستثناء الإستقبال والوداع البروتوكولي، لكن جهات أردنية تعتبر أن زيارة عباس تلك لم تكن رسمية بتاتًا، وأن أبا مازن اعتاد في الأوان الأخير على مباغتة عمان بزيارات طبية كان يتمنى خلالها على الحكومة الأردنية عدم الإنتباه لوجوده، وأن تعفيه من اللقاءات الرسمية التي يمكن أن تتسبب بإرباك للأجندة الرسمية العليا، وتنوه أكثر من جهة أردنية أنه لا قطيعة مطلقًا بين عمان ورام الله وأن عباس سيلتقي العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في أقرب فرصة ممكنة.

في موضوع ذي صلة علمت quot;إيلافquot; أن رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس خالد مشعل قد طلب عبر قنوات دبلوماسية من الحكومة الأردنية الموافقة على قدومه زائرًا للأردن خلال شهر رمضان المبارك، بعد غياب عشر سنوات عن عمان منذ إبعاده عنها عام 1999 في إطار خلاف بين الحركة والحكومة الأردنية قاد الى تجميد النشاطات السياسية والإعلامية للحركة منذ ذلك الحين، إلا أن الحكومة الأردنية لم ترد بالرفض بل اعتبرت أن زيارة مشعل لو تمت في الوقت الراهن فإنها ربما تقرأ في سياقات سياسية تحرج الأردن، في إشارة ضمنية الى الإنقسام الفلسطيني وعدم بلورة أي مصالحة وطنية حتى الآن مع حركة فتح، وكذلك سوء الفهم مع حركة فتح التي قد تقرأ تقاربًا أردنيًا حمساويًا الآن بأنه إنحياز أردني ضدها، وهو ما يخالف نهج الإعتدال الأردني، والوقوف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية الفلسطينية، إذ لا تعترف عمان بخطوة حركة حماس للسيطرة على قطاع غزة في العام 2007.

يشار الى أن العام الماضي شهد تقاربًا بين حركة حماس والأردن عبر الزاوية الأمنية حين إرتجل الفريق محمد الذهبي مدير جهاز الإستخبارات الأردني الأسبق نهجًا للإنفتاح مع الحركة من دون إذن المرجعيات العليا في إطار المناكفة السياسية مع خصوم لنهجه في مواقع سياسية أخرى، إلا أن حركة فتح ودولاً في الإقليم اعتبرت خطوة المخابرات الأردنية بأنها طعن للتنسيق وتطابق المواقف، كما أن حركة حماس استغلت الإرتجال الأردني للتقارب معها في إطلاق مزاعم سياسية توحي بوجود ترتيبات إقليمية لشطب حركة فتح وإحلال الحركة الإسلامية بديلاً عنها في المشهد السياسي الجديد، وهو ما أحرج صورة الأردن بشدة في عيون حلفائه وشركائه السياسيين، إلا أن العاهل الأردني قام لاحقًا بإقالة مدير المخابرات العامة الفريق محمد الذهبي لإقدامه على خطوات مخالفة للنهج السياسي الأردني.